+
أأ
-

حازم صاغية: "درس أردني إلى اللبنانيين" - استعادة حاسمة لتجربة أيلول الأسود لمواجهة ازدواجية السلاح والدولة

{title}
بلكي الإخباري


 

خاص - في مقال تحليلي عميق اطّلع عليه موقع بلكي نيوز نُشر اليوم الأربعاء في صحيفة "الشرق الأوسط"، دعا الكاتب الصحفي اللبناني المعروف حازم صاغية اللبنانيين إلى استخلاص العبر من التجربة الأردنية في مواجهة ازدواجية السلاح والدولة، مسترجعًا أحداث الحرب الأهلية الأردنية في عامي 1970 و1971، المعروفة بـ "أيلول الأسود".
تحت عنوان "درس أردني إلى اللبنانيين"، 

يسلط صاغية الضوء على الظروف التي سمحت بتركّز الفصائل الفلسطينية المسلحة في الأردن بعد هزيمة 1967، وتشبيه بعض الراديكاليين العرب له بـ"هانوي العرب".
ويُشير المقال إلى نقطة تحول مفصلية في معركة الكرامة عام 1968، حيث لعب الجيش الأردني دورًا حاسمًا فيها، لكن المقاومة الفلسطينية استحوذت على الفضل وحدها، معتبرة إياها "تأسيساً ثانياً لها".
 

ويوضح صاغية كيف انتقلت الفصائل المسلحة لاحقًا إلى العاصمة عمّان وباقي المدن، حيث انتشر سلاحها ومكاتبها بين الأحياء السكنية، وانتصبت حواجزها بين الطرقات، وتعاظم تحديها للقوانين الأردنية، لتصبح ازدواجية السلاح والدولة "واقعًا قاهرًا وملحًا".
 

ويستعرض الكاتب تدرج المطالب من "تثبيت الازدواج" إلى "المطالبة بالاحتكار"، وصولًا إلى شعار "كل السلطة للمقاومة" الذي رفعته الجبهة الشعبية الديمقراطية. ويسرد وقائع خطف الطائرات المدنية واحتجازها في "مطار الثورة"، وتفجير إحداها، وكيف أدت هذه الأحداث إلى صدور قرار مجلس الأمن 286 المطالب بالإفراج عن الركاب.
 

في مواجهة هذا التصعيد، اتخذ الملك حسين قرارًا جريئًا بتشكيل حكومة عسكرية، برئاسة العميد محمد داوود، لتبدأ حربها على الميليشيات. يوضح صاغية أن الملك كان مدركًا لاستحالة ترك الأمور على حالها، وسط تذمر شعبي متصاعد، وانحسار رقعة الدولة، وتراجع احترام العالم لها، بالإضافة إلى خشية تعرض الأردن لحرب إسرائيلية مدمرة أخرى.
 

ويتناول المقال التحديات الهائلة التي واجهت النظام الأردني في تلك المرحلة، من التشهير والتخوين في العالم العربي، إلى تدخل الجيش السوري الذي انسحب لاحقًا، وظهور تنظيم "أيلول الأسود" واغتيال رئيس الوزراء وصفي التل عام 1971 بطريقة "بالغة الوحشية". كما يسلط الضوء على "التصدع الكبير والمؤلم" الذي أصاب النسيج الوطني الفلسطيني-الشرق أردني، رغم نجاح تجربة الوحدة بين الضفتين.
 

يختتم صاغية مقاله برسالة قوية، مؤكدًا أن الملك حسين أدرك أن "موت البلد هو البديل الوحيد عن المبادرة الشجاعة والخطرة التي أقدم عليها". وخلص إلى أن التشبّه بحرب أهلية (كلفت أكثر من أربعة آلاف قتيل) ليس عملًا فاضلًا، لكن الأسوأ هو أن يجد مجتمع ما نفسه مخيرًا بين "موت بطيء ومبادرة مكلفة توقف ذاك النزف عبر الكيّ بوصفه آخر الدواء".
ويرى الكاتب أن هذه التجربة تحمل "درسًا يستحسن باللبنانيين أن يتأملوا فيه"، في إشارة واضحة إلى الوضع الراهن في لبنان وتحديات وجود السلاح خارج إطار الدولة.