الأردن في عين العاصفة حكمة السياسة صمام أمان لشعب شامخ

كتب محرر الشأن المحلي - قدر محتوم كتب على الأردن أن يقبع في قلب إقليم تتلاطمه أمواج الاضطراب وتتقاذفه رياح التفجير منطقة لم تهدأ فيها الصراعات ولم تتوقف فصول الأزمات وفي خضم هذا الواقع الملتهب تبرز المملكة الأردنية الهاشمية نموذجا فريدا في الصمود والثبات لا يعزى إلى محض الصدفة بل هو ثمرة لسياسة وازنة ودبلوماسية فذة أضحت منهجا راسخا
إن المتأمل للمشهد الإقليمي المعاصر يدرك حجم التحديات التي أحاطت بهذا الوطن الصغير في مساحته العظيم في ثباته فبين حروب تشتعل وصراعات تتجدد وأزمات إنسانية عابرة للحدود حافظ الأردن على استقراره وصان أمن شعبه لم يكن هذا من قبيل التمني بل هو نتاج طبيعي لتبنيه سياسة خارجية قائمة على الاعتدال والتوازن وبناء الجسور لا إحراقها
لقد تجلت عبقرية الدبلوماسية الأردنية في قدرتها على نسج شبكة معقدة من العلاقات القوية والمتينة مع مختلف الأطراف الفاعلة على الساحتين الإقليمية والدولية هذه العلاقات لم تكن مجرد بروتوكولات عابرة بل شراكات استراتيجية مبنية على الثقة المتبادلة والاحترام وتفهم عميق لموازين القوى والمصالح المتشابكة فبالحوار والتفاهم تمكنت القيادة الهاشمية من تجاوز منعطفات خطيرة كادت أن تعصف بكيان الدولة وتحويل التحديات إلى فرص للحفاظ على المكتسبات الوطنية
إن الفضل في هذا الصمود يعود بشكل كبير إلى الرؤية الثاقبة التي أدركت مبكرا أن الانحياز الأعمى أو الانغماس في المحاور لن يجلب سوى الويلات بل إن البراغماتية الحكيمة والالتزام بالمبادئ الثابتة كقضية فلسطين إلى جانب الانفتاح على الجميع هو السبيل الوحيد لتأمين مصلحة الوطن والمواطن
لولا هذه السياسة الرشيدة ولولا تلك الدبلوماسية النشطة لكان مصير الشعب الأردني بكل أسف قد لا يختلف كثيرا عن مصير أبناء دول الجوار الذين لفظتهم حروب وصراعات طاحنة ليجدوا أنفسهم في براثن الشتات أو يقيموا في مخيمات اللجوء التي أصبحت سمة مؤلمة لهذا العصر لقد بات الأردن ملاذا آمنا للعديد من الأشقاء ومثالا يحتذى به في إدارة الأزمات بمسؤولية وإنسانية
إن قصة الأردن هي قصة صمود يرويها شعب عصي على الانكسار وسياسة تكتب بمداد من الحكمة والرؤية هو درس بليغ بأن استقرار الأوطان لا يبنى بالعدوان أو العزلة بل بالاتزان وبناء الثقة والتعامل بحصافة مع تعقيدات المشهد الدولي ليبقى الوطن واحة أمن وسلام في بحر متلاطم


















