+
أأ
-

القبيلات يكتب: آن للعدالة أن تسأل أين ضاعت نقابة المعلمين ولماذا؟

{title}
بلكي الإخباري

 

ثامر القبيلات.

زملائي المعلمين، أنتم الذين تقفون كل صباح على عتبات الضوء لتغرسوا بذور الفكرة في عقول الناشئة، وأنتم أيها المحامون الشرفاء، حراس النص وروح العدالة، هذا نداء من القلب والعقل معاً، لا يسعى للتهويل ولا يساوم على الحقيقة.

ان مطلب نقابة المعلمين في الأردن لم يكن مطلباً عابراً، بل كان حلماً جماعياً نقياً، نشأ من رحم الحاجة، حاجة المعلم لحاضنة تحفظ كرامته، تنظم شؤونه، وتيسر عليه الطريق ليبقى رأسه مرفوعاً أمام طلابه ومجتمعه. 

فنحن لم نطلب امتيازاً، بل أردنا مؤسسة تمثلنا لا تتحدث بإسمنا فقط، بل تتحدث عنّا، وتنطق بما يخالجنا من احتياجات وتطلعات.

لكن وكما شهدنا جميعا، كيف أن هذا الحلم الذي سُقي بعرق السنين، خطفه أصحاب الأجندات، من تلبسوا بلبوس المعلمين لكنهم لم يحملوا الهمّ التعليمي، بل ركضوا وراء شعارات مستوردة من عواصم خارجية، لا تعرف معنى الطباشير ولا تعب الحصص الطويلة؛ شهدنا جميعاً كيف تم استغلال النقابة كمنصة سياسية، لا لخدمة التعليم، بل لخدمة مخططات لا علاقة لها بمصلحة الأردن ولا برسالة المعلم.

وهنا يأتي دور المحامين الشرفاء، رسالة نوجهها لمن عرفوا أن العدالة ليست نصاً جامداً بل رسالة حيّة؛ فهل يمكن محاسبة من فرّط بالنقابة؟ من استغلها وقادها إلى الفشل؟ هل من نصوص قانونية تحاسب من حوّل مؤسسة مهنية إلى بوق سياسي؟ هذه أسئلة نوجهها إليكم أنتم، ضمير القانون، لتقولوا كلمتكم، لا دفاعاً عن المعلمين فقط، بل عن مستقبل الوطن.

أما أنتم أيها المعلمون يا أصحاب الرسالة، فإن مسؤوليتكم اليوم أكبر من أي وقت مضى؛ النقابة لا تُعاد ببكاء على الأطلال، ولا بإعادة نشر تغريدات على منصات التواصل الاجتماعي، بل بإعادة تعريفها كما كانت في بداياتها؛ جسم وطني مستقل، لا يتبع حزباً ولا يخضع لأهواء، بل يقف على قاعدة واحدة؛ مصلحة المعلم، ومن خلالها مصلحة الطالب، وبالنتيجة مصلحة الأردن بأسره.

فالنقابة ليست مكاناً للهتاف، بل منبر للعطاء؛ ليست أداة صراع، بل وسيلة بناء؛ من ضيّعها؟ من طعن ظهرها من الخلف؟ هل سيسعفنا القانون لكشف حقيقة أولئك الذين لا يعرفون معاناتنا، ولا يهمهم مستقبل أبنائنا، الذين استغلوها لتمرير شعاراتهم الفارغة، ففقدت النقابة بوصلة وجودها.

الزملاء الافاضل، عودوا إلى الأصل، إلى الدرس الأول، إلى قيم التعليم التي تنبت في الصمت والصبر، لا في صراخ المنابر، وعويل منصات تنظيم منحل، النقابة يمكن أن تعود، لكن بثوب مختلف، خالص للمعلمين، لا مُلوّن بأهواء سياسية مرفوضة من وطننا، نقابة تكون وطناً صغيراً لكل معلم ومعلمة، تحميهم، تسمعهم، وتُمثلهم، لا تستغلهم.

أما آن للمعلم أن يسترد صوته، وآن للمحامي أن يدافع عنه كما يدافع عن العدالة؛ فالحق الذي لا يجد من يحميه، يُكتب عليه أن يُدهس تحت أقدام الطامعين.