ظاهرة انتشار أعلام تركيا على خزانات الوقود بمركبات الطبقة الكادحة هل هي دليل على الهوية البديلة ؟ ومتى ستتلاشى ؟

شهدت الأردن في السنوات الأخيرة بروز ظاهرة لافتة تستدعي التأمل، تتمثل في الانتشار الملحوظ لأعلام تركيا التي تزين خزانات الوقود لعدد كبير من مركبات الطبقة الكادحة، خاصة سيارات النقل الصغيرة والشاحنات القديمة وسيارات الأجرة العاملة في المناطق الشعبية.
هذا الانتشار الواسع يطرح تساؤلات جوهرية حول الدوافع الكامنة وراءه وما إذا كان يشير بالفعل إلى تبني هوية بديلة لدى هذه الشريحة من المجتمع، فضلاً عن احتمالية تلاشي هذه الظاهرة مع مرور الوقت.
يمكن تفسير هذا الميل نحو رفع العلم التركي على أنه تعبير عن إعجاب بشخصية الرئيس التركي وسياساته، أو ربما تماهيا مع الدور الإقليمي المتنامي الذي تلعبه تركيا في المنطقة.
بالنسبة لبعض الفئات ذات الخلفية الإسلامية المحافظة، قد يمثل العلم التركي رمزا لدولة تدعم تنظيم الاخوان المسلمين وتنشط في قضايا العالم الإسلامي. ولا يمكن استبعاد فرضية أن يكون الأمر مجرد موضة أو تقليد بدأه قلة من الاخوان وسرعان ما تبناه آخرون دون إيلاء الكثير من التفكير للدلالات العميقة.
في سياق التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الطبقة الكادحة، قد يجد البعض في رفع علم دولة أخرى نوع من التعبير عن هوية بديلة، أو شعورا بالانتماء إلى كيان يُنظر إليه على أنه أكثر قوة واستقرارًا. هذا الشعور قد ينبع من البحث عن مرجعية أو نموذج يُعتقد أنه يقدم حلولًا أو يمثل قيمًا معينة.
يتركز ظهور هذه الأعلام بشكل أساسي في الأحياء الشعبية والمناطق ذات الدخل المحدود، حيث تشكل هذه المركبات جزءًا أساسيًا من حياة السكان وحركتهم اليومية. ورغم أن القانون الأردني لا يمنع رفع أعلام الدول الأخرى بشكل عام، إلا أن هذا الانتشار اللافت يثير فضول واستفسارات شرائح أخرى من المجتمع حول معانيه ودلالاته المحتملة.
أما بالنسبة لمستقبل هذه الظاهرة، فإن تلاشيها أو استمرارها يعتمد على تفاعلات معقدة لعوامل متعددة. التطورات السياسية والإقليمية، بما في ذلك طبيعة العلاقات بين الأردن وتركيا، يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الصورة الذهنية والرمزية للعلم التركي في نظر هذه الفئة. التغيرات الاجتماعية والثقافية التي تطرأ على اهتمامات وقيم الأجيال الجديدة قد تلعب دورًا في تحويل هذه الميول. بالإضافة إلى ذلك، فإن أي مبادرات توعوية أو نقاشات عامة قد تساهم في إعادة تقييم هذه الممارسات ودوافعها.
إن تعزيز الشعور بالانتماء الوطني وتقدير الرموز الوطنية الأردنية يمكن أن يكون له تأثير في تقليل جاذبية الرموز الأجنبية. كما أن أي تحسن في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للطبقة الكادحة قد يقلل من الحاجة إلى البحث عن مصادر بديلة للشعور بالانتماء أو الهوية.
ان ظاهرة انتشار أعلام تركيا على مركبات الطبقة الكادحة في الأردن تحمل دلالات اجتماعية وسياسية وثقافية متعددة، وقد لا تكون بالضرورة دليلًا قاطعًا على تبني هوية بديلة بقدر ما قد تعكس مجموعة من المشاعر والتطلعات والتقاليد.
ويبقى مصير هذه الظاهرة مرهونا بتطورات عديدة، إلى ان تصدر تعليمات واضحة من الحكومة تمنع ترخيص اي مركبة تضع اعلام دول اخرى !



















