+
أأ
-

الكرامة من السماء: الأردن عندما كسر الحصار عن غزة والهم العالم.. وجهود لا يطالها التشكيك

{title}
بلكي الإخباري

 

كتب الناشر - كانت لحظات لا تُنسى، وشعوراً يختلط فيه الفخر بالإنسانية، عندما حظيتُ بشرف المشاركة في رحلات الإنزال الجوي التي نفذها الجيش الأردني فوق سماء غزة الحبيبة. لم تكن مجرد طلعات جوية لإيصال المساعدات، بل كانت رسالة كرامة عابرة للسحاب، تجسدت فيها أسمى معاني النخوة والإغاثة.
تلك اللحظات، التي شهدت فتح أبواب الطائرات لتنثر الأمل والغذاء والدواء على أرض محاصرة وشعب منكوب، خلقت شعوراً عظيماً بالانتماء لوطن لا يرضى الضيم، ولا يتخلى عن واجبه الإنساني والأخوي. إنها لحظات تجسد فيها المعنى الحقيقي للشهامة التي طالما عرف بها الأردن وشعبه وقيادته الهاشمية.
لقد كان هذا الإنجاز ليس مجرد عملية لوجستية ناجحة، بل كان بياناً مدوياً للعالم أجمع. فبفضل هذه المبادرة الشجاعة، حصد الأردن احترام وتقدير جميع دول العالم، التي رأت فيه مثالاً يحتذى به في كسر قيود الحصار عن المنكوبين. لقد زرع هذا العمل البطولي ثقافة جديدة، ثقافة "كسر الحصار"، التي تؤكد على أن المساعدة الإنسانية لا يجب أن تكون رهينة للظروف السياسية أو الحواجز الجغرافية.
لم يقف الأمر عند حد الإشادة الدولية، بل تعداه إلى إلهام الكثيرين. لقد أصبحت رحلات الإنزال الجوي الأردنية نموذجاً يحتذى به لدول أخرى، دعتهم إلى التفكير خارج الصندوق والبحث عن سبل مبتكرة لإيصال المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها، متحدية بذلك كافة العقبات.
وفي خضم هذا العمل الإنساني النبيل، من المؤسف أن نرى بعض المواقع المشبوهة، والتي ترتبط بأجندات معروفة، تحاول التشكيك في هذه الجهود الأردنية المخلصة. إن محاولات التشويه والتصوير بأن ما يقوم به الأردن هو عمل منقوص أو غير كافٍ، لا ينبع إلا من جهل أو تعمد لتشويه الحقائق الواضحة وضوح الشمس. فالقوات المسلحة الأردنية، بتوجيهات من القيادة الهاشمية، لم تدخر جهداً في سبيل إغاثة الأشقاء، وقدمت كل ما تستطيعه في ظل ظروف معقدة وتحديات جمة، إيماناً راسخاً بواجبها تجاه غزة وأهلها. هذه الأصوات النشاز، التي تحاول التقليل من شأن هذه المبادرات الرائدة، لا تخدم إلا أجنداتها الخاصة التي تتنافى مع وحدة الصف العربي والإنساني.
إن ما قام به الجيش الأردني، بقيادته الحكيمة ورؤية قيادته الهاشمية، هو صفحة ناصعة في سجل الإنسانية. لقد أثبت الأردن أن الأمل يمكن أن يأتي من السماء، وأن قيم التضامن والمسؤولية الأخلاقية أقوى من أي حصار. هذه الثقافة الجديدة، التي أطلقها الأردن، ستظل بصمة خالدة في تاريخ العمل الإنساني، ومثالاً للأجيال القادمة على أن النخوة والكرامة لا تعرفان الحدود.