بقلم الكاتب الصحفي خالد عيسى – السويد
ليست القرابة وحدها التي جمعتني مع ابن قريتي الشجرة ناجي العلي ، جمعتنا المهنة ، وبعض السياسة ، وسخرية بالوراثة كنا نتجاذب أطرافها في اللقاءات الكثيرة التي جمعتنا وأحيانا فرّقتنا بين بيروت والكويت وقبرص ولندن .
وان كانت بيروت التي كان لها نصيب ” السبع ” وليس الأسد التي جمعتني مع ناجي في ” السبعينيات ” ، وهي المرحلة الذهبية في مسيرة ناجي الذي جعل من صباح جريدة السفير اللبنانية صباحا عربيا يقرأ السفير من صفحتها الأخيرة ، ويرى المواطن العربي وجهه في “قفى ” طفل ناجي ” حنظلة ” الذي يدير ظهره لهذه الأمّة لترى صورتها فيه .
في بيروت ؛ لم يكن منزلي يبعد عن مبني جريدة السفير في ” نزلة ” السارولا ” كثيرًا ، وبحكم الجوار صار ناجي هو من يحدد ماذا نطبخ على الغداء ، فهو مقيم في صيدا ويعمل في بيروت ، وبحكم القرابة ” المكانية ” والعائلية صار “بيتي” في بيروت ” بيتنا ” ، وفي هذا الـ ” بيتنا ” لي حكايات طويلة مع ناجي ماتزال تقفز من الذاكرة من حين لآخر .
وان كنا عائلة مشاكسة بالوارثة ، فقد تقاسمت أنا وناجي هذه المشاكسة عن طيب خاطر ، ولم أكن أدري ان هذه المشاكسة ستطلق الرصاص على ناجي في شوارع لندن بعد سنوات من افتراقنا سافر خلالها ناجي الى الكويت وبعدها الى لندن .
كنت في قبرص عندما اغتيل ناجي ، وكان جاري في بيتي بقبرص شقيق زوجة ناجي الزميل أحمد نصر ” ابو نبيل “
كنا نسكن في نفس الدور من بناية في العاصمة القبرصية نيقوسيا ، حين اتصلت زوجة ناجي بشقيقها ، وأخبرته عن الحادث ، ليعيد الجوار مع ناجي جواره من جديد في قبرص هذه المرة ولكن بغياب ناجي .
لم ينج ناجي من ريشته التي لم يستطع أحد نتف ريشها الا بالقتل !
من قتل ناجي العلي ؟
لعل الاجابة أكثر وجعا من موت ناجي ، وان كانت بلاغة الصمت أكثر فصاحة من ثرثرة الكلام ، ألوك صمتي هذا الصباح في ذكرى اغتيال ناجي .. الريشة التي لم تنفذ بريشها !
ناجي هو ضميرنا الذي رفض أن يكون ضميرا مستترا كما فعلنا نحن مع الأسف !