سلوكيات مقلقة للمراهقين عبر السوشيال ميديا في بيئات محافظة - دعوة إلى رقابة واعية
رصد خاص - باتت منصات التواصل الاجتماعي ساحة جديدة تثير قلقًا متزايدًا في الأوساط الأسرية والمجتمعية المحافظة في الأردن، فما يتم تداوله ورصده وسماعه عن سلوكيات بعض الفتيات والفتيان المراهقين عبر هذه المنصات يضع علامات استفهام حول تأثير العالم الرقمي على قيم وتقاليد هذه البيئات. لم تعد التجاوزات السلوكية للمراهقين محصورة في الواقع الملموس بل امتدت لتشمل الفضاء الرقمي حيث تتخذ أشكالًا متنوعة تثير قلق الأهالي والمربين وتتضمن مشاركة محتوى غير لائق يتمثل في تداول صور ومقاطع فيديو تعتبرها الأسر غير لائقة أو تتعارض مع القيم المحافظة من قبل بعض المراهقين أو يتم تبادلها بينهم، إضافة إلى تكوين علاقات افتراضية مقلقة حيث ينخرط بعض المراهقين في علاقات عبر الإنترنت مع أشخاص غرباء أو يكبرونهم سنًا مما يعرضهم لمخاطر الاستغلال والتأثير السلبي، كما يلاحظ تقليد موضات وسلوكيات دخيلة نتيجة تأثر بعض المراهقين بمحتويات وقيم تروج لها بعض الحسابات المؤثرة على السوشيال ميديا والتي قد تتعارض مع الأعراف والتقاليد المحلية، ويشكل التنمر الإلكتروني والإساءة اللفظية وتبادل الرسائل المسيئة بين المراهقين مصدر قلق آخر حيث يخلف آثارًا نفسية سلبية على الضحايا، وينخرط بعض المراهقين في تحديات خطيرة وغير مسؤولة تنتشر عبر السوشيال ميديا دون وعي كافٍ بمخاطرها المحتملة على سلامتهم وقيمهم، فضلًا عن الانفتاح غير المراقب على ثقافات مختلفة يتيح الإنترنت للمراهقين الوصول إلى ثقافات وقيم متنوعة قد لا تتناسب دائمًا مع البيئة المحافظة التي نشأوا فيها مما يخلق لديهم تساؤلات أو رغبة في التقليد دون فهم عميق.
يرى خبراء في علم النفس الاجتماعي والإعلام الرقمي أن سهولة الوصول والانفتاح غير المحدود الذي يتيحه الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي للمراهقين للوصول إلى كم هائل من المعلومات والمحتويات دون قيود جغرافية أو رقابة مباشرة، والشعور بالحرية والبعد عن الرقابة الذي قد يشعر به المراهقون في التعبير عن أنفسهم أو تجربة سلوكيات جديدة في الفضاء الرقمي بعيدًا عن أعين الأهل والمجتمع، وتأثير ثقافة المؤثرين والشهرة السريعة حيث يسعى بعض المراهقين إلى تقليد المؤثرين على السوشيال ميديا بهدف الحصول على الشهرة أو القبول الاجتماعي حتى لو كان ذلك على حساب القيم والأخلاق، وضعف الوعي بمخاطر الإنترنت حيث قد لا يدرك بعض المراهقين بشكل كامل المخاطر المحتملة للتفاعلات عبر الإنترنت وتبادل المعلومات الشخصية مع الغرباء، والفراغ العاطفي والبحث عن الانتماء الذي قد يدفع بعض المراهقين إلى العلاقات الافتراضية كبديل عن العلاقات الاجتماعية الحقيقية أو بحثًا عن القبول والانتماء، كلها عوامل تساهم في ظهور هذه السلوكيات عبر السوشيال ميديا.
يؤكد خبراء التربية على أن مسؤولية الأهل تجاه أبنائهم المراهقين تتضاعف في ظل الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، فبالإضافة إلى الرقابة والتوجيه في العالم الواقعي يصبح من الضروري التوعية الرقمية بتثقيف الأبناء حول الاستخدام الآمن والمسؤول للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وتوعيتهم بمخاطر التنمر الإلكتروني والاحتيال والمحتوى غير اللائق، وبناء الثقة والحوار المفتوح بتشجيع الأبناء على مشاركة تجاربهم ومخاوفهم عبر الإنترنت مع الأهل وتقديم الدعم والتوجيه اللازم لهم، ووضع حدود واضحة بالاتفاق على قواعد محددة لاستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وتحديد أوقات معينة لذلك ومراقبة المحتوى الذي يتعرضون له بشكل غير مباشر، وتعزيز القيم والأخلاق الحميدة بالتأكيد المستمر على القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية الأصيلة وأهمية تطبيقها في جميع جوانب الحياة بما في ذلك التفاعلات عبر الإنترنت، والمراقبة الواعية وغير التجسسية بالاهتمام بنشاطات الأبناء على الإنترنت دون التجسس على خصوصيتهم بطريقة تنفرهم وملاحظة أي تغييرات في سلوكهم أو علاقاتهم، والتعاون مع المؤسسات التربوية والمجتمعية بتبادل الخبرات مع المدارس والمراكز الشبابية حول كيفية التعامل مع تحديات العالم الرقمي وتوعية الشباب بمخاطره. لا يقل خطر إهمال سلوكيات المراهقين عبر السوشيال ميديا عن إهمالها في الواقع، فالتجاوزات الرقمية قد تكون لها آثار نفسية واجتماعية وخيمة على المراهقين وقد تقودهم إلى سلوكيات أكثر خطورة في المستقبل. إن أمانة الأبناء المراهقين في العصر الرقمي تتطلب يقظة مستمرة ومسؤولية مشتركة من الأهل والمجتمع والمؤسسات التربوية والإعلامية، فما نشاهده ونرصده اليوم عبر منصات التواصل الاجتماعي يستدعي تحركًا واعيًا وتضافرًا للجهود لحماية شبابنا وتوجيههم نحو استخدام آمن ومفيد لهذه التقنيات.



















