+
أأ
-

د. محمد العزة : بناء وحماية الأوطان... دم وأرجوان

{title}
بلكي الإخباري

قراءة لاختيار ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله مدينة إربد، لتكون المكان والزمان اللذين تم فيه الإعلان عن عودة خدمة العلم، لم يكن صدفة، بل رسالة ودلالة وطنية سياسية عميقة كما عودنا الحسين في كل إطلالة له. ذات يوم كتبت مقالاً عن الرسائل التي بعثها سموه في مقابلته مع قناة العربية تحت عنوان «ولي العهد رسائل الحاضر والمستقبل».

المكان «إربد»، هناك أم قيس، كفر أسد، سما الروسان، قم، صما، كفر سحيمات، بني كنانة التي تحتضن إرث سليمان الروسان، ناجي العزام، مفلح كايد العبيدات، ومكان إقامة أول مؤتمر وطني أردني مقاوم للمشروع الصهيوني التوسعي 6/4/1920، ترجمة مخرجاته قولاً وامتزجت دماً وأرجواناً قدمها العبيدات مع إخوة التراب الفلسطيني في معركة تل الثعالب، رفضاً ورداً على مشروع ذلك الكيان الوظيفي السرطاني الحرام.

ذلك السرطان المستهدف للوجود والحدود والمقدسات الإسلامية والمسيحية الحرام.

أما الزمان فجاء توقيته بعد تصريحات قادة الاحتلال تجاه الأردن بلهجة كلها صلافة وغرور عن التهديد لسيادة الدولة الأردنية وتصفية القضية الفلسطينية، فجاء الرد بإعلان وطني يحمل روح التحدي ويذكرهم بملحمة يوم الكرامة الخالدة 21/3/1968.

إعلان استوجب الرد عليه بإعلان، جوهره الكبرياء، تعبيراً عن الاستعداد للتضحية والدفاع عن ثرى هذا الحمى الأردني الطاهر، لنعيد الكرة مرة تلو المرة.

توعية المجتمع الأردني بطبيعة المشروع وأهدافه الاستراتيجية واجبة، بالحديث أن المشروع لا يقتصر على الجانب العسكري فقط، إنما الإيضاح بأنه:

برنامج وطني تعبوي، توعوي شامل يهدف للإعداد البدني والذهني للشباب الأردني.

ضبط وتهذيب السلوك الفردي.

التهيئة لبناء مشروع فكر وطني منتمٍ للأرض والهوية الأردنية، يتبنى الدفاع عن قضايا الأمن الوطني السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ترسيخ قيم الانتماء والتضحية، إحياء روح العقيدة العسكرية، اعتياد حمل أعباء الأمانة داخل مواقع المسؤولية.

ما ذكر أعلاه يوضح أننا أمام مرحلة لتأسيس بنية تحتية تتعامل مع القرن الواحد والعشرين وعلومه العسكرية، التي تطورت وتعددت أشكال جبهاتها، منها الاقتصادية، النفسية، التكنولوجية، إلى العبث بأنماط النسيج والسلوك المجتمعي الثقافي والفكري.

مواكبتها له بالغ الأثر في التحضير لأرضية الدفاع عن الوطن، للتصدي لأي خطر يهدده.

الدولة الأردنية عبر تاريخها المئوي واجهت أخطاراً خارجية عدة واجتازتها، أولها الكيان الإسرائيلي الذي خضنا معه معارك تشهد لها سجلات التاريخ شرف البطولة والشجاعة والشهادة على أرض الأردن وفلسطين.

التحديات والصعوبات الداخلية لا تقل تهديداً وخطورة عن الخارجية، أخطرها يتمثل في بعض الفئات التي تنظر إلى الدولة على أنها سلة مكتسبات، تقوم باستغلال مقدراته وثرواته وتسخيرها لمصالحها الخاصة، والنتيجة إضعاف قدراته الاقتصادية. وأخرى فئات تمتهن عن جهالة حرفة بث الفرقة والمحاصصة لغايات وصاية لا مكان لها في دولة القانون والحداثة والمدنية والديمقراطية التعددية.

متلازمة الحماية والبناء عناوين بحاجة إلى الكثير من العمل لربطها معاً بأواصر الانتماء للهوية الوطنية وإثبات توفر شروط الأهلية المرتبطة بالمواطنة الفاعلة، حيث الحقوق والواجبات، حيث تمنح العلامة الكاملة لها على الممارسة.

معادلة الحماية والبناء في أي وطن لا تقتصر فقط على فكرة بناء القدرات والمهارات العسكرية، بل مرهونة أيضاً بالاجتهاد نحو ابتكار الحلول لبناء اقتصاد قوي، وعدالة اجتماعية تعمل على تقليص الفجوات بين الطبقات، ووعي وطني يحمي المجتمع من العبث وآفة التفرقة والفوضى.

المحصلة وحدات بناء مجتمعية قوية متماسكة، غير قابلة للاختراق، تعكس صورة المواطنة، متضامنة قادرة على العطاء، تكون على أهبة الاستعداد لمواجهة أي تهديد أو تحديات تحاول المساس بهذا الوطن، ومنجزاته هي مكتسبات تحقق لهم مفهوم الرفاه الاجتماعي والاقتصادي والأمني.

إعلان عودة خدمة العلم بأبعاده ورؤيته، يكشف عن مشروع شامل متكامل يحمل فكراً هادفاً لبناء جسد هوياتي أردني واحد معافى سليماً، منيعاً يمنع أي أذى يراد اللحاق بالأردن.

الوعي الفكري الثقافي جزء مهم في تشكيل الحصانة والمناعة المجتمعية، من هنا تأتي أهمية إدماج الأناشيد الوطنية داخل مدارسنا وجامعاتنا كما في الشارع، لرفع منسوب الروح المعنوية والانتماء الحقيقي منذ الصغر، بعيداً عن سطحية الشكليات، حيث الوطنية ليست طقوساً موسمية بل هي ممارسة يومية راسخة.

التذكير بأجيال تأسيس الدولة له دور كبير يساعد في تنشيط وإنشاء ذاكرة وطنية، تستحضر النموذج والتجربة، خاصة ممن تركوا بصمات الإنجاز في استقرار وبناء دولة المؤسسات والخدمات والجيش والأجهزة الأمنية.

الكل فينا مسؤول حسب دوره الموكل له بإخلاص وأمانة.

متلازمة الحماية والبناء عناوين، لترجمتها تحتاج إلى العمل داخل إطار الشراكة والاعتزاز بالهوية وصلابة الجبهة الداخلية ووحدتها.

ختاماً نقولها بثقة مع التأكيد على التكرار: الأردن القوي هو مصلحة وطنية ولأمته العربية، وضمانة لدعم قضيته المركزية، القضية الفلسطينية، وعهدنا له أن يظل عزيزاً كريماً آمناً مطمئناً مستقراً. ــ الدستور