البقعة بين رؤية القيادة وهمّة المجتمع… زيارة تحمل رسائل ملكية وقضية أمة

في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات العالمية حول الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، جاء حضور المهندس رفيق خرفان مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية إلى لجنة خدمات مخيم البقعة بمثابة رسالة عميقة المعنى، تتجاوز حدود الزيارة التفقدية إلى آفاق أوسع من مجرد متابعة إدارية أو وقوف على تفاصيل يومية. إنها زيارة تكثّف في مضمونها الإيمان الملكي العميق بقضية المخيمات الفلسطينية، وتجسّد في جوهرها رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، الذي لم يتخلّ يومًا عن قضيّة فلسطين، ولم يسمح أن تُطوى أوراقها في زحمة ملفات العالم.
هذه الزيارة لم تكن بروتوكولية أو شكلية، بل هي امتداد مباشر لنهجٍ هاشمي عريق يرى في المخيمات الفلسطينية عنوانًا لصمودٍ متجذر، وجسرًا يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل. وهنا، كان حديث الدكتور محمد تامر واضحًا حين أشار إلى أهمية تشكيل لجان شبابية تطوعية تعمل جنبًا إلى جنب مع لجنة الخدمات، وكأنه أراد أن يقول إن الشباب هم الوقود الحقيقي لأي نهضة، وإن العمل التطوعي ليس ترفًا اجتماعيًا بل ركيزة أساسية لترسيخ الهوية الفلسطينية وتعزيز الحضور الوطني.
أما المحامي شريف العوفي نائب رئيس لجنة الخدمات، فقد لفت الأنظار إلى البعد التاريخي والديني والسياسي للدور الهاشمي في دعم القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن مواقف جلالة الملك ليست مجرد تصريحات عابرة، بل هي مواقف متجذرة في صميم الدفاع عن القدس وعن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. وهنا تتضح معادلة غاية في العمق: هاشميون لا يساومون على الثوابت، وشعب يرفض أن تُسرق منه هويته وحقه الشرعي.
وفي سياق متصل، كان صوت المرأة حاضرًا عبر مداخلة السيدة لانا السطري، التي شددت على ضرورة تشكيل لجان نسوية تُعنى بالتعليم والإرشاد والتمكين، مؤكدة أن المرأة في المخيم ليست متفرجًا على الأحداث، بل شريكًا في صناعة المستقبل وصوتًا لا يقل قوة عن صوت الرجال في ميادين الكرامة والوعي. فهي ترى أن التنمية تبدأ من العقل المهيأ، والمرأة قادرة أن تكون جسرًا يعبر بالمجتمع نحو وعي أعمق وإسهام أوسع.
هكذا، غدت الزيارة التفقدية حدثًا بحجم الرسائل التي حملتها: رسالة ملك يؤكد أن فلسطين قضيته الأولى والأخيرة، ورسالة مجتمع يثبت أن المخيم ليس محطة انتظار بل مصنع كرامة وعنوان انتماء. وبين الرؤية الهاشمية والدور الشعبي، تتشكل معادلة جديدة عنوانها: الأمل في كنس الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
















