نصر أكتوبر الكبير عبور من مشهد انكساري الى مشهد انتصاري
أمل رأفت - القاهرة
تصادف اليوم ذكرى حرب أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان كما تعرف في مصر أو حرب تشرين التحريرية كما تعرف في سوريا أو حرب يوم الغفران كما تعرف في إسرائيل.
وهي حرب شنتها كل من مصر وسوريا في وقتٍ واحدٍ على إسرائيل عام 1973 وهي خامس الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948 وحرب 1956 وحرب 1967 (حرب الستة أيام) وحرب الاستنزاف (1967-1970).
وكانت إسرائيل في الحرب الثالثة قد احتلت شبه جزيرة سيناء من مصر وهضبة الجولان من سوريا، بالإضافة إلى الضفة الغربية التي كانت تحت الحكم الأردني وقطاع غزة الخاضع آنذاك لحكم عسكري مصري.
ويكتمل هذا الشهر مرور 50 عاما على انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، وهي خامس الحروب العربية الإسرائيلية، والحرب التي حرب شنتها كل من مصر وسوريا في وقتٍ واحدٍ على إسرائيل عام 1973، إبان عهد الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات.
وبدأت الحرب يوم السبت 6 أكتوبر 1973، الموافق 10 رمضان 1393 هـ، بتنسيق هجومين مفاجئين ومتزامنين على القوات الإسرائيلية؛ أحدهما للجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة وآخر للجيش السوري على جبهة هضبة الجولان المحتلة، وبمساهمات بعض الدول العربية سواء بالدعم العسكري أو الاقتصادي.
حرب السادس من أكتوبر 1973
كانت إسرائيل في حاجة لمثل هذه الصفعة المصرية المباغتة لتشفى وساوسها من هلاوس الغرور، فلقد كانت هذه الحرب الخالدة ومن قبلها صفعات الاستنزاف القاصمة هي الوحيدة التي وضعت إسرائيل في حجمها الطبيعي قبل أن يصل العرب إلى مرحلة التهويل من شأنها والتهوين من شأنهم، إنها حرب يوم الغفران وهى الحرب التي شنتها مصر على قوات الكيان الصهيوني وليس على المدنيين العزل من النساء والأطفال والشيوخ وكانت حرب تحرير واسترداد كرامة وتوكيد على ثقة المصريين في قدرتهم.
بدأت الحرب في 6 أكتوبر 1973 وهو يوم لم ولن تنساه إسرائيل وقد امتدت حتى السادس والعشرين من أكتوبر 1973 ودارت على الجبهتين المصرية والسورية بعد الحرب صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 338 بدأت الحرب بهجوم مفاجئ من قبل جيشي مصر وسوريا على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان.
وتمثل هذه الحرب إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي لاسترداد شبه جزيرة سيناء والجولان التي سبق أن احتلتهما إسرائيل، وكانت المحصلة النهائية هي تدمير خط بارليف وعبور قناة السويس ومن ثم استرداد سيناء وأمكن لمصر أن تنتصر رغم التحصينات الإسرائيلية بامتداد خط بارليف عندما تولى السادات رئاسة الجمهورية 1971 وقدم لمبعوث الأمم المتحدة جونار يارينج شروطا لتسوية سلمية بين مصر وإسرائيل وأهمها انسحاب إسرائيل لحدود 4يونيو 1967 ورفضتها إسرائيل لم يبق غير خيار الحرب بقناعة مصرية سورية وكانت المفاجأة صاعقة للإسرائيليين.
وحقق الجيشان المصري والسوري الأهداف المرجوة من وراء الحرب عمل وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر وسيطًا بين الجانبين ووصل إلى اتفاقية هدنة لا تزال سارية المفعول بين سوريا وإسرائيل.
بدلت مصر وإسرائيل اتفاقية الهدنة باتفاقية سلام شاملة في «كامب ديفيد” 1979 وكان من النتائج الأخرى لهذه الحرب تحطم أسطورة أن جيش إسرائيل لا يقهر غير أنه من اللافت أن إسرائيل تلقت توقعات من جهة عربية بأن مصر وسوريا ستوجهان ضربة مباغتة لإسرائيل وأنها ستكون في الخامس من أكتوبر فدعت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير بعض وزرائها لجلسة طارئة في تل أبيب غير أن الوقت لم يمهلها لاستدعاء الاحتياط وكان قادة الجيشين المصري والسوري قد حددوا الثانية ظهرا موعدا لبدء الهجوم وهو موعد لا يمكن توقعه عسكريا.
في مذكراته التي جاءت بعنوان "البحث عن الذات"، أرخ الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، بطل الحرب والسلام، ذكريات حرب أكتوبر، فقد تمت طباعة الكتاب لأول مرة فى أبريل عام 1978، وصدرت له طبعة ثانية فى أكتوبر بذات العام، ونشر الكتاب بأكثر من 13 لغة أهمهم الإنجليزية والفرنسية والعبرية واليابانية.
خداع السادات لإسرائيل
يقول السادات في مذكراته: حينما بدأت أفكر في وضع التخطيط الاستراتيجي للمعركة كان أمامي عدة أشياء أولها الأساس الاستراتيجي الذي أبني عليه الخطة.
وذكر: في حياة عبد الناصر كنت أقول له على سبيل المبالغة إننا لو أخذنا حتى عشرة سنتيمترات في سيناء، ووقفنا فيها لم تنسحب فسوف يتغير الموقف شرقاً وغرباً وكل شيء، وخاصة المهانة التي كنا نعيشها نتيجة هزيمة سنة 1967، فهذا العبور إلى سيناء والصمود بها سيعيد إلينا ثقتنا بأنفسنا.
وأضاف: هذا إلى جانب أننا سنكون قد انتهينا من أكبر عائق مائي في تاريخ الحروب، لأن شواطئ القناة مصنوعة من الحجر، وهناك أيضاً الساتر الترابي الذي يبلغ ارتفاعه 17 متراً، وبناء على هذا وضعت توجيهي الاستراتيجي.
وذكر السادات: قلت للقوات المسلحة في أواخر فبراير سنة 1973، إن الذى يكسب الأربعة وعشرين ساعة الأولى سوف يكسب الحرب كلها، ولذلك فلابد من أن يعتمد الأداء والخطة على عمل من شأنه أن الأربعة وعشرين ساعة الأولى كسب.
واستطرد: ومن ضمن الخداع الاستراتيجي الذى قمت به أنه كان في زيارتي وزير خارجية دولة أجنبية فقلت له وكنا في سبتمبر 1973 "بلغ رئيس جمهوريتك بينك وبينه ما يطلعش السر ده بره إلى ذاهب إلى الأمم المتحدة في أكتوبر القادم . . بس مش عاوز أعلن هذا".
وتابع السادات: كنت أعلم أن هذا الخبر بعد ثوان سوف يصل إسرائيل، وقد حدث وبناء عليه فهمت إسرائيل أنى غير مقدم على الحرب.
وأردف: كنت فى حالة استرخاء تام، ففى أغسطس من نفس السنة فعلت نفس الشيء، وكان رد الفعل في إسرائيل هو نفس ما صنعوه في مايو، فأعلنوا التعبئة العامة.
وأضاف السادات: ولذلك عندما سئل موشى ديان بعد حرب أكتوبر لماذا لم يعلن التعبئة في أكتوبر، قال إن السادات قد دفعني إلى هذا مرتين مما كلفى فى كل مرة عشرة ملايين دولار دون جدوى، فلما جاءت المرة الثالثة ظننت أنه غير جاد، مثلما حدث في المرتين السابقتين، ولكنه خيب ظنى.
أول خدع حرب أكتوبر
روى الإعلامي أحمد فايق، حكاية طرد الخبراء الروس من مصر قبل حرب أكتوبر 1973، والتي تُعد أول خدعة في خطة الخداع الاستراتيجي لحرب أكتوبر المجيدة.
وقال "فايق": "8 يوليو 1972، يوم عجيب جدًا لأنه فيه كل حاجة وعكسها بالضبط، في اليوم ده استقبل الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وزير الدفاع الروسي أندريه أنتونوفيتش جريتشكو، وكان استقبالًا ضخمًا، كما استقبله الرئيس السادات بمنزله في تمام الساعة السابعة مساءً، وفي تمام الساعة الحادية عشرة مساءً، كان هناك عشاءً بمنزل وزير الدفاع المصري آنذاك".
وأضاف "فايق"، أن هذه الشواهد تدل على أن هناك علاقة قوية بين مصر والاتحاد السوفيتي، وفي نفس اليوم تم استدعاء السفير السوفييتي بالقاهرة وإبلاغه بطرد الخبراء الروس من أرض مصر.
وتابع أن هناك 20 ألف خبير روسي تم إرسالهم لمساعدة الجيش المصري في حرب الاستنزاف، وهو الأمر الذي سبب إزعاجًا كبيرًا للولايات المتحدة الأمريكية، لافتًا إلى أن الأمريكان استقبلوا الخبر على إنه هدية أو منحة من الرئيس السادات، أما السوفييت فاستقبلوا الخبر على أن هناك صفقة بين "السادات" والأمريكان.
وأوضح: "في حقيقة الأمر، الرئيس السادات ضحك عليهم كلهم، لأن طرد الخبراء الروس كان جزءًا من خطة الخداع الاستراتيجي لنصر أكتوبر 1973".
كيف خدع السادات إسرائيل بالسفر إلى أسوان ليلة حرب أكتوبر؟
قال اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية وأحد أبطال حرب أكتوبر، إن القوة العربية كانت أحد أهم الأسلحة في انتصار حرب 73، مشيرا إلى أن التكاتف والقوة والتضامن كان طريق النصر العظيم.
وأضاف خلال لقائه مع الإعلامي، حمدي رزق، أن القوة هي محور الحركة في الحرب، لافتا إلى أن المشكلة العربية هي استمرار التماسك والقوة.
وأشار إلى أن بعد 30 يونيو بدأ تحديث القوات المسلحة على نمط حرب أكتوبر، مبينا أن أسلوب التدريب والإعداد تغير تمام في حرب أكتوبر وتم تسميتها معركة الأسلحة المشتركة الحديثة.
ونوه بأن الجميع توقع حدوث خسائر كبيرة بالقوات المسلحة حال عبور قناة السويس، لافتا إلى أن العبور أحدث فجأة للجميع لصعوبة العبور والحرب على طول المواجهة.
وتابع أن الحرب الوسيلة الوحيدة لوقف نمو أي دولة، مشددا على أهمية الاستعداد والتأهب لمواجهة أي أزمات تفرض على الدولة في ظل التحديات والأزمات التي يشهدها العالم منها الحرب الروسية – الأوكرانية كذلك ما تم فعله في مواجهة الإرهاب.
ورأى أن الفضل في انتصار أكتوبر 73 يعود للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، نتيجة التخطيط والاستعداد بفكر مختلف للحرب وإنشاء أكاديمية ناصر العسكرية خاصة بعد الأخطاء في حرب اليمن، منوها بأنه أنشأ مجلس الدفاع الوطني عام 1968 وهو المجلس المسؤول عن تخطيط السياسة العسكرية المصرية كل 10 سنوات مع المتغيرات الحديثة.
وتحدث الغباري، عن سر صيحة الله أكبر، قائلا: «كل الضابط والجنود في لحظة واحدة نطقوا الله أكبر فور رؤية الطيران الحربي المصري يحلق في السماء»، مؤكدا أنه كان وقت حرب أكتوبر برتبة نقيب في الفرقة الثانية، وأنه شعر بقيام الحرب قبل وصول التكليف والموعد الرسمي لها بأيام، كما أن الشعب المصري هو بطل حرب أكتوبر بعد المعاناة الشديدة التي عانى منها طيلة هذه السنوات حتى تحقق النصر.
وأشار إلى أن من ضمن الخداع الاستراتيجي من قبل الرئيس السادات قبل حرب أكتوبر، ذهابه إلى أسوان لتمويه العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية وبعدها ذهب وزير خارجية أمريكا الأسبق هنري كيسنجر إلى الرئيس السادات في أسوان، في الفجر، إلا أن الرئيس لم يقابله إلا الساعة 8 صباحا بعد أن استيقظ منه نومه وكانت كلمة السادات له عندما رأه «عايز إيه؟»، وهي الليلة التي كانت مصر ستعلن القضاء على إسرائيل في الحرب وطالبه بسحب القوات المصرية وكان يبحث عن التفاوض وإنقاذ إسرائيل بعد أن تكبدت الخسائر من القوات المصرية في أول أيام الحرب.
كيف حطم الجيش المصري أسطورة خط بارليف
قال الفريق أسامة المندوه، أحد أبطال حرب أكتوبر وصاحب كتاب خلف خطوط العدو، إن إسقاط الطائرات الإسرائيلية في شهر يونيو عام 1970 كانت لحظة فاصلة داخل القوات المسلحة المصرية، مشيرا إلى أن عملية عبور قناة السويس، كانت معقدة جدا وفقا لما أثبتته الدراسات.
وأضاف أن إسرائيل روجت لاستحالة عبور خط بارليف، قائلا:" إسرائيل قالت لو الجيش المصري حاول يعبر القناة، 50% من قواته سيتم تدميرها".
وأشار إلى أنه تم عبور قناة السويس، بـ 5 فرق مشاه على طول المواجهة بـ 160 كيلو، موضحا أنه تم عبور 180 ألف جندي في اليوم الأول من الحرب، وخسائر القوات المسلحة في هذا اليوم لم تتخط 100 جندي.
مصر وسوريا في وجه إسرائيل.. هل كانت غولدا مائير ستصدهما بالنووي؟
على الرغم من أن الطرفين عد كل منهما نفسه منتصرا، إلا أن حرب عام 1973، كانت حدثا خطيرا، هز إسرائيل بعنف إلى درجة جعلتها بحسب تقارير، تهدد باستخدام السلاح النووي.
حرب 6 أكتوبر أو "حرب يوم الغفران"، هي أكبر مواجهة حقيقية عسكرية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، بدأها الجيشان المصري والسوري بقوة وخططا لها بإحكام، وشاركت بها مفارز قتالية من العراقيين والأردنيين والليبيين ومغاربة وجزائريين، علاوة على مشاركة عدد من الطيارين الباكستانيين.
اخترق المصريون والسوريون في تلك الحرب المفاجئة الدفاعات الإسرائيلية، ونجحوا في الأيام الأولى في تحرير مناطق محتلة في سيناء وهضبة الجولان، ووجدت إسرائيل نفسها لأول مرة في مأزق كبير.
لم تتوقع القيادة الإسرائيلية الهجوم العربي المتزامن على الجبهتين على الرغم من أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كانت على علم بعمليات إعادة الانتشار للقوات المصرية والسورية، علاوة على تلقيها تحذيرات من هجوم محتمل أكثر من مرة.
أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أخطأت في تقديراتها ولم تنجح في معرفة ما يدور على الجبهتين بسبب المنافسة بين جهازي الموساد والاستخبارات العسكرية، وبينهما والقيادة السياسية أيضا التي استهانت بقدرة العرب على المبادرة، ناهيك عن إمكانية اقتحام الخطوط الدفاعية الإسرائيلية التي اعتقد أنها عصية تماما.
في الأيام الأولى من "حرب يوم الغفران"، حقق الجيش المصري نجاحات كبرى مفاجئة، ونجح بسهولة في اختراق التحصينات الإسرائيلية على خط بارليف، كما تقدم الجيش السوري في هضبة الجولان المحتلة، ما خلق وضعا خطيرا للإسرائيليين إلى درجة أن تقارير ذكرت أن رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، "كانت على استعداد للأمر باستخدام أسلحة الدمار الشامل المتاحة لجيش الدفاع الإسرائيلي".
رواية أخرى تطرقت للمأزق الإسرائيلي حينها بالقول إن الهزائم الإسرائيلية الأولية في ساحة المعركة بلغت درجة خطورتها أن رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير أمرت في 9 أكتوبر بوضع الطائرات الإسرائيلية والصواريخ المحملة بأسلحة نووية في حالة تأهب، وأن الأمريكيين حين اكتشفوا هذا الأمر سارعوا إلى تلافي مثل هذا التطور الخطير ببناء جسر جوي ونقل كميات هائلة من الأسلحة التقليدية إلى الجيش الإسرائيلي بما في ذلك 72 طائرة "فانتوم" و"سكاي هوك"، علاوة على 200 دبابة من طراز "باتون"، وصواريخ "تاو" ومدفعية ثقيلة.
رواية ثالثة أفادت بأن السوريين تلقوا تحذيرا بأنهم إذا عبروا الأردن فإن الجيش الإسرائيلي سينفذ ضربة نووية على العاصمة دمشق.
إسرائيل بعد أن شنت في يونيو عام 1967 حربا مفاجئة استمرت 6 أيام، وتمكنت خلالها من احتلال الضفة الغربية لنهر الأردن وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان، اعتقدت أن جيرانها لن يجرؤا على مهاجمتها وأنها منيعة وجيشها لا يقهر.
حرب 6 أكتوبر 1973، أسقطت الأساطير الإسرائيلية عن قوتها الذاتية، فما كان من وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت هنري كيسنجر إلا أن أبلغ الرئيس المصري أنور السادات بأن الولايات المتحدة لن تتسامح مع هزيمة إسرائيل، وأن القاهرة إذا أرادت الحصول على استثمارات أمريكية فعليها أن تتصرف بطريقة مختلفة تماما!
في تلك الأثناء توفرت الظروف المناسبة واستردت إسرائيل أنفاسها وتمكنت من القيام بهجمات مضادة أعادت خلالها السيطرة على أجزاء من المناطق المحتلة التي كانت فقدتها على الجبهتين. تدخل الكبار وتوقفت الحرب.
الإعلام العبري ينشر قصة ضابط إسرائيلي أسره الجيش المصري خلال حرب أكتوبر 73
نشر موقع "i24 News" الإسرائيلي قصة ضابط إسرائيلي يدعى يعكوف دور قال إنه وقع في الأسر بيد القوات المصرية خلال حرب أكتوبر 1973.
وزعم الضابط يعكوف دور أنه تعرض للضرب بصورة متواصلة وتم وتعليقه من ساقه وهو مصاب.
وفي تصريحاته للموقع الإسرائيلي قال يعكوف: "لم أتحدث عن الأسر على مدار عشرين عاما واكتشفت لاحقا إصابتي باضطراب ما بعد الصدمة وخلال الفحوصات أخرجت ذكرياتي الدفينة من الأسر".
وأضاف يعكوف دور أنه وقع في الأسر خلال خدمته في موقع "الرصيف البحري" في حرب أكتوبر 1973، حيث صرح بأن قرار الاستسلام جاء رغم أن معقلهم صمد أكثر من أي معقل آخر جانب القناة.
وأفاد الضابط بأنه قبل يومين أو ثلاثة من استسلامهم أخبرهم الطبيب أن الضمادات لديهم أوشكت على النفاذ، مما يعني أنه في حال أصيب جندي إضافي لن تكون هناك إمكانية لعلاجه، مشيرا إلى أن المصابين لم يحصلوا على شيء لتخفيف معاناتهم.
وعن قرار الاستسلام للقوات المصرية، ذكر دور أنه اتخذ بعد مناقشات مع القيادة وقرروا الاستسلام عن طريق الصليب الأحمر والذي اتضح له لاحقا أنه كان بعلم الحكومة، مشيرا إلى أن قرار الاستسلام لم يكن مسألة بسيطة.
وصرح الضابط بأنه وفي اليوم العاشر رفعوا الراية البيضاء ومن ثم نقلهم الجيش المصري بالقوارب عبر القناة، ثم أحضروا حافلة فخمة للغاية.
وروى دور كيف تعرضوا للضرب بصورة متواصلة وهم بطريقهم إلى القاهرة وكانت عيناه مغطيتان، حيث قال "لقد ضربونا بلا نهاية وبدون تمييز، طوال الطريق إلى القاهرة".
وتابع قائلا "وصلنا إلى مكان بدا لي كمحطة قطار، احتوى القطار على العديد من المقصورات وهناك عادوا وضربونا باستمرار دون رحمة، والأمر الأسوأ والأكثر إيلاما هو سماعنا لهم يقتربون منا ويتنقلون من غرفة إلى أخرى.. معرفة حقيقة أنهم قادمون إليك تؤلمك أكثر بكثير من الضرب".
وأفاد بأنهم طرحوا عليه أسئلة تتعلق بالدبابات ولم يكن لديه أدنى فكرة عن الموضوع، ولم يسبق له أن كان على متن دبابة في حياته، ولم يقترب منها، مضيفا "لم أعرف بماذا أجيب أو ماذا أقول.. لقد علقوني من ساقي، وربطوا ساقي بالسقف، وبدأت بالنزيف.. تحاول أن ترفع رأسك بطريقة ما.. إنه أمر مريع.. لم يكن الضرب لانتزاع معلومات منا".
وروى دور كيف كانت حين يطلبون شرب الماء، حيث زعم أن الماء كان يسكب على الأرض حتى يقومون بلعقه.
وقال إن الأمر الأصعب هو المعاناة النفسية التي خاضوها وهو لا يعرف ما سيحدث.
وذكر في تصريحاته أن المصريين استمروا بالقول إنهم فازوا بالحرب واحتلوا إسرائيل، وأنهم ألقوا القبض على ديان وغولدا، متابعا بالقول: "حاولت إقناع نفسي كل الوقت بأن هذه المقولات خرافات وأنها غير معقولة، رغم ذلك فكرت للحظة أن كلامهم صحيح، والسبب عدم معرفة ما إذا كان لديك مكان يمكنك العودة إليه، أو هل هناك من سيعتني بك".
وقال إن تجربة الأسر استمرت من يوم الجمعة حتى السبت، مبينا أنهم عاملوهم بشكل مختلف إلى حد ما عن الآخرين.
أردف بالقول "لقد حرصوا على تركنا أحياء لأننا استسلمنا عبر الصليب الأحمر، تحررت يوم السبت، أخذونا إلى المطار، حيث تجمعنا، أطلقوا سراحنا من كل القيود وقالوا لنا الآن ستعودون، هذا هو الطريق، هيا اصعدوا إلى الطائرة".
وروى دور أنه وحتى يومنا هذا، ما زال يشعر أنه في الأسر وأن هذه النقلة ليست سهلة.
كما روى الضابط أنه وبعد عودته إلى إسرائيل نقل إلى مركز إعادة التأهيل في زخرون يعكوف وسط إسرائيل والذي اكتشف أنه يشبه مركز التأهيل يشبه غرفة التحقيق بعد أن كان محاطا بالأسوار وقاموا باستجوابهم وانتزاع المعلومات منهم.
وقال دور: "تلقينا العديد من التحذيرات ومنعنا من الحديث واحدا مع الآخر.. كمواطن منضبط لم أتحدث مع أي شخص عن الأسر منذ عشرين عاما".
وأضاف "فقط بعد عشرين عاما، عندما تلقيت رسالة من وزارة الأمن تكشف عن تعرض الأشخاص الذين كانوا في الأسر إلى اضطراب ما بعد الصدم (PTSD) حينها لم أكن أعرف ماذا تعني هذه الكلمات، عرضوا علي المجيء والخضوع إلى الفحوصات، بعد ذلك فهمت أن ما حدث هو معي هو أنني دفنت مرحلة الأسر في عقلي الباطن، وأكملت حياتي مع كل القيود التي لم أربطها بالأسر".
واختتم تصريحاته بالقول إنه وخلال إجراء الفحوصات أخرجوا كل الذكريات الدفينة وعرضوها أمامه ليحلها.
الكشف عن سر الخلاف بين مصر وسوريا على موعد حرب أكتوبر
كشف الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، سر الخلاف بين مصر وسوريا على موعد حرب أكتوبر 1973.
وقال أبو الغيط: إن إسرائيل وصلت لها أنباء أن العملية العسكرية المصرية ستكون 6 مساء لكي تكون الشمس خلفهم، وأن سوريا كانت تريد الضربة فجرا لكي تكون الشمس في وجه إسرائيل لكي تعبر القوات السورية.
وأوضح أنه بعد التشاور بين مصر وسوريا على مستوى القيادة العسكرية، تم الاتفاق على توقيت بدء الحرب.
وأضاف: "البحرية المصرية كانت بمدمرتين وغواصة وقوارب وصواريخ كانوا موجودين وخدعناهم أنهم ذاهبين لباكستان للصيانة ولكن الحقيقة توجهوا لميناء عدن كقاعدة للعمليات".
قال أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط إن وزير الحربية الراحل الفريق أول أحمد إسماعيل أكد باجتماع 30 سبتمبر 1973 أن القوات المسلحة جاهزة ولكننا الأضعف لأن أمريكا تدعم إسرائيل.
وأوضح أحمد أبو الغيط قائلا: "الرئيس الراحل أنور السادات في اجتماع 30 سبتمبر 1973 طلب من الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية شرح الوضع الحالي"، متابعا: "الرئيس السادات قال في اجتماع 30 سبتمبر 1973 إن مسئوليتي تحتم علي خوض القتال وتدمير خط باريف..والفريق أول أحمد إسماعيل أكد في اجتماع 30 سبتمبر 1973 أننا سندمر خط باريف".
وأضاف أبو الغيط: "الفريق أول أحمد إسماعيل أكد في اجتماع 30 سبتمبر 1973 قدرتنا على الصمود أمام الضربة المضادة، وأكد أننا سنذهب لعملية سياسية بعد الحرب، وطلب من السادات إصدار توجيه للقتال"، مردفا: "كل الموجودين في الاجتماع أصابهم قلق من حديث السادات، والرئيس السادات أكد أن قرار الحرب مسئوليته التاريخية أمام شعبه وسيمضي فيها، ولم يعترض أحد في الاجتماع على قرار الرئيس السادات".
وأكد أبو الغيط أن "الرئيس السادات لم يعلن في الاجتماع تاريخ الحرب"، مستطردا: "وزير التموين طلب من الرئيس السادات في الاجتماع مدة من 3 إلى 6 شهور وتمويل مالي لتوفير احتياجات الشعب".
إسرائيل تكشف عن ملف سري بشأن الجيش المصري
يواصل أرشيف الجيش الإسرائيلي الكشف عن آلاف الوثائق والسجلات عن الفشل الاستخباري الذي سبق حرب أكتوبر 1973 ضد كل من مصر وسوريا.
وبدأت إسرائيل منذ مطلع شهر سبتمبر الجاري نشر مجموعة شاملة من آلاف الوثائق والصور والتسجيلات ومقاطع الفيديو، مما يوفر نظرة متعمقة على الطريقة التي تم بها التعامل مع الحرب والفشل الاستخباراتي الكبير الذي سبقها.
وفيما تم رفع السرية عن الكثير من البروتوكولات والوثائق المتعلقة بعملية صنع القرار قبل وخلال حرب 1973 على مدار السنين، أصبحت مجموعة المواد بأكملها متاحة للجمهور، باستثناء عدد قليل من الملفات التي لا تزال سرية.
وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن موقع إنترنت مخصصأ – هو حاليا باللغة العبرية فقط – يعرض الآن حوالي 3500 ملف أرشيف تحتوي على مئات الآلاف من الصفحات، و1400 وثيقة ورقية أصلية، و1000 صورة، و750 تسجيلا، و150 دقيقة من المداولات الحكومية، وثمانية مقاطع فيديو. استغرق تحميل المواد عامين ونصف عام من العمل.
وقالت المسؤولة عن الأرشيف روتي أبراموفيتش: "هذه نظرة شاملة على قصة الحرب، التي أثرت على جميع مناحي الحياة في إسرائيل. هذا هو أكبر كشف قام به أرشيف الدولة على الإطلاق".
وتوفر بعض الوثائق سجلات للمداولات التي جرت بين رئيسة الوزراء آنذاك جولدا مئير وقادة الأمن في الأيام والساعات التي سبقت شن سوريا ومصر الحرب المنسقة في 6 أكتوبر 1973، بينما كانت إسرائيل تحيي يوم الغفران.
ولم تتوقع إسرائيل تنفيذ الهجوم ضدها على الرغم من العلامات الصريحة التي أشارت إلى أن الجيشين يستعدان للغزو، معتقدة أنه في أعقاب هزيمة مصر قبل ست سنوات في حرب "الأيام الستة" – حرب عام 1967، فإن القاهرة لن تهاجم إلا إذا اكتسبت أولا القدرة على شل سلاح الجو الإسرائيلي.
وأوضحت إحدى الوثائق العائدة لحرب "يوم الغفران" – التسمية العبرية لحرب أكتوبر – إن رئيس المخابرات العسكرية إيلي زعيرا قال لمئير قبل يوم من بدء الحرب، إن التقييم السائد هو أن جاهزية إسرائيل تنبع بشكل أساسي من الخوف منا… أعتقد أنهم ليسوا على وشك الهجوم، ليس لدينا دليل. من الناحية التقنية، هم قادرون على التحرك. أفترض أنهم إذا كانوا على وشك الهجوم، فسنحصل على مؤشرات أفضل.
وفي تقييم آخر بعد ساعات، كرر زعيرا ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي دافيد إليعازر موقفهما القائل بأن سوريا ومصر تخططان على الأرجح لعدوان محدود أو حتى مجرد نشر قوات دفاعية.
وأضاف إليعازر: "لا بد لي من القول، لا يوجد لدينا دليل كاف على أنهم لا ينوون الهجوم. ليس لدينا مؤشرات قاطعة على أنهم يريدون الهجوم، لكن لا أستطيع أن أقول بناء على المعلومات أنهم لا يستعدون".
وفي صباح اليوم التالي في الساعة 7:30 صباحا – قبل 6.5 ساعات من بدء الحرب – قرأ السكرتير العسكري لمئير برقية ليلية لرئيسة الوزراء من رئيس الموساد تسفي زمير، يشير فيها إلى أن الحرب مسألة ساعات.
ثم ركزت المناقشة على ما إذا كان ينبغي شن ضربة استباقية، كما فعلت اسرائيل في حرب عام 1967 قبل أن تتمكن الجيوش العربية من تنفيذ خطة هجومها.
لكن وزير الدفاع موشيه ديان قال: "لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بتوجيه ضربة استباقية هذه المرة، من منظور دبلوماسي. في الوضع الحالي، حتى قبل خمس دقائق أمر مستحيل".
ووافقته مئير الرأي وقالت إن "ضربة استباقية هي أمر مغر للغاية، ولكن نحن لسنا في عام 1968. هذه المرة، العالم سيكشف عن وجهنا القبيح. لن يصدقونا".
سؤال آخر طُرح هو ما إذا كان ينبغي تسريب أن إسرائيل كانت على دراية بالهجوم الوشيك من أجل منع حدوثه.
وقال الوزير يسرائيل غاليلي، الذي لا تزال الجملة التالية التي قالها سرية، إن "مصدر تسفيكا (زمير) يقول إن بالإمكان منع الحرب من خلال تسريب هذه المعلومات. تسفيكا يقترح القيام بذلك".
وأعرب الوزير يجال ألون عن تأييده لتسريب دراية إسرائيل بمخطط الهجوم لوسائل الإعلام قبل جلسة لمجلس الوزراء كان من المقرر عقدها في ظهر اليوم نفسه. لكن مئير أيدت فقط تسريب المعلومات للدبلوماسيين الأجانب، وانتهى بها الأمر إإلى طلاع السفير الأمريكي كينيث كيتنغ على المعلومات بعد أن قال ديان: “ينبغي علينا السير بحذر، حتى لا تكون هناك حالة من الذعر".
وطلبت مائير من كيتنغ خلال لقائهما نقل رسالة إلى مصر مفادها أن "ليس لدينا شك في أننا سننتصر، ولكننا نريد أن نعلن أننا لا نخطط لهجوم، ولكننا بالطبع مستعدون لصد هجومهم".
وعندما سأل كيتنغ ما إذا كانت إسرائيل ستضرب بشكل استباقي، أجابت مئير بأنها لن تفعل ذلك، “على الرغم من أن ذلك كان سيجعل الأمر أسهل بكثير بالنسبة لنا".
وبعد يوم من وقوع الهجوم – وهو ما فاجأ إسرائيل لأنه حدث في وقت أبكر مما كان متوقعا – اعترف ديان لمئير وألون بأن تقييماته كانت خاطئة.
وقال: "كان لدينا تقييم يستند إلى الحرب السابقة، وكان غير صحيح. لقد كانت لدينا ولآخرين تقييمات خاطئة حول ما سيحدث في أثناء محاولة عبور قناة السويس".
وبعد أيام فقط، بعد أن اقتنعت واشنطن بأن إسرائيل لم تكن هي التي بدأت الحرب، قامت الولايات المتحدة بتوفير الأسلحة، حيث قالت مئير: "هناك قرار من حيث المبدأ لـ [لرئيس الأمريكي ريتشارد] نيكسون بشأن [الطائرات الحربية] الفانتوم. الآن هناك فقط مسألة تنفيذ الأمر. يبحث [وزير الخارجية الأمريكي هنري] كيسنجر عن طريقة لنقلها جوا".
وتم توثيق البروتوكولات في المذكرات الشخصية المكتوبة بخط اليد لإيلي مزراحي، مدير ديوان رئيسة الوزراء آنذاك، والتي نُشر بعض الأجزاء منها سابقا.
وفقا لأرشيف الدولة العبرية، فإن المواد المنشورة حديثا "توثق الأحداث في الوقت الفعلي في جميع المجالات: السياسية والعسكرية والدولية والعامة والمدنية".
وتشمل هذه المواد "مداولات الحكومة، والمشاورات العسكرية السياسية، وجلسات لجان الكنيست، ومراسلات وزارة الخارجية… وتقييمات الوضع فيما يتعلق بسير الحرب والدفاع المدني وتنظيم الجبهة الداخلية خلالها".
وأفاد أرشيف الدولة أن هذه المواد "توفر لمحة مذهلة عن عملية صنع القرار من قبل القادة في ظل ظروف عدم اليقين، والقتال على مختلف الجبهات، والاتصالات السياسية التي جرت بوساطة الولايات المتحدة في نهاية الحرب وبعدها مع مصر وسوريا، والمسار الذي أدى إلى توقيع ترتيبات فصل القوات مع مصر وسوريا".
وانتهت حرب 1973 بوقف نهائي لإطلاق النار في 24 أكتوبر، وقُتل في هذه الحرب أكثر من 2500 جندي إسرائيلي وأصيب الآلاف، بالإضافة إلى آلاف القتلى والجرحى في صفوف القوات المصرية والسورية والعراقية.



















