المشروبات الروحية المغشوشة: تهديد يتجاوز التحريم الديني

لا شك أن قضية المشروبات الروحية المغشوشة التي أودت بحياة مواطنين أردنيين هي قضية معقدة وخطيرة، وتتجاوز أبعادها مجرد الجدل حول حرمتها الشرعية. إنها تحمل في طياتها تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية كبيرة تستدعي وقفة جادة وتحليلاً معمقاً.
ثقتنا بأجهزتنا الأمنية لا حدود لها، فهي صمام الأمان لوطننا. ومع ذلك، لا يمكننا إغفال احتمال وجود جهات خارجية تسعى لاختراق خطوط الإنتاج المحلية، بهدف ضرب سمعة المنتج الوطني. ولعل اختيار الكحول كبداية لم يكن مصادفة، بل ربما كان عزفًا على وتر الدين، وهو ما يجعل الدفاع عن المصانع المتضررة مهمة شائكة على أي صحفي أو كاتب، خوفًا من الوقوع في فخ تأييد ما هو محرم شرعًا.
إن ما حدث اليوم من تزوير للمشروبات الروحية يثير قلقًا عميقًا بشأن المستقبل. فإذا كان من السهل اختراق خطوط إنتاج المشروبات الكحولية، فما الذي يمنع أن يتم تزوير منتجات غذائية وطنية أخرى في الغد؟ هذا السيناريو ليس بعيدًا عن الواقع، ويشكل تهديدًا مباشرًا لأمننا الغذائي وصحة مواطنينا، إضافة إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني الذي يعتمد بشكل كبير على سمعة منتجاته.
يجب التعامل مع هذه القضية ليس فقط من منظور جنائي بحت، بل كمسألة أمن قومي. يتطلب الأمر تحقيقًا شاملاً يطال جميع الأبعاد، للكشف عن الجهات المتورطة، سواء كانت داخلية أو خارجية، وتحديد الدوافع الحقيقية وراء هذه الجرائم. كما يجب تعزيز الرقابة على جميع خطوط الإنتاج الوطنية، وتطبيق أقصى العقوبات على كل من تسول له نفسه العبث بصحة وسلامة المواطنين ومستقبل الوطن الاقتصادي.
نأمل حقًا أن يكون هذا التحليل خاطئًا، وأن تكون هذه الحوادث مجرد استثناءات فردية. ولكن الحذر واجب، والتعامل مع هذا التحدي بكل جدية هو السبيل الوحيد لحماية الأردن ومستقبله.
















