العراق يستبق تكرار مشهد انفجار بيروت على أرضه: خطة لإخلاء المواد الكيميائية من المنافذ إلى مناطق آمنة

بلكي نيوز
في الوقت الذي أبدى الشعب العراقي وحكومته تضامناً كبيراً مع الشعب اللبناني على خلفية حادثة انفجار مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت، أطلق ناشطون حملات لتدارك تكرار “حدث بيروت” في العراق، نتيجة انتشار المقار العسكرية ومخازن السلاح والعتاد داخل المدن، مستذكرين جملة حوادث وقعت في أوقات سابقة خلفّت أضرارا بشرية ومادية.
وركّز المدونون على حادثة السابع من حزيران/ يونيو 2017، عندما انفجر كدس للسلاح والعتاد كان موضوعاً في مسجد يعود لسرايا السلام – الجناح العسكري للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، في مدينة الصدر معقل التيار في بغداد، مما خلّف 18 قتيلاً وعشرات الإصابات، فضلاً عن تدمير مدرسة ابتدائية وعشرات المنازل القريبة، وإحداث حفرة قدر قطرها بـ25 مترا.
وتصدر وسم “#أبعدواالعتادعن_المدن” ترند العراق في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تضمنت معظم التدوينات التي رافقت الوسم المذكور موضوعة إبعاد العتاد عن المدن والمناطق المأهولة بالسكان، فيما استذكر مدونون آخرون التفجيرات الناجمة عن أكداس العتاد داخل المدن. وفي ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، نظّم العشرات وقفة تحت نصب الحرية، للمطالبة بإخراج العتاد والسلاح من المدن، والتضامن في الوقت عينه مع الشعب اللبناني المنكوب.
وفي خطوة استباقية للحكومة العراقية، أكد رئيس هيئة المنافذ الحدودية عمر الوائلي، موافقة رئيس الوزراء على تشكيل لجنة عاجلة لجرد الحاويات المتكدسة في المنافذ الحدودية ذات الطابع الكيميائي وعالية الخطورة.
وقال الوائلي في بيان إن “رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، وافق على المقترح المقدم من قبل هيئة المنافذ الحدودية بتشكيل لجنة عاجلة برئاسة مدير المنفذ الحدودي وعضوية الدوائر العاملة فيه لجرد الحاويات عالية الخطورة (كيميائية، مزدوجة الاستخدام، نترات الأمونيا) المتكدسة والموجودة داخل المنافذ الحدودية، ووضع الحلول وإخلائها إلى أماكن نائية تخصص من قبل الشركة العامة لموانئ العراق فيما يخص الموانئ وسلطة الطيران المدني المتعلقة بالمطارات وشركة النقل البري فيما يخص المنافذ البرية”.
وبين الوائلي وفقا للبيان أن “هناك أهمية لهذه الإجراءات الاحترازية لتفادي ما حدث في دولة لبنان والدمار الذي خلفته هذه الانفجارات”، مضيفاً أن على اللجنة إنهاء أعمالها وتقديم تقريرها خلال اثنتين وسبعين ساعة”.
وفرضت الهيئة العامة للجمارك العراقية أيضاً تدابير احترازية لمواجهة مخاطر خزن ونقل المواد الكيميائية والمواد الخطرة.
وذكر بيان للهيئة أنه “بناء على مقتضيات المصلحة العامة وجهت الهيئة العامة للجمارك كل مراكزها الجمركية بالإسراع في جرد الحاويات المحملة بالمواد الكيميائية والمواد الخطرة التي لم يتم تخليصها من حوزة الجمارك”.
وأضاف أنه “جرت مخاطبة مراكزها الجمركية العاملة في كل المنافذ البرية والبحرية والجوية لغرض تزويدها بجرد لهذه المواد الخطرة والجهات التي تعود لها وبشكل عاجل، وبيان أسباب عدم إنجاز معاملاتها من قبل الوزارات العائدة لها هذه المواد والإسراع بإنجاز المعاملات الخاصة بهذه الحاويات”.
وأكدت الهيئة “حرصها على المتابعة المستمرة لهذا الملف المهم من خلال توجيه مديرياتها على العمل وفق ضوابط استيراد ونقل وتخزين المواد الكيمائية والخطرة الصادرة من الجهات ذات الاختصاص”.
خراب وخسائر
وسرعان ما انتشرت دعوات “التضامن” مع المنكوبين في العاصمة اللبنانية بيروت، إذ حثّ رجل الدين الشيعي البارز علي السيستاني، على تقديم العون للضحايا للتخفيف من هول ما وصفها بـ”الكارثة”.
بيان لمكتب المرجع الشيعي السيستاني عبّر عن “بالغ الأسى والأسف للحادث المفجع الذي تعرّضت له مدينة بيروت العزيزة إثر الانفجار الهائل الذي وقع في مرفئها وأسفر عن عدد كبير من الضحايا والمفقودين وأضعاف ذلك من الجرحى والمصابين وتشريد عشرات الآلاف من المواطنين عن بيوتهم ومساكنهم، وأدّى إلى خراب واسع وخسائر فادحة وأضرار بالغة بالمباني والممتلكات في مشهد مأساوي قلّ نظيره في العقود الأخيرة”.
وأضاف: “إذ نتقدم إلى الشعب اللبناني الكريم بأحرّ التعازي وخالص المواساة في هذا المصاب الجلل ونسأل الله العلي القدير أن يعينه ويمنحه مزيداً من القوة والصبر والتكاتف لتجاوز هذه المحنة الكبيرة، ندعو المؤمنين الكرام وجميع محبّي الخير في العالم إلى التضامن معه في هذا الظرف العصيب وتقديم العون له بكل السبل المتاحة للتخفيف من آثار هذه الكارثة الكبيرة عليه”.
واختتم مكتب المرجع الأعلى بالقول: “نسأل الله تعالى أن يتغمد الضحايا بالرحمة الواسعة ويلهم ذويهم الصبر والسلوان ويمّن على المصابين بالشفاء والعافية إنه أرحم الراحمين”.
ووجه الحزب الشيوعي العراقي نداءً للتبرع “للأشقاء اللبنانيين”، مخصصاً مجموعة من الأرقام الهاتفية للتواصل.
وجاء في بيان للمكتب السياسي للحزب: “نتابع بألم وحزن عميقين نتائج وعواقب الانفجار المهول الذي ضرب بيروت، وألحق أذىً عظيماً بأشقائنا اللبنانيين، وكبدهم خسائر بشرية ومادية”، مبيناً إنه “في هذه اللحظات الصعبة التي يقاسون فيها كثيراً، لابد لنا من مد يد العون لهم، ودعمهم بكل الأشكال والصور”.
ودعا الحزب الشعب العراقي إلى “التبرع بما تستطيعون تضامنا مع أشقائنا اللبنانيين واسهاماً في تخفيف معاناتهم”.
في الأثناء، عدّ النائب عن محافظة ديالى رياض التميمي أن حادثة بيروت “كبوة” جديدة للعرب من المحيط للخليج، لافتا إلى أنه لا يستبعد ان يكون مصير بغداد مشابهاً لبيروت.
وقال التميمي، وهو نائب عن ائتلاف النصر، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، في بيان: “قتلوا بيروت، وأدموا قلوب العرب، نعم إنها بيروت المدللة أصبحت منكوبة، وقبلها بغداد ودمشق وصنعاء، منارات العلم والثقافة والفن، وجميعها عاشت الحرب والجحيم والدمار والخراب”.
وأضاف: “يعيش العرب من المحيط إلى الخليج كبوة ما بعدها كبوة، ففي الأمس القريب كان يستنجد بهم للمساعدة، والآن يناشدون ويطلبون تلك المساعدة. حنطتهم وقمحهم الذي يعرفه القاصي والداني بين الحرق في بغداد والتفجير في بيروت، علمهم بات في أسفل قوائم الجامعات، وثقافتهم لم تعد ترتقي للثقافات، وآثارهم بات في مراحل النسيان وبعضها راح مع دواعش العصر، وتراثهم في خبر كان”.
وأوضح: “بحجم الألم على نكبة بيروت، نتألم على طلب المساعدة من الشرق والغرب، وفقدنا أبسط أساليب الحياة، وكأن العالم اجتمع كله ضدنا، وبات الشعب العربي يتوسل”.
وتابع التميمي: “لن نستبعد أن تصل بغداد لأسوأ مما وصلت إليه بيروت في حال استمر الوضع على ما هو عليه، فكيف لا وهم أشقاء المصير، لكن العار عندما نوصل الشعب العراقي لتلك المآسي ومن ثم نقول للعالم (ساعدونا)، فجميعنا سنتحمل المسؤولية، وكلنا سنكون شركاء في الانهيار ما لم نصحح الأخطاء”.
نهاية أليمة
وشدد على أن “تكاتف العرب مطلوب، وتكاتف العراقيين ضروري ومحسوب، وعلى صناع القرار في العراق التدارك قبل النهاية الأليمة”.
ومن بين المساعدات التي قدمتها الحكومة العراقية للبنان، 22 شاحنة تحمل زيت الغاز، وصلت أمس الى العاصمة اللبنانية بيروت عبر سوريا بعد الانفجار الكبير الذي عصف بها.
كذلك، كشف وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار، الذي وصل إلى العاصمة اللبنانية بيروت على رأس وفد إغاثي، بأن المساعدات العراقية التي وصلت إلى لبنان بلغت 20 طناً من المواد الطبية، مؤكداً أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وعد الجانب اللبناني بتوفير الوقود وإبقاء الكادر الطبي العراقي هناك لحين السماح له بالمغادرة من قبل حكومة بيروت.
في المقابل، أفاد بيان للحكومة اللبنانية، بأن العراق سيقدم الوقود الى لبنان لمساعدته في تجاوز تداعيات الانفجار في مرفأ بيروت.
وجاء في البيان أن “وفدا عراقيا برئاسة وزير النفط إحسان عبد الجبار اجتمع مع رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب (أول أمس)، وأبلغه بأن بغداد ستقدم لبيروت مساعدات متمثلة بإمدادات وقود بعد الانفجار”.
وقالت وسائل الإعلام اللبنانية إن “كمية من القمح ستصل يوم الجمعة المقبل من العراق بعد الانفجار الذي تسبب في افتقار العاصمة اللبنانية للقمح وفقا لما ذكره محافظ بيروت”.
وقدم وزير البيئة اللبناني السابق ورئيس حزب التوحد العربي وئام وهاب، شكره لموقف العراق من “النكبة” اللبنانية، داعيا الدول العربية الأخرى الى الترفع عن “أحقادهم” في الوقت الراهن.
وكتب في “تدوينة”: “في العتمة لا بد من ضوء، نشكر دولة الرئيس مصطفى الكاظمي الذي أبلغ اللواء عباس إبراهيم بقراره إرسال مئة ألف برميل نفط شهرياً إلى لبنان عبر الأراضي السورية ونتمنى من الأشقاء العرب الترفع عن أحقادهم في هذا الظرف والمبادرة”.
واضاف وهاب، وهو حليف درزي لحزب الله، وتربطه علاقة وثيقة بدمشق و”محور المقاومة”: “دولة الرئيس مصطفى الكاظمي يستحق الشكر على ما قدمه بعد الكارثة للبنان، تحية للعراق شعباً وحكومة”، مستدركا بالقول: “للأسف المساعدات الأخرى ليست بحجم النكبة ولكن الدنيا دين ورد دين، نأسف للمساعدات التي وصلت والتي لسنا في حاجة لها لأن (عندنا) مصل وشاش كتير، يا عيب الشوم عليكم”.
















