+
أأ
-

د. اسمهان ماجد الطاهر تكتب : على وزارة العمل فتح ملف "سماسرة تهريب عاملات المنازل" في الأردن

{title}
بلكي الإخباري

الدكتورة اسمهان ماجد الطاهر‎

لقد ظاهرة هروب عاملات المنازل من بيوت الأردنيين أزمة اجتماعية واقتصادية تمس شريحة واسعة من المواطنين.

هذه الظاهرة، التي تتكرر بصور متشابهة في مختلف المحافظات، لم تعد تُفسَّر بأسباب فردية أو خلافات بسيطة، بل تشير إلى وجود شبكات تهريب واستغلال، تعمل في الظل، وتتطلب تدخلاً حكومياً حازماً لكشفها ومحاسبتها.

في السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة "هروب" عاملات المنازل من بيوت الأردنيين بوتيرة مقلقة، ما يفتح الباب أمام سلسلة من التساؤلات المشروعة التي تستدعي تحركاً حقيقياً من الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة العمل. فالهروب لم يعد مجرد حادث فردي أو خطأ شخصي من العاملة، بل أصبح شبكة منظمة تشرف عليها جهات وسماسرة يعملون في الظل، وأحياناً بتواطؤ من بعض المكاتب أو الأفراد.

حتى اللحظة، لم تصدر وزارة العمل أو الجهات الأمنية بيانات شفافة ومنتظمة عن عدد عاملات المنازل الهاربات في الأردن، رغم أن هذا الرقم يمثل أساساً ضرورياً لفهم حجم الظاهرة.

تشير تقديرات غير رسمية إلى آلاف الحالات سنوياً، ومعظمها تحدث بعد مرور 90 يوماً من قدوم العاملة، أي فور انتهاء فترة "الضمان" التي يُقدمها المكتب المستقدم، مما يثير علامات استفهام كبيرة حول التوقيت والأسلوب.

وقد كثر الحديث عن وجود سماسرة تهريب عاملات المنازل كحلقة خفية لكنها فعّالة، تتكون من وسطاء وسيدات يعملن في مواقع إلكترونية وصفحات تواصل اجتماعي، مهمتهم الأساسية جذب العاملات للهروب من منزل الكفيل، وإعادة "تدويرهن" في سوق سوداء غير خاضعة لأي رقابة.

حيث تُعرض العاملات على منازل أخرى مقابل أجور أعلى، غالباً دون أي توثيق رسمي، ما يحوّل العاملة إلى ضحية للاستغلال والمواطن إلى ضحية للاحتيال.

وبالتالي يفترض على وزارة العمل ان تتحمل مسؤوليتها التي لا يجب ان لا تقتصر فقط على إصدار التصاريح وتنظيم العقود.بل عليها فتح تحقيقات رسمية وشفافة في قضايا الهروب المتكررة، بهدف رصد وملاحقة سماسرة التهريب عبر فرق تفتيش ميدانية وتعاون مع الأجهزة الأمنية.

كما يجب نشر بيانات دورية حول أعداد العاملات الهاربات والمكاتب المتورطة.والاهم هو تعديل التشريعات بحيث يُمدد ضمان المكتب على العاملة لأكثر من 90 يوماً، أو وضع آليات قانونية معينة لضمان حق المواطن في حالة الهروب.

الكفيل الأردني للعاملة يتحمل كافة التكاليف المالية من رسوم الاستقدام، والتذكرة، والتأمين، ورسوم الوزارة، و الإيواء والمعيشة، ثم يجد نفسه فجأة خاسراً للعاملة والمال، دون أن يجد جهة حكومية تحمي حقه أو تعوضه، خاصة بعد مرور الـ90 يوماً، حيث يتنصل فيها المكتب من أي مسؤولية

والسؤال الجوهري الذي يجب ان يطرح، من يضمن حق المواطن بعد انتهاء كفالة المكتب؟
هل يُعقل أن يتحمّل المواطن النتائج وحده بينما ينشط السمسار دون حساب؟!

لابد من فتح باب تحقيق نيابي وإعلامي في ظاهرة هروب او تهريب العاملات إذا صح التعبير .

وعمل مكتب شكاوى خاص بالعاملات الهاربات يُعنى بإعادة الحقوق للكفيل.

كما يجب وضع آلية تأمين مالي جديدة تعيد للمواطن جزءاً من خسارته في حال الهروب.

والأكثر أهمية هو تشديد العقوبات على أي جهة تتعامل او تشغل عاملة هاربة خارج القانون.

إن استمرار ظاهرة هروب عاملات المنازل في الأردن دون ردع حقيقي، يعني أن هناك ثغرة قانونية ومسؤولية حكومية غائبة.

المواطن الأردني لم يعد قادراً على تحمل كلفة التهرب من هذا الملف.لهذا، فإن فتح ملف سماسرة تهريب العاملات بات ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل، صوناً للحقوق، وكرامة للقانون، وعدلاً للمواطن.

a_altaher68@hotmail.com