+
أأ
-

كوميديا الهبل والهمل. : عندما يتحول الفن إلى تسول رقمي

{title}
بلكي الإخباري

 

خاص - في زمن أصبح فيه التعبير عن الذات متاحًا للجميع عبر شاشة هاتف، نشأت ظواهر إبداعية وفنية حقيقية، لكن في المقابل، ظهرت ظاهرة أخرى تُعرف بـ"كوميديا الهبل والهمل ". هذا النوع من المحتوى ليس مجرد محاولة فاشلة للضحك، بل هو إهانة للكوميديا الهادفة واستغلال للجمهور باسم الفكاهة. المحرك الأساسي وراء هذه الكوميديا الهابطة ليس الشغف بالإبداع أو الرغبة في إضحاك الناس بشكل حقيقي، بل هو التسول الرقمي.

صناع هذا المحتوى يدركون أن المقاطع الغريبة، الساخرة، أو حتى تلك التي تسيء للآخرين، تحصل على تفاعل سريع وتجلب لهم مشاهدات بالملايين. هذه المشاهدات تتحول إلى سنتات معدودة من أرباح الإعلانات، مما يدفعهم إلى إنتاج المزيد من "الهبل" لإبقاء عجلة الربح تدور.

الخطورة تكمن في أن هذا المحتوى لا يكتفي بالرداءة، بل يذهب أبعد من ذلك ليستخدم أدوات سلبية لجذب الانتباه. فنجد من يسيء إلى لهجات محلية، او يسخر من عادات وتقاليد وأعراف ، أو يصور تصرفات غير لائقة وكأنها أمر مضحك أو طبيعي. هذا الأسلوب لا يسيء فقط للمفهوم النبيل للكوميديا، بل يساهم في نشر صورة سلبية ومشوهة عن المجتمعات ، ويشجع على التنمّر والسخرية من الاختلاف.

الكوميديا الحقيقية هي فن راقٍ. هي مرآة تعكس الواقع بطريقة ذكية ومسلية، وتستخدم الفكاهة لمعالجة قضايا اجتماعية وسياسية مهمة. الكوميديان المبدع هو من يستطيع إضحاكك وجعلك تفكر في الوقت نفسه. أما "كوميديا الهبل" فهي لا تقدم شيئًا سوى الضحك الفارغ الذي ينتهي بلحظة، تاركًا وراءه شعورًا بالاستياء. إن مسؤولية التصدي لهذه الظاهرة لا تقع على صناع المحتوى وحدهم، بل على الجمهور أيضًا. عندما يتوقف الجمهور عن التفاعل مع هذا المحتوى السلبي، وعندما يدرك أن "اللايك" الذي يمنحه هو بمثابة مكافأة على السلوك غير اللائق، فإن هذه الظاهرة ستتلاشى تدريجيًا. فالتغيير يبدأ من وعينا بما نشاهده وندعمه على منصات التواصل الاجتماعي.