+
أأ
-

قانون ضريبة الابنية والاراضي .. وغياب التوازن

{title}
بلكي الإخباري

 

المحامي مهند النعيمات

قانوني وسياسي 

 

يشكل مشروع قانون ضريبة الابنية والاراضي لسنة الفين وخمسة وعشرين تحولا تشريعيا جوهريا يمس جوهر العلاقة بين الحكومه والمواطن ويتجاوز في مضامينه البعد المالي الى تأثيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية لا يمكن تجاهلها حيث جاء بصيغة تحمل المواطن اعباء مالية اضافية دون مراعاة كافية لمبدأ العدالة الضريبية المنصوص عليه دستوريا

فقد وسع المشروع في مادته الثانية مفهوم المكلف ليشمل الى جانب المالك القانوني كل من له حق الانتفاع او الاستغلال او من يتقاضى بدلا ماليا عن العقار بما في ذلك المستأجر التمويلي وهو ما يشكل خروجا صريحا عن القواعد المستقرة في قانون الف وتسعمائة واربعة وخمسين ويؤسس لواقع قانوني جديد يحمل المواطن العادي تبعات مالية عن املاك قد لا يملكها اصلا بل ينتفع بها مؤقتا

اما المادة السادسة فقد نصت على اعتماد تقييمات جديدة للعقارات تستند الى اسعار السوق الحالي ما يعني عمليا رفع القيمة التقديرية للضريبة بشكل تلقائي ودون اي تطوير فعلي في العقار الامر الذي يخالف المبادئ الدستورية المتعلقة بربط الضريبة بالمقدرة المالية الحقيقية للمكلف ويفتح الباب امام سياسة مالية تقوم على التقدير الاداري المجرد لا على الواقع الفعلي

المادة الثانية عشرة تمثل عنوان العبء الاكبر اذ رفعت نسبة الضريبة على العقارات السكنية الى واحد فاصل خمسة بالمئة وغير السكنية الى ثلاثة فاصل خمسة بالمئة وهي نسب مرتفعة لا تراعي العدالة الاجتماعية ولا الفوارق الطبقية والمناطقية وتجعل من الضريبة اداة تحصيل جافة دون بعد انساني او حماية لحق السكن

وقد جاءت المادة الرابعة عشرة لتقيد الاعفاءات بشكل بالغ حيث خصصت نسب اعفاء ضئيلة ومقيدة بشروط استثنائية واقصيت فئات واسعة من ذوي الدخل المحدود وكبار السن والمتقاعدين ما يظهر افتقار المشروع لسياسة ضريبية تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي في ظروف معيشية صعبة تمر بها البلاد

اما المادة السادسة عشرة فقد رسخت الطابع العقابي للضريبة عبر فرض غرامات تأخير تصل الى اثني عشر بالمئة دون منح المواطنين ادوات سداد عادلة او فترات سماح كافية وهو ما يحول الضريبة الى عبء مالي مضاعف يتجاوز قدرة المكلف العادي

وتتجلى الخطورة في المادة السابعة عشرة التي نصت صراحة على الغاء الاعفاءات المنصوص عليها في القوانين السابقة خاصة قانون الف وتسعمائة واربعة وخمسين ما يقطع الامتداد التشريعي للحماية الاجتماعية التي ظلت الدولة تلتزم بها لعقود ويؤسس لفجوة قانونية بين الاجيال

كما ان المواد المتعلقة بالاعتراض والاستئناف من ثمانية الى احد عشر تنشئ اليات بيروقراطية قد تكون مكلفة زمنيا وماليا وتقحم المواطن في سلسلة من الاجراءات الفنية قد لا يملك ادوات التعامل معها ما يقوض مبدأ الانصاف ويضعف حق التقاضي المؤثر

ان هذا المشروع بصيغته الراهنة يفرغ السياسة الضريبية من بعدها الاجتماعي ويحُول الادارة المحلية الى جهاز جباية ويتناقض مع جوهر العقد الاجتماعي الذي يقوم على التوازن بين الحقوق والواجبات وهو ما يستدعي من السلطة التشريعية اعادة النظر في مواده الاساسية بما يضمن احترام الحقوق المكتسبة وصيانة حق المواطن في العدالة والمساواة.