الدكتور فيصل الجعافره النعيمات :لماذا نحن بأمس الحاجة لفرض المزيد من الضرائب على الأثرياء؟!

في حين تظل الحلول العبقرية لتمويل نفقات الدولة في الأردن غير متاحة، تستمر الضرائب كوسيلة عملية لتمويل هذه النفقات. من خلال الضرائب، يمكن للحكومة توفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية وبرامج الرعاية الاجتماعية وغيرها.
حسب تصريحات لمسؤولين في منظمة أوكسفام الخيرية؛ فإن عدد الأثرياء في الأردن من أصحاب الأرصدة المليونية يبلغ 930 شخصاً بحجم ثروة يصل إلي 14 مليار دينار. كما يوجد في الأردن آلاف الشركات والمؤسسات العامة الي يعمل بها آلاف الأشخاص من ذوي الدخل الفردي المرتفع الذي يصل إلى مئات الآلاف من الدنانير سنوياً. نظراً لهذا التفاوت الواضح في توزيع الدخل والعجز في تقديم الخدمات اللائقة للمواطنين من قبل الحكومة في الأردن بسبب عجز الموازنة، هناك حاجة ملحة لزيادة الضرائب على الأثرياء. هذا أمر حيوي لتعزيز العدالة الاجتماعية بين المواطنين وتوليد دخل إضافي للدولة لتحسين خدمات الصحة والتعليم والبنية التحتية.
تُستخدم سياسة الضريبة التصاعدية على الأغنياء وذوي الدخل المرتفع في العديد من الدول في جميع أنحاء العالم لدعم الخزينة وتقديم خدمات أفضل، حيث يمكن أن ترتفع الضرائب على الدخل إلى مستويات عالية جدًا. على سبيل المثال، في المملكة المتحدة، ترتفع النسبة إلى 45٪ لأي دخل فردي يتجاوز 125,000 جنيه إسترليني سنوياً، بينما في بلجيكا، تصل إلى 50٪ للدخل الذي يتجاوز 46,000 يورو.
في الأردن، ما زالت الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة منخفضة جداً مقارنة بالدول المتقدمة. على سبيل المثال، يدفع الفرد الذي يبلغ دخله نصف مليون دينار سنويًا في الأردن نسبة ضريبة 25٪ بعد تجاوز الشرائح التصاعدية الأولية. وبالتالي، يسهم فقط بمبلغ قدره 120,000 دينار في الضرائب. إذا تم تعديل النسبة لتكون 50٪ على الدخل الزائد عن 100,000 دينار على سبيل المثال؛ فإن الضريبة المدفوعة للدولة ستبلغ 200,000 دينار. يمكن أن تؤدي عملية تحديث التشريعات الضريبية لتناسب ما هو معمول به في دول العالم المتقدم إلى توليد مئات الملايين من الدنانير على مدى عقد من الزمان، وهذا حتماً سيمكن الحكومة من القيام بمشاريع واستثمارات للتخفيف من مشكلة البطالة وتحسين خدمات الصحة والتعليم والبنية التحتية المقدمة للمواطنين.
بالرغم من إيجابيات تعديل التشريع الضريبي، يكمن التحدي في النفوذ الاقتصادي والسياسي القوي لدافعي الضرائب الأثرياء والذي قد يعيق الإصلاحات المالية الضرورية للدولة الأردنية. لذلك، أصبح وجود برلمان قوي قادر على اقتراح وتشريع إصلاحات للتحول المالي تنعكس مباشرة على تحسين معيشة المواطنين خلال عام واحد أمرًا لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي المرغوب في المرحلة المقبلة.



















