د. شريفة اللصاصمة: - الكرك تتراجع بصمت مؤلم وتُدفن بين المجاملات والتهميش الممنهج

الكرك، الأردن – في نقد لاذع وتحليل عميق للواقع، طرحت الدكتورة التربوية شريفة اللصاصمة تساؤلات مؤلمة حول تراجع محافظة الكرك مقارنة بباقي المحافظات الأردنية، مؤكدة أن "الكرك اليوم تتراجع وبصمت مؤلم".
وأشارت الدكتورة اللصاصمة إلى أن الكرك، التي تمتلك تاريخًا وعزًا كافيًا لتكون في واجهة المشهد الوطني، تبدو اليوم وكأنها تتحول إلى هامش على الخارطة. وأكدت أن الكرك لا ينقصها المقومات، فهي تضم جامعة وطاقات شبابية وأرضًا خصبة للعطاء، بالإضافة إلى نخوة وتاريخ ناصع ورجالات دولة صنعوا السياسة واتخذوا مواقف مشرفة.
وطرحت الدكتورة اللصاصمة سلسلة من الأسئلة الجوهرية التي تعكس الواقع المرير، متسائلة: "لماذا لا يكون لها نصيب من مواقع القرار؟ لماذا طلابها لا يجدون فرصة حقيقية للتدريب والتأهيل داخل محافظتهم؟" كما انتقدت عدم إنشاء مؤسسات تستقطب الكفاءات وتغنيها عن الترحال بحثًا عن فرص عمل، وعدم فعالية المكاتب الحكومية بالقدر الكافي.
استهداف الزائر وتهميش ابن المنطقة
لفتت اللصاصمة الانتباه إلى أن المشاريع المطروحة في الكرك غالبًا ما تستهدف الزائر، وليس ابن المنطقة، مطالبة بأن تكون الأولوية لأبناء الكرك وأن يكون لهم "المساحة الأولى بالتعبير والمشاركة والتطوير".
وقد وصفت الواقع بأنه "مؤلم"، حيث تصل مواقع قيادية ومؤثرة لأشخاص من خارج المحافظة، والعديد منهم – للأسف – يحولون خيرات المنصب لمحافظاتهم، لتصبح الكرك مجرد محطة عبور. وحتى بعض أبناء الكرك الذين وصلوا لمواقع حساسة، لم يحمل منهم إلا قلة الكرك معهم في القرار والموقف.
الكرك "ضائعة ما بين وبين" والمشهد استعراضي
وبأسى، قالت الدكتورة اللصاصمة: "الكرك قاعدة تندفن بين المجاملات والتهميش المُمنهج… وضائعة ما بين وبين". مشيرة إلى تدهور البنية التحتية، فـ"شوارعها محفرة، مستشفياتها بتعاني، مشاريعها التنموية شبه معدومة، والخدمات لا تليق لا بمكانتها ولا بأهلها." كما سلطت الضوء على افتقار الطلاب لمراكز التدريب، الحاضنات الفكرية، والمكتبات العامة الحقيقية، والأماكن التي يلتقون فيها ليبدعوا ويطوروا أنفسهم.
المشهد الأكثر وجعًا، بحسب اللصاصمة، هو تصدّر بعض الأشخاص للمشهد على السوشال ميديا باسم الكرك، الذين -رغم كونهم من أهلها- "سطّحوا صورة الكرك واختزلوها باللهجة والمنسف، وركّزوا على النكت والسواليف السطحية". وأضافت أنهم "سخّروا لهجة الكرك للسخرية والتهريج، وتصرّفوا بتملّق مبالغ فيه للمسؤولين... وظهروا بمواقف لا تليق لا برجالات الكرك ولا بتاريخها". هذا أدى إلى أن الكرك باتت "بنظر كثيرين نكتة.. مش رمز... وصارت منصات التواصل واجهة مهينة بدل ما تكون نافذة لصوتها الحقيقي."
وانتقدت اللصاصمة التحول من الإنجاز إلى الاستعراض، حيث أصبح الهدف "نحضر" لا "ننجز"، و"نتصوّر" لا "نغيّر"، مؤكدة أن "المشهد صار استعراضي لا تنموي… وكل ما كبرت الكاميرات.. صغرت الإنجازات".
غياب نواب الكرك وإقصاء الكفاءات الحقيقية
لم تسلم النيابة من نقد اللصاصمة، التي تساءلت عن دور نواب الكرك في المشاريع والتشريعات التي تخدم المحافظة، مشيرة إلى أن ما شوهد ليس إلا "وعودًا موسمية وتصريحات انتخابية… وعلى أرض الواقع.. الكرك ضائعة.. بلا صوت حقيقي.. بلا تمثيل فعلي.. بلا منبر يطالب بحقوقها".
كما حذرت من "إقصاء ممنهج لناس بيشتغلوا بصمت وانتماء حقيقي... لأنهم مش من اللي بيسوّقوا حالهم بالكاميرا أو المجاملة". مؤكدة تهميش "الأقدر.. والأخلص.. والأكثر تأثيرًا… فقط لأنهم ما دخلوا لعبة الاستعراض"، وفي المقابل، تصدّرت المشهد "فُقاعات فارغة… أشخاص لا يملكون من الرؤية إلا السطح... ولا من الولاء إلا للشخص.. مش للمكان...".
واختتمت الدكتورة شريفة اللصاصمة رسالتها بالقول: "الكرك ما بتستاهل تذبل هيك… ولا بتستاهل نضل ساكتين"، داعية إلى إعادة صوت الكرك ومكانتها وهيبتها، وأن "ترجع تُعرف من رجالاتها.. مش من واجهاتها المزيفة.. خلوها ترجع عاصمة للمواقف... لا مجرد محطة عبور.. خلوها ترجع مدرسة وطن.. لا مادة تهريج".
وأكدت أن "للحديث بقية… لأن الكرك أكبر من أن تُنسى… وأعظم من أن تُختزل."