+
أأ
-

عاجل - حوار خاص لبلكي نيوز مع خبير حل النزاعات العربية الاسرائليه الون بن مائير : هجوم إسرائيل على إيران.. تداعيات وخيمة وتساؤلات حول المسار المستقبلي !

{title}
بلكي الإخباري


 

بلكي نيوز - اجرى الحوار  الناشر : أهلاً بكم متابعينا  الكرام في حوار خاص لموقع بلكي نيوز. نستضيف اليوم الدكتور ألون بن مائير، خبير حل النزاعات العربية الإسرائيلية والمختص بشؤون الشرق الأوسط ، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة نيويورك والكاتب بصحف  جروزالم بوست، وميديل إيست بوست، ونيوساينز مونيتر ولوموندو. لمناقشة أبعاد الهجوم الإسرائيلي على إيران وتداعياته المحتملة.

 

 دكتور ألون، نرحب بك. بدايةً، هل تعتقد أن هجوم إسرائيل الأخير على المنشآت النووية الإيرانية كان مبررًا من وجهة نظر نتنياهو؟
 

الدكتور ألون بن مائير: أهلاً بكم. قد يبدو هجوم إسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية مبررًا إذا ما أخذنا تفسير نتنياهو على محمل الجدّ. ومع ذلك، أشك في أن يكون هو وترامب قد فكرا مليًا في التداعيات الإقليمية الوخيمة لهذا الهجوم، وما إذا كانت المفاوضات للحد من البرنامج النووي الإيراني ستؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية على المدى الطويل.
 

بلكي نيوز: نُقل عنك سابقًا أن نتنياهو نفّذ ما كان يتوق إليه منذ سنوات. هل ترى أن هذا الهجوم كان مخططًا له بعناية، وما هو دور الإدارة الأمريكية السابقة في ذلك؟
 

الدكتور ألون بن مائير: بالفعل، أخيرًا نفّذ نتنياهو ما كان يتوق إليه منذ سنوات عديدة، وهو مهاجمة المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية وتصفية العديد من قادتها العسكريين وعلمائها النوويين. ورغم أن ترامب بدا في البداية وكأنه ينأى بنفسه عن العملية الإسرائيلية، فلا شك أنه أعطى الضوء الأخضر لها. لولا ذلك، لما تجرأ نتنياهو على اتخاذ مثل هذه الخطوة التي قد تجر الولايات المتحدة إلى المعركة وتُغرق المنطقة بأكملها في حرب، قد تكون لها عواقب وخيمة.
 

بلكي نيوز: ذكرتَ وجود استراتيجية بين ترامب ونتنياهو لإنكار تورط الولايات المتحدة. هل يمكنك توضيح هذه الاستراتيجية وكيف تم تطبيقها؟
 

الدكتور ألون بن مائير: وضع ترامب ونتنياهو استراتيجية تُنكر بموجبها الولايات المتحدة أي تورط لها في قرار إسرائيل بمهاجمة إيران. لقد حذّروا طهران، كما صرّح وزير الخارجية السابق ماركو روبيو: "لسنا متورطين في ضربات ضد إيران، وأولويتنا القصوى هي حماية القوات الأمريكية في المنطقة. أبلغتنا إسرائيل بأنها تعتقد أن هذا الإجراء ضروري للدفاع عن نفسها. وقد اتخذ الرئيس ترامب وإدارته جميع الخطوات اللازمة لحماية قواتنا، وظلوا على اتصال وثيق بشركائنا الإقليميين. دعوني أكون واضحًا: ينبغي ألا تستهدف إيران المصالح أو الأفراد الأمريكيين".
 

بلكي نيوز: تزامن الهجوم مع جولة مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران في قطر. هل تعتقد أن ترامب كان على علم بالهجوم مسبقًا، وما هي الرسالة التي أراد إيصالها من خلال تصريحاته حينها؟
 

الدكتور ألون بن مائير: يوم الأربعاء أعرب ترامب عن شكوكه بشأن التوصل إلى اتفاق تفاوضي خلال الجولة السادسة من المفاوضات بين الممثلين الأمريكيين والإيرانيين. كان بحلول ذلك الوقت على علم بهجوم نتنياهو المرتقب. وعلى الرغم من أن العديد من كبار الديمقراطيين والجمهوريين رفضوا تجرّؤ نتنياهو على اتخاذ مثل هذا الإجراء المشؤوم عند تحديد جولة أخرى من المحادثات، إلا أنهم يبدون غافلين عما تم الاتفاق عليه خلف الكواليس بين ترامب ونتنياهو. وهو أنّ نتنياهو سيشن هجومًا وستنأى الولايات المتحدة بنفسها عن هذا الهجوم لمنع إيران من مهاجمة أهداف عسكرية أمريكية في المنطقة، لعلمها أن إيران سترغب في تجنب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، ستدافع الولايات المتحدة عن إسرائيل باعتراض الصواريخ الباليستية القادمة.
 

بلكي نيوز: تصريحات ترامب بعد الهجوم كانت لافتة، خاصة على "تروث سوشيال" وفي لقاءات تلفزيونية. كيف تقرأ هذه التصريحات وما هي دلالاتها؟
 

الدكتور ألون بن مائير: رد ترامب على الهجوم على موقعه "تروث سوشيال" يُظهر كل شيء، مُهددًا بشن المزيد من الهجمات ما لم تقبل إيران بالاتفاق النووي. وفي منشور مُطول قال: "لقد منحت إيران فرصة تلو الأخرى لإبرام صفقة. قلت لهم، بأشد العبارات، ';افعلوا ذلك فحسب';، ولكن مهما حاولوا، ومهما اقتربوا، لن يتمكنوا من إنجازها. قلت لهم إنها ستكون أسوأ بكثير مما يعرفونه أو يتوقعونه… تحدث بعض المتشددين الإيرانيين بشجاعة، لكنهم لم يكونوا يعلموا ما سيحدث. لقد ماتوا جميعًا الآن، وسيزداد الأمر سوءًا! لقد كان هناك بالفعل موت ودمار هائلان، ولكن لا يزال هناك وقت لإنهاء هذه المذبحة مع هجمات مُخطط لها مسبقًا ستكون أكثر وحشية. يجب على إيران إبرام صفقة قبل أن يضيع كل شيء وإنقاذ ما كان يُعرف سابقًا بالإمبراطورية الإيرانية. لا مزيد من الموت، لا مزيد من الدمار. فقط إقبلوا الصفقة قبل فوات الأوان!" وعلاوة على ذلك، وصف ترامب الهجوم الإسرائيلي بأنه "ممتاز" في مقابلة مع قناة ABC، وحذّر من أن "هناك المزيد في المستقبل – الكثير جدًا"، ما لم توافق إيران على اتفاق.
 

بلكي نيوز: على الرغم من الضرر الذي لحق بإيران، هل تتوقع استسلامها؟ وما هو تأثير هذا الهجوم على الشارع الإيراني والنظام؟
 

الدكتور ألون بن مائير: المشكلة هنا هي أنه بغض النظر عن مدى ضعف إيران نتيجة حملة إسرائيل الناجحة لتقليص محور المقاومة الإيراني، حزب الله وحماس، وأنظمة دفاعهما الجوي المحطمة نتيجة الهجوم الإسرائيلي قبل بضعة أشهر، فإن إيران لا تزال تحتفظ بقوة عسكرية هائلة ولن تستسلم. إن الإيحاء بأن آية الله سيستأنف المفاوضات بعد إذلاله هو أمر أحمق. لن تستسلم إيران وسترد على إسرائيل. وبغض النظر عن حجم الضرر والدمار الذي ستتكبده، ستسعى إيران للحفاظ على كبريائها، ولهذا، ستكون على أتمّ الاستعداد للتضحية بالكثير. الشعب الإيراني الذي يكره معظمه نظامه سيدعمه الآن، إذ يعتبر الهجوم الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة ليس مهينًا فحسب، ولكنه سيفاقم الوضع الاقتصادي في البلاد الذي يعاني منه الشعب بالفعل.
 

بلكي نيوز: ما هي انعكاسات هذا الهجوم على موقف المسؤولين الإيرانيين المتشددين وعلى دول الخليج العربي؟
 

الدكتور ألون بن مائير: من نتائج سوء التقدير الإسرائيلي-الأمريكي أيضًا أن الهجوم عزّز أصوات العديد من المسؤولين الإيرانيين المتشددين الذين يعارضون المفاوضات مع الولايات المتحدة في المقام الأول. كانت لديهم شكوك جدية حول النوايا الحقيقية للولايات المتحدة، والآن يشعرون بالرضا بعد أن اتضح بشكل متزايد أن ترامب قد منح نتنياهو مباركته. وعلاوة على ذلك، ورغم أن دول الخليج العربي قد تُرحب بهدوء بالدمار الذي ألحقته إسرائيل بإيران، إلا أنها الآن في حالة ليس فقط من القلق، بل من الخوف من أن تُجرّ إلى حرب لا تريدها. فأي حرب إقليمية ستكون لها تداعيات اقتصادية جسيمة تُعيق تنميتها الاقتصادية التي تُقدّرها أشد التقدير، وخاصةً مخاوفها من انقطاع صادراتها النفطية التي تُمثل القلب النابض لاقتصاداتها.
 

بلكي نيوز: هل سيدفع هذا الهجوم إيران أكثر نحو روسيا والصين؟ وماذا عن مستقبل برنامجها النووي؟
 

الدكتور ألون بن مائير: إن هجوم إسرائيل على إيران بدعم أمريكي سيدفعها أكثر إلى أحضان روسيا والصين. وبالنسبة لهاتين الدولتين، يُعد هذا تطورًا مُباركًا، ولن تدخرا جهدًا في استغلاله والاستفادة منه على حساب الولايات المتحدة تحديدًا. وأخيرًا، حتى لو تمكنت إسرائيل من تدمير جميع المنشآت النووية الإيرانية، وهو أمر مستبعد، فلن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن تُعيد بناء برنامجها النووي واستئنافه، إلا أنها هذه المرة ستفعل ذلك بقوة وعزيمة أكبر لإنتاج أسلحة نووية. علاوة على ذلك، من المرجح أن تنسحب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي، مما سيفتح الباب أمام الانتشار النووي الإقليمي، وهو ما سعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى تجنبه.
 

بلكي نيوز: في الختام، كيف ترى مستقبل العلاقة مع إيران كقوة إقليمية، وهل المفاوضات لا تزال الخيار الوحيد للحل طويل الأمد؟
 

الدكتور ألون بن مائير: يبدو أن ترامب ونتنياهو قد نسيا أن إيران قوة إقليمية عظمى إذ يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة، ولديها موارد طبيعية وبشرية هائلة وتتمتع بموقع جيوستراتيجي بالغ الأهمية وتاريخ غني يمنحها حضورًا إقليميًا فريدًا. حتى بعد معاناتها من حرب مدمرة، ستبرز إيران مجددًا كقوة عظمى يجب على ترامب ونتنياهو أخذها في الحسبان. إيران وجدت لتبقى وسيتعين على إسرائيل والولايات المتحدة التعايش مع هذه الحقيقة. وبغض النظر عن كيفية انتهاء الأعمال العدائية الحالية، فإن الحل طويل الأمد للبرنامج النووي الإيراني مطروح على طاولة المفاوضات. ربما كانت رغبة ترامب في التوصل إلى حلّ سريع لإظهار بعض النجاح، خاصة بعد فشله في إنهاء الحروب في أوكرانيا وغزة، قد أدت إلى إفشال المفاوضات مع إيران. ولكن نتنياهو، الذي يعاني من مأزق سياسي في الداخل ويتوق إلى مهاجمة إيران ويريد أن يظهر بمظهر البطل، قرّر استغلال ضعف إيران دون أن يفكر مليًا في أن الثمن الذي قد تضطر إسرائيل إلى دفعه في وقت لاحق سوف يفوق بكثير ما كان يمكن أن يكسبه اليوم.
 

بلكي نيوز: نشكرك جزيل الشكر على هذا التحليل العميق والوافي، الدكتور ألون بن مائير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة نيويورك. إلى هنا نصل لختام حوارنا الخاص، وإلى لقاءات أخرى.