+
أأ
-

م رنا الحجايا تكتب : عجز الخطوات: خارطة طريق البلديات... أم رقصة الوهم في ظلال الدولة العميقة؟

{title}
بلكي الإخباري

 

رئيسة بلدية الحسا سابقا

يا لها من مهزلة كوميدية سوداء تلك التي تعرض على مسرح الإدارة المحلية في الأردن! تخيلوا: بلد يغرق في مديونيات بلديات بملايين الدينارات، خدمات تتأرجح  بين الفوضى والانهيار، وفجوة تنموية بين المحافظات كأنها "هاوية اللا-معنى" وفي قلب هذا العبث، يُلوّح المسؤولون بـ"خارطة طريق" للبلديات، لكنها حتى الآن لم تُولد>

مجرد وهم ينسج في كواليس الدولة العميقة، كما لو كانوا يرددون : "كل شيء ممكن، لكن لا شيء حقيقي!" اتُخذ قرار حل جميع المجالس البلدية ومجالس المحافظات وأمانة عمان الكبرى، تحت شعار "الإصلاح والشفافية". السبب المعلن؟ "سوء إدارة" و"مديونية"

 لكن هذا القرار، الذي نفّذته "إرادة القوة" المركزية، لم يتبعه خارطة طريق ملموسة. بدلاً من ذلك، عُينت لجان مؤقتة من موظفين حكوميين، تُدير المشهد دون رؤية. لا خطط واضحة لتوزيع الميزانيات، لا استراتيجيات لسد الفجوة التنموية ، ولا حتى اشاعه مغرضه!! عن الاستقلال المالي للبلديات.

هي "رقصة الموت" على إيقاع الدولة العميقة، حيث القرارات تُتخذ في الظلال، بعيدًا عن الواقع وتحت تاثير المصالح الشخصيه ؟ وأين البلديات و اللامركزيه و مجالس المحافظات و بل حتى النواب و الاحزاب في هذه الفوضى؟ غيابها ليس خطأً، بل "وهم عظيم" يُروّج له!

الخطوات المعلنة؟ مبادرات هزيلة: كاميرات رادار في 12 بلدية، حوسبة 94 بلدية، نظافه و ضخ اموال كبيره و الدفع بملف الادارة المحليه في غياب المنجزات و ضيق الافق و عزلة الموقف !! وكأن هذه الفتات ستعالج الفقر (25%) أو البطالة (22% بين الشباب). يا للسخرية! هذه ليست تنمية، بل "عبثية" سياسيه ، حيث المسؤولين يروجون لما يريدون بعيدا عن الحقيقه، لأن الحقيقة ثقيلة جدًا.

وذروة المهزلة تأتي في خطوة استطلاع الرأي من مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، الذي يُروّج كدليل "علمي" لنجاح ما تم منهجية في الادارة المحليه بعيدا عن اي مؤشرات حقيقية نستند عليها. حيث في مايو 2025، يُعلن أن 70% من الأردنيين يثقون بالحكومة (23% بدرجة كبيرة، 47% متوسطة)، و61% يؤمنون بقدرتها على تحمل المسؤوليات. يا للعبقرية! لكن هذه الخطوة تنوء بفجوات تجعلها اقرب الى مسرحية حيث غموض المنهجية: العينة الوطنية (1,800) مُسحبة من دائرة الإحصاءات، لكن لا توضيح لتمثيل المناطق التمثيلية. هامش الخطأ ±2.5% عند مستوى ثقة 95%، لكن عدم نشر البيانات الكاملة يحد من التحقق.

اما التوقيت والترويج  فهو ينشر وقد بدات الناس تسال ماذا يحدث في الادارة المحليه ؟  بعد حل المجالس ، كأنه تبرير للقرار، مع تعاون مع وزارة الاتصال الحكومي، الواضح في هذا العمل  هل هناك تزيين و محاباه و انتقائيه حيث نتج ان انعكاس غريب للصورة الرسمية و التي تشير الى تراجع الثقة في المؤسسات (مجلس النواب من 20% إلى 17%)!!

يظهر التناقض مع الواقع 70% ثقة مقابل 43% تخطيط للتصويت في الانتخابات البلدية، مع ارتفاع الفقر (25%) والبطالة (22%)، يُوحي بتضليل واضح.

ان السياق التاريخي للاستطلاعات يقدم لنا  (2010: 64% ثقة بحكومة الرفاعي، 2021: 67% عدم ثقة بالخصاونة) تُظهر تراجعًا مستمرًا منذ 1996، مما يجعل 70% في 2025 مُبالغة غير مبررة في ظل نفس المنهجية الاقتصادية و تراجع الادارة المحليه الواضح.

في مايو 2025، يُعلن أن 74% من الأردنيين يرون الحكومة "مفاجئة بإيجابياتها"، والثقة ارتفعت إلى 27% بعد 200 يوم. كأن الفقر والبطالة تبخرا بنسب مئوية سحرية. لكن، في استطلاع راي مهذا يبدو ان الحقيقة ليست ما يُعلن، بل ما يُخفى!

هل هذة الاستطلاعات اصبحت ذراع إعلامي للدولة العميقة يروج للإصلاح بينما يخفي الفشل.إنجازات الرؤساء البلديات المنتخبين؟ مدفونة تحت ركام التضليل! الـ100 رئيس بلدية في 2022 نفذوا مشاريع مثل مبنى تراثي في القادسية , شاطئ سياحي للكرك , بورصات للورود في عين الباشا ورفع تحصيل الضرائب

لكن  هؤلاء الرؤساء صوروا كـ"الأشرار"، بينما اللجان المؤقتة هي "الأبطال".

 هذا ليس إصلاحا، بل "موت الديمقراطية" .

اما من يطلقوا على انفسهم بالنخبة السياسية؟ اصبحوا يصفقوا لكل انواع المسرحيات الجاد منها و الهزلي كما هو في الادارة المحليه ، يدافعون عن "الإصلاح" دون سؤال: أين الشفافية؟ أين التمثيل الشعبي و اين الدفاع عن المنجزات . حيث تفضل السلطة المحافظة على الوضع الراهن على حساب التنمية الحقيقية أو تمكين المجتمعات المحلية.

هذا الجهل السطحي يستغل لتكريس مصالح النخبه على حساب مصلحة الوطن في النهاية، هذه الخطوات – حل المجالس، لجان مؤقتة، استطلاعات مضللة – ليست خارطة طريق، بل "رقصة القرود" على مسرح الدولة العميقة. حان الوقت لخارطة شعبية تُفعل التنمية، تحيي الديمقراطية، وتسكت الوهم بصوت الحقيقة. أم أننا سنظل نصفق للفراغ حتى ندمر أنفسنا؟