كنان مبيضين :- الأحزاب والشباب في الأردن: حصة الشباب من ما يسمى “الثقافة الحزبية”

مؤخرًا حضرتُ حوارية شبابية في محافظة إربد. كان العنوان يوحي بأن الشباب سيكونون في قلب النقاش، لكن الحضور الفعلي لهم بالكاد تجاوز 10%. وإذا ما استندنا إلى تعريف الأمم المتحدة للشباب (15 – 24 عامًا)، يصبح وجودهم أشبه بالاستثناء لا القاعدة.
غياب الشباب عن مثل هذه اللقاءات أمر مؤسف، خصوصًا إذا ما تذكّرنا أن الرؤية الوطنية، كما عبّر عنها جلالة الملك ومخرجات اللجنة الملكية للتحديث السياسي، وضعت الشباب في قلب العملية السياسية بوصفهم قوة فاعلة.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن مجرد تنظيم مثل هذه الحواريات خطوة إيجابية بحد ذاتها، لأنها تفتح المجال – ولو بشكل أولي – أمام النقاش. كما أن حضور بعض الطاقات الشبابية، وإن كانت محدودة، مؤشرًا على أن هناك من يبحث عن دور أكبر داخل الحياة الحزبية والسياسية. لكن ما زالت المشكلة تكمن في الشكل التقليدي لإدارة هذه الفعاليات.
الاكتفاء بعناوين مستهلكة، أو حوارات عامة،
وحتى الضيافة لم تتغير كثيرًا القهوة والوربات حضرت من جديد، وهذه المرة أضيف إليها عصير “الراني حبيبات”، وكأننا في مناسبة اجتماعية أكثر من كوننا في مساحة حوار سياسي.
الطريق إلى “ثقافة حزبية” حقيقية يمرّ عبر فتح المجال أمام الشباب ليكونوا شركاء في التخطيط والقرار، لا مجرد ضيوف في قاعة. عندها فقط ستتحول هذه اللقاءات من طقوس شكلية إلى منصات فعلية للتفكير والعمل والإصلاح.
هذا المقال هو الجزء الثاني من سلسلة مقالات تحت العنوان العام “الأحزاب والشباب في الأردن”، التي أتناول فيها جوانب مختلفة من العلاقة المعقّدة بين الشباب والعمل الحزبي. وقد حمل الجزء الأول عنوان “فجوة الثقة”، بينما يركّز هذا الجزء على “حصة الشباب من ما يسمى الثقافة الحزبية”. وفي الأجزاء القادمة، سأتناول محاور أخرى لعلها تسهم في نقاش وطني أوسع حول مستقبل الحياة الحزبية ودور الشباب فيها



















