+
أأ
-

غزة: هل نساها الإعلام العربي... أم أُنسيت قسراً؟

{title}
بلكي الإخباري


خاص - تُثير التطورات الأخيرة في قطاع غزة، واستمرار سقوط مئات الشهداء يومياً، تساؤلات جدية حول مدى حضور هذه المأساة في الأجندة الإعلامية العربية. فبينما كانت التغطية في بدايات التصعيد شاملة ومكثفة، يلاحظ العديد من المتابعين تراجعاً ملحوظاً في حجم وزخم تناول القضية في بعض المنابر الإعلامية العربية، مما يدفع للتساؤل: هل يعود هذا التراجع إلى استراتيجية إعلامية إسرائيلية، أم لتوجيهات من قوى إقليمية ودولية مؤثرة؟
 

لا شك أن "إسرائيل" تتبع استراتيجيات إعلامية ودعائية محكمة تهدف إلى إدارة السردية وتوجيه الرأي العام، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي. هذه الاستراتيجيات قد تتضمن محاولات لتحويل الانتباه، أو الترويج لروايات بديلة، أو حتى استخدام نفوذها للتأثير على أجندات إعلامية معينة. قد يكون جزء من هذا التراجع يعود إلى نجاح هذه الاستراتيجيات في إحداث نوع من "الإرهاق الإخباري" أو تشتيت الانتباه عن الجرائم المستمرة.
 

من جانب آخر، لا يمكن إغفال دور القوى التي تمول وتوجه بعض المؤسسات الإعلامية. ففي خضم المشهد السياسي الإقليمي والدولي المعقد، تلعب المصالح السياسية والاقتصادية دوراً محورياً في تحديد أولويات التغطية الإعلامية. قد يكون هناك ضغط غير مباشر، أو حتى توجيه مباشر، للحد من تسليط الضوء المكثف على قضايا معينة، بهدف خدمة أجندات سياسية أوسع قد لا تتسق بالضرورة مع استمرار التركيز على حجم الكارثة الإنسانية في غزة. هذا لا يعني بالضرورة تآمرًا، بقدر ما هو انعكاس لتأثيرات ديناميكيات القوة في توجيه بوصلة الإعلام.
 

كما أن عوامل أخرى قد تسهم في هذا التراجع، مثل الإرهاق الإخباري الذي قد يشعر به الجمهور والإعلام نفسه من تكرار المشاهد المأساوية، مما يدفع لتقليل التركيز عليها بحثاً عن مواضيع جديدة أو أقل قسوة. يضاف إلى ذلك التحولات في الأجندات الإقليمية التي قد تفرض أولويات جديدة على الدول ووسائل إعلامها، وصعوبة الوصول للمعلومات والصور من داخل القطاع المحاصر.
 

يظل السؤال حول أسباب تراجع التغطية الإعلامية العربية لمأساة غزة معقداً ومتعدد الأوجه. إنه يتطلب تحليلاً معمقاً يأخذ في الاعتبار تداخل العوامل السياسية، الاقتصادية، الإعلامية، وحتى النفسية، لضمان أن لا تُنسى هذه الكارثة الإنسانية في غمرة التحديات الإقليمية والدولية. فالمسؤولية الأخلاقية والإنسانية تقع على عاتق الإعلام ليكون صوت من لا صوت لهم، وأن يستمر في تسليط الضوء على حجم الألم والمعاناة في غزة، بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى.