نخلة الكرك السامقة ترحل وجموع المحبين تشهد جنازته الأكبر في تاريخها

كتب ناشر بلكي نيوز - بقلوب يعتصرها الحزن العميق وأعين تفيض بالدمع نستذكر قامة شامخة رحلت عنا قبل ايام ولكن ذكراها الطيبة ستظل محفورة في قلوبنا مدى الدهر المغفور له بإذن الله الشيخ مشعل المعايطة لم يكن مجرد اسم عابر في سجلات الكرك بل كان رمزا للخير والعطاء ونموذجا للإنسان الأصيل الذي ترك بصمات لا تمحى في حياة الكثيرين لقد كانت حياته سفرا حافلا بالبذل والإيثار قصة عشق للخير تجلت في كل تفاصيل أيامه وشاهد على عظمة هذه المحبة كانت جنازته المهيبة التي اجتمع لها الآلاف من محبيه لتشهد الكرك حدثا تاريخيا لم تشهده من قبل فكانت بحق الأكبر في تاريخها دليلا قاطعا على المكانة العظيمة التي كان يحظى بها في قلوب أهلها
لماذا أحب الناس الشيخ مشعل ؟
الأسباب تتجلى بوضوح كالشمس في رابعة النهار فقد كان رحمه الله تجسيدا حقيقيا للبساطة المتناهية لم يعرف التكلف أو التعالي بل كان قريبا من الجميع يتعامل بتواضع جم مع الصغير والكبير والغني والفقير كانت مجالسته مريحة وحديثه عذبا يزرع الألفة والمحبة في القلوب كم من مرة آثر غيره على نفسه وقدم حاجة سائل على راحته دون أن ينتظر شكرا أو ثناء
أما إنسانيته فكانت نهرا رقراقا يفيض بالرحمة والرأفة كان يشعر بآلام الآخرين وكأنها آلامه يسعى جاهدا لقضاء حوائجهم ويقف بجانبهم في السراء والضراء كم من محتاج وجد عنده سندا وكم من مكروب وجد عنده سلوى وعزاء كانت يده ممدودة بالخير وقلبه مفتوحا للجميع دون تفرقة أو تمييز يذكر الكثيرون كيف كان يسارع لنجدة المنكوبين ويتفقد أحوال الأرامل والأيتام سرا وعلنا وكأن فعل الخير جزء أصيل من نبض قلبه الطاهر وتدينه الوازن كان سمة بارزة في شخصيته كان رحمه الله ملتزما بتعاليم دينه السمحة ولكن بتفهم وعمق بعيدا عن الغلو والتطرف كان يجسد جوهر الإسلام في تعاملاته وأخلاقه يدعو إلى الخير باللين والحكمة ويحبب الناس في الدين بسلوكه القويم كانت نصائحه مستمدة من نور الكتاب والسنة يوجه بها القلوب بلطف ويضيء بها العقول برفق
احترامه للآخر كان قيمة راسخة في طبعه كان يصغي باهتمام لآراء الجميع يقدر وجهات نظرهم المختلفة ويتعامل معهم بتقدير وإجلال حتى وإن اختلف معهم لم يكن يعرف التعصب أو الإقصاء بل كان يؤمن بالحوار البناء والتسامح كان مجلسه منبرا للتلاقي الفكري والأخوي يسوده الاحترام المتبادل والإنصات الواعي
أما دفاعه عن المظلوم فكان صفة أصيلة فيه كان يناصر الحق ويدافع عنه بشجاعة وإقدام لا يخشى في ذلك لومة لائم كان صوتا للضعفاء وملجأ للمقهورين يسعى لرفع الظلم وإحقاق العدل بكل ما أوتي من قوة كم من قضية حق أيّدها وكم من مظلوم وقف بجانبه حتى انتصر تاركا بصمة من نور في دروب العدالة
ولعل من أبرز جوانب حياته المباركة دوره كمربي أجيال مبدع ومعلم للكثير من أبناء الكرك في مدارسها لقد أمضى سنوات عمره في تربية النشء وتعليمهم غرس فيهم القيم النبيلة والأخلاق الحميدة ونور عقولهم بالعلم والمعرفة كان المعلم القدوة الذي يلهم طلابه ويدفعهم نحو التميز والنجاح لقد زرع فيهم حب العلم والفضيلة وكان يعتبر طلابه أبناء له يحرص عليهم ويوجههم بحب وحنان كم من شخص من أبناء الكرك اليوم يدين له بالفضل في توجيهه وتعليمه
رحم الله الشيخ مشعل المعايطة رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا نسأل الله أن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان على هذا الفقد الجلل سيبقى ذكره العطر يتردد في أرجاء الكرك وشخصيته الفذة نبراسا يضيء لنا الدروب ستظل سيرته العطرة محفورة في ذاكرة الأجيال وشعلة إيثاره تضيء لنا دروب العطاء وستبقى تلك الجموع الغفيرة التي شيعته شاهدا أبديا على عظيم محبته في قلوب أهل الكرك