بنو معروف والوطن قصة ولاء يتجاهلها صناع العداء

كتب الناشر - في زمن تتزايد فيه محاولات بث الفرقة وتقسيم المجتمعات على أسس طائفية وعرقية يصبح من الضروري العودة إلى صفحات التاريخ التي تشهد على وحدة الهوية وانصهار المكونات الوطنية قصة بني معروف الدروز في سوريا هي إحدى هذه الصفحات المضيئة التي تتحدى سرديات الكراهية والتكفير
مع بداية القرن العشرين وفي خضم محاولات الاستعمار الفرنسي تفكيك النسيج المجتمعي السوري قدم لبني معروف عرض مغر إنشاء دولة درزية مستقلة هذا العرض الذي كان يهدف إلى تفتيت الوحدة السورية وإقامة كيانات هزيلة يسهل السيطرة عليها قوبل برفض قاطع من قبل أبناء الجبل لم يكن الانغماس في مشروع انفصالي يتماشى مع قناعاتهم الراسخة بهويتهم العربية والسورية الجامعة
لقد اختار بنو معروف مسارا آخر مسارا يؤكد ولاءهم للأرض والانتماء للوطن الأكبر انخرطوا بكل قوة في الحركة القومية العربية وناصروا بحماس ثورة الشريف حسين التي حملت لواء حلم الدولة العربية الكبرى لم يكونوا مجرد مشاركين بل كانوا في طليعة المدافعين عن السيادة والكرامة
بلغت ذروة هذا الالتزام الوطني في عام 1925 عندما قاد بنو معروف الثورة السورية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي كانت ثورتهم صرخة مدوية في وجه المستعمر لم تطالب بالامتيازات الطائفية بل رفعت راية الوحدة والاستقلال لسوريا كلها كانت رسالة واضحة بأن انتماءهم لا يتجزأ عن انتماء بقية أشقائهم في الوطن
ومنذ ذلك الحين بقيت هذه القصة شاهدة على أن الوطنية تتجاوز الانتماءات الضيقة ورغم هذا التاريخ المليء بالتضحيات والولاء نجد اليوم من ينشغل بتكفيرهم وبث الشكوك حول ولائهم إنها لموهبة عجيبة في صناعة الأعداء أن يتهم بالعمالة والتكفير من أثبتوا عبر عقود طويلة من النضال أنهم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني وأنهم دفعوا ثمنا باهظا للحفاظ على وحدة سوريا وعروبتها
في ظل التحديات الراهنة من الأهمية بمكان أن نعود إلى هذه الدروس التاريخية وأن ندرك أن قوة الأوطان تكمن في تنوعها ووحدة أبنائها لا في تفريقهم وتكفيرهم بناء على أوهام أو أجندات خارجية

















