قريبا ..الأدب العربي الموريسكي ( ١٤٩٢-١٧٠٠ م) . للكاتبة د. فاطمة إبراهيم محيسن


يصدر قريبا للدكتورة فاطمة محيسن، أستاذة الأندلسيات في الجامعة الهاشميّة، كتابها الجديد الموسوم بـ ”الأدب العربي الموريسكي 1496-1700م (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت)"، وهو عملٌ بالغ الأهميّة في حقل الدراسات الأندلسيّة المتأخِّرة، خصّت فيه فئة الموريسكيين ببحثٍ علميٍّ معمّقٍ، ورؤيةٍ نقديّةٍ بصيرةٍ تتوسّلُ الوثيقة ولا تنسى البصيرة!
فقد افتتحته الباحثة بمقدّمة حافلة بالدلالات، تمزج بين التبتّل الروحيّ والتحفّز العلميّ، إذ جعلت من هذا العمل وفاءً لأمنيةٍ قديمةٍ، ورغبةً في إزاحة الحُجُب عن زمنٍ عاش فيه الأدب العربيّ الموريسكيّ على شفا المحو، وقد أحسنت في استدعاء “الخميادة” بوصفها ملفوظًا ثقافيًّا يحمل آثارَ هذه الفئة المنسيّة.
وقد تنبّهت الباحثة إلى قلّة الدّراسات التي تناولت الجوانب الأدبيّة عند الموريسكيين، وانحصار الاهتمام السّابق في التّاريخ السياسيّ والدّينيّ، فوسّعت دائرة الضوء لتشمل أجناسًا مهمّشة كالشعر، والرسائل، والخطب، والمذكّرات، والرحلات. وقدّمت بذلك أنظارًا مغايرة تُنصف صوت الموريسكيّ الفَرْد، وتعيد ترتيب أوراق الهُويّة الأندلسيّة بعد انكسارها.
حيث تناولت في الفصل الأول (الشعر العربيّ الموريسكيّ) أبرز الملامح التعبيريّة في شعر الموريسكيين، وخصوصًا “شعر الاستجداء والاستثناء”، و”شعر الذّنب والثّناء”، وهي ثنائيّة تنطوي على بُعْدٍ نفسيّ وفكريّ معقّد، يظهر من خلالها الموريسكيُّ كذاتٍ قلقةٍ، تصارع للاحتفاظ بانتمائها.
بينما عالجت في الفصل الثاني (النثر العربيّ الموريسكيّ / أدب الرسائل) الأجناس النثريّة التي شكّلت الحامل اليوميّ للهوية الموريسكيّة، في محاولة لتأريخ التفاصيل الصُّغرى التي ظلّت غائبةً عن المتن الأدبيّ الرسميّ.
وفي الفصل الثالث (أدب الرحلات) تقف الكاتبة عند رحلتين بارزتين: رحلة أقوفاي، ورحلة الشهاب الحجريّ، فتستخرج من تضاعيف الرحلة سردية ثقافية، يتداخل فيها الذاتيّ بالجماعيّ، ويظهر فيها الموريسكيّ ذاتًا عابرةً للحدود، تبحث عن مأوى للهُويّة المتشظّية.
وتناولت في الفصل الرابع (الأدب الخميّادي المُترجم) المدوّنة الأدبيّة التي كُتبتْ أو تُرجمتْ إلى اللغة الخميّادية (المهجّنة بين الفصحى والعامّيّة والإسبانيّة)، مركّزةً على ثلاثة أنواع رئيسة: الكتابات الدّينيّة، والكتابات الجدليّة، والشّعر الخميّادي المُترجم. وتتمثّل قيمة هذا الفصل في أنّه يبرز الخطاب العربيّ الموريسكيّ من داخل النّسق المزدوج: نصٌّ عربيّ المعنى، أندلسيّ الروح، إسبانيّ الحُرُوف.
اما الفصل الخامس (الدراسة الفنيّة) تبلغ الدراسة ذروتها النقديّة، إذ تُخضعُ الباحثة المتن الموريسكيّ لتحليل فنيّ دقيق، يتناول: اللّغة، والتّناص، والإيقاع الدّاخليّ، والتّأثير والتّأثّر. ويُقرأ النص الموريسكيّ بوصفه ظاهرة جماليّة تحمل آثار المعاناة والتّمويه والمراوغة، في لغةٍ تتناسلُ فيها المجازات، ويتعانق فيها صوت الدّاخل والخارج.

















