رأي يكتبه المحلل السياسي ضرغام هلسة تحت عنوان (معركة التحدي من أجل البقاء والطموح / الشباب الاردني انموذج )
الشباب الأردني ومنذ بدء الصراع في المنطقة وعليها
اصطف إلى جانب الحق والحقيقة
فكانوا من أوائل من ثاروا ضد الاستبداد العثماني
وطالبوا بإقامة الدولة العربية الواحدة وشاركوا في الموتمر السوري الاول لإعلان قيام الدولة السورية الواحدة والذي تضم كل أركانها الممزقة الان لبنان وسوريا الحالية والأردن وفلسطين و لم يستثنى من فكرهم العراق والكويت
وعندما أعلن البلاشفة المنتصرين في ثورتهم واعلموا قيام الاتحاد السوفياتي كشفوا عن سر تقسيم بلادنا تحت مسمى اتفاقية سايكس بيكو
وتصدى الشباب الأردني رغم تدني مستواهم التعليمي لهذه المؤامرة الكبرى
والشاهد على هذا التاريخ كيف انطلق الشباب الأردني تاركين خلفهم محاريثهم ومناجلهم والرعاة أطلقوا اغنامهم وأبلهم تهيم في الصحراء وهبوا هبة واحدة للمشاركة في معركة ميسلون دفاعا عن عاصمتهم دمشق الشام تحت قيادة وزير دفاع المملكة السورية الموحدة الشهيد يوسف العظمة وهم يجدون بصوت واحد
شدوا على الركايب
يا اخواني لاتونوا
على ديار الحبايب
سوريا يا وطنا
وعندما اشتدت المؤامرة ورسمت حدود التقسيم للوطن الواحد
تصدى بعض شيوخ ووجهاء القبائل الأردنية وبينهم نخبة من الشباب المتعلم وعقدوا الموتمر الوطني الاردني الاول
فكان هذا الموتمر يلبي طموح كل الأردنيين جميعا
في المدن والقرى والبوادي
وعندما استيقظ المستعمر البريطاني ليرى هذه الصحوه الشعبية
أدرك خطورة دور الشباب المتعلم والمثقفين في قلب موازين الرأي العام لمصلحة الوحدة والحرية
وقرر يوم ذاك مستر تشرشل وزير المستعمرات البريطاني باستيعاب هؤلاء المثقفين في إدارتهم الجديدة للبلاد وهظمهم في تشكيلهم الجديد
واخذ بعين الاعتبار هذا الطموح المشروع للعلم فبداء ابتعاث أبناء زعماء ووجهاء القبائل الموالية لهم إلى بريطانيا لنيل تحصيل علمي عالي لكي يعودوا للبلاد كركائز اجتماعية وعلمية وإدارية لاستمرار وجودهم وتنفيذ مشروعهم الاستراتيجي المرتبط بوعد وزير خارجيتهم أرثر جيمس بلفور
وبالمقابل انطلق نوعية من الشباب الأردني الدارسين في سوريا ومصر والعراق
لتشكيل أطر وطنية تناهض المستعمر ومشروعه في ترسيخ التقسيم وسلب فلسطين من أهلها
فشاركوا في تأسيس الحركة القومية والتقدمية العربية مثلما شاركوا في البدء بحزب الاستقلال العربي
ولأن أبناء الفلاحين الفقراء كانوا محرومين من التعليم العالي لعدم وجود الجامعات محليا لتأهيلهم وضيق ذات اليد في تحمل مصروفات ابناءهم وهم كثر لأن الانجاب كان كان خصبا الضرورات الحياة الاجتماعية آنذاك لتوفير الغزوة والأيدي العاملة لمواجهة صعوبة الحياة آنذاك
الا أن المنقذ جاء على يد الطلائعين
من المثقفين الاوائل اللذين امنوا بالفكرة القومية والتقدمية واستطاعوا من خلال شبكة علاقاتهم العربية والدولية
بفتح أفاق التعليم العالي للشباب الأردني وخاصة من أبناء الفلاحين فأصبحت المنافسة في التعليم إنقاذ لشبابنا من غول الفقر والجهل والتخلف
ففتحت ابواب الجامعات المصرية القومية والسورية والعراقية ولاحقا الجزائرية واليمنية على الصعيد العربي
كما فتحت أبواب الجامعات السوفياتية وبقية دول المنظومة الاشتراكية لاستيعاب مئات الآلاف من الطلبة الأردنيين فتشكل لديناكم كبير من المتعلمين والمثقفين المؤثرين في الواقع الاجتماعي الاردني وتشكيل الرأي العام الأردني بروحية الانتماء القومي واحترام إرادة الإنسان
فتصدت منظومة الحكم في بلادنا لهذه الاندفاع العلمية الكبيرة في أوساط الشباب فأبدعت طريقتها الإنسانية في إعاقة تحصيلهم العلمي عبر حجز جوازات سفرهم ومنعهم من العمل في القطاعين العام والخاص وإعاقة اي مسعى لهم لتأسيس مشاريعهم الخاصة
واستمر هذا الحال بكل ما فيه من ظلم استبدادي
إلى أن بداء النظام السياسي يجني ثمار مناهج التعليم التدميرية التي تم إقرارها بعد عام 1970
والتوسع في فتح الجامعات الحكومية والخاصة والتي أسسها جيل مثقف من أردنيين وفلسطين ومصريين وسوريين وعراقيين فحافظت الجامعات على منتجها التعليمي الجيد إلى أن بدأت الجامعات الرسمية بإرسال مبعوثيها المنتقين على مسطرة سياسة النظام لدراسة الدكتوراة والعودة كمدرسين في الجامعات
فكان حظنا كبيرا بمجموعة من المشوهين فكريا وقيميا من خريجي الجامعات الأمريكية الاكثر رداءة
وصعود تيار الإسلام السياسي كمنتج مهم نتيجة للعبث في مناهج وزارة التربية والتعليم
نعم استطاع النظام السياسي أن يغطي على نسب البطالة في المجتمع من خلال منع بعض الخريجين من البلدان القومية والاشتراكية تحت بند تحزبهم المعارض للنظام وشرعت ابواب العمل لكل خريج لا أبالي واخر همومه الوطن والامه
وبدأت أفواج الخريجين من اللذين يحملون الشهادات العليا ولكن لايملكون العلم اطلاقا
ومع كل التشوهات في الهيكل الاقتصادي الاردني برزت البطالة كمعضلة رئيسية تواجه الخريجين الشباب ولحتى هذه اللحظة لم نشهد اي فعل رسمي لحلها بعد أن كانت حلولها تتم عبر التشغيل في بلدان الخليج ودول النفط العربي
والان بعد انسداد الآفاق أمام الكثير من الخريجين لعدم وجود فرص عمل تتناسب مع مؤهلاتهم
وسرقة حقوقهم المشروعة من خلال الواسطة والمحسوبية في التوظيف
اجد من الضروري أن تتحول ثقافتنا الوطنية إلى ثقافة إنتاجية وليس خدماتيه وان نعتمد سياسة الاقتصاد الحافي شعبيا
فما أجمل أن تكون مهندس ومزارع أو معلم صف وراعي غنم
إلى حين تغيير هذا الواقع المر ولكي يعرف شبابنا المتعلم بأن مشكلتهم ليس مع ذويهم الفقراء لأنهم لا يملكون واسطةبل ماذا يعني الوطن وما هو دور الدولة فيه ويعرفون حقيقة أن في بعض الظروف قد تكون الدولة لا تعني الوطن
ويشمروا عن سواعدهم لينالون حقوقهم كاملة غير منقوصة من حفنة سرقت الوطن والدولى وكل وظائفه وتركت اغلب الشعب سيبحث عن واسطة لتشغيل أبنائهم فأنت ونصيبك لمن تتذلل وتتذيل لبعض نوابهم أو وزرائهم من أجل تشغيل ابنك الخريج كاتب في دائرة أو حارس ليلي على مبنى أو مستخدم بعقد في مشاريع خاصة لا تستطيع من خلالها أن ترسم ملامح مستقبلك
أفلا يستحق هذا الأمر منا التفكير المعمق من أجل مواجهة مخاطره
لكي لا يبقى شبابنا في العراء
وفي النتيجة سيقبلون بكل مأرق أو متآمر يستر عريهم ولو كان ذلك على حساب وطنهم وكرامتهم



















