د غازي ذنيبات يكتب : غزة، وعقدة الحل.

في الوقت الذي تتطاير فيه التصريحات الأمريكية، والقذائف والإغلاقات الإسرائيلية منذرة بالعودة للحرب مجددا، وفي الوقت الذي ينشغل فيه العالم في تفكير عميق حول اليوم التالي، نجد الضبابية تغلف المشهد الغزاوي، ونجد أن من المحظور عربيا مجرد التفكير في يوم غدٍ، أو التعرض له، على اعتبار أنه يمس بعض الثوابت المقدسة، وينال من هيبة المقاومة، وفي الحقيقة فهو الهروب من الحقيقة المرة.
الأعزاء.
لعلها الفترة الأصعب في تاريخ الصراع، فرغم وقف إطلاق النار الهش، فإن اسرائيل كلما شاءت، أو عن لها أن تعربد في غزة، فهي لن تعدم المبرر والسبب، والوسيلة للعودة إلى الحرب اذا وجد الفريق المتطرف أن وقف الحرب يقلل شعبيتهم في الداخل الإسرائيلي، وقد صدقكم من حذر من عدم الثقة بحكومة الاحتلال.
أما في غزة وما حولها فهذا الصمت المريب، وطمر الرؤوس في رمال غزة الموحشة المقفرة، لن يحل المشكلة، ولا بد من الوضوح، والمكاشفة، وإعادة ترتيب الداخل الغزاوي بما يكفل الحد الأدنى من السلم الأهلي والمجتمعي، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشعب المحطم، فما لا يدرك كله لا يترك جله، وعدم الخوض في هذا الأمر لن يحل المشكلة، فاذا كانت حماس قد تعهدت امام الفرقاء فعلا ب: ( تسليم السلطة، وتسليم غزة، وتسليم السلاح)، بعد أن أطلقت سراح الأسرى، فهل ستلتزم حماس فعلا بهذا الإتفاق؟ وإذا كانت ستلتزم به فعلا فما هو الدور الذي تعمل على تكريسه في هذه المرحلة باستخدام الحديد والنار، وهي تشوه سمعتها بالإعدام الميداني الجماعي العلني بلا محاكمة؟ وهل تعتقد حماس أنها تستطيع، أو يسمح لها أن تستمر في حكم غزة من الباطن، أو الظاهر في مواجهة عدو تم انعاش ذاكرته الأمنية الاستعدادية لمئة عام قادمة؟ وقد أطلقت يده، وتكشفت الأهداف بوضوح أمام قذائفه العمياء، وتحررت من الخوف على الأسرى الذين أطلق سراحهم ؟ ثم أليس الأولى والأجدر ، والأجدى أن تتفاوض حماس في هذه المرحلة الحاسمة مع السلطة أو مع أي سلطة فلسطينية تقبلها أطراف الاتفاق، وتسلم الأمن، وكافة الملفات العالقة، وملف السلاح، وملف إدامة، وإدارة ، وإنقاذ شؤون القطاع الجائع المدمر، بسلاسة والتنازل للشقيق القريب، وإن تطلب الأمر تقديم تنازلات للقريب لقاء ما قدم من تنازلات للبعيد اللدود من أجل إبرام الإتفاق، فلعل هذا وفي هذه المرحلة يكون أسلم من التفاوض تحت النار على تسليم الأمور لسلطة غير فلسطينية، ناهيك عن الانتقال الجبري نحو الفلتان الأعمى والفوضى، كما يحلم الأعداء، وما أكثر المتربصين عندما تغيب السلطة، ويغيبب القانون ،،،،،
سلطة حماس في غزة إذا كانت لا تعي ما سيحدث بعد أن تسلم السلاح وتغادر السلطة، فهي واهمة، وهي لم تقرأ تاريخ الشعوب، وطبائعهم على مر الأزمان.
هذا إذا لم يكن لدى حماس نية الإنقلاب على الإتفاق، وفي هذا مغامرة، ومخاطرة جديدة.
أما قادة الفكر والنضال الفلسطيني المستقلين، وما أكثرهم، فعليهم واجب التدخل الفوري وهم يدركون هذه الحقائق المرة والعواقب الوخيمة وخبروها جيدا، فالفتنة لا سمح الله عندما تقبل يدركها العقلاء، أما عندما تدبر فيكتشفها البلهاء الذين يملأون الأسواق ضجيجا، وإذ تعقدت الأمور وتحولت من حبكة يمكن حلها فيما مضى، إلى عقدة يصعب حلها، وفي كل يوم يمر تزداد تعقيدا، وكلا الأمرين أحلاهما مر فالتدخل العاقل مطلوب فورا .
والله المستعان



















