+
أأ
-

المحامي حسام خصاونة :- زيادة الرواتب… استحقاق وطني وصرخة شعبية يجب أن تتصدر أولويات الموازنة العامة

{title}
بلكي الإخباري

 

أي عاقل وأي مواطن في الأردن اليوم يُدرك أن المطالبة بزيادة الرواتب لم تعد مطلبًا عابرًا أو سياسيًا، بل هي حق مشروع وضرورة معيشية ملحّة. فمنذ أكثر من خمسة عشر عامًا لم تشهد رواتب الموظفين أي زيادة تُذكر، في وقتٍ تتضاعف فيه كلفة المعيشة والأسعار بشكلٍ غير مسبوق. بل إنّ هذه الرواتب، حتى لو زادت بنسبة 100%، ستبقى متواضعة مقارنةً بمستوى الغلاء والاحتياجات الأساسية للأسرة الأردنية، فكيف بوضعها الحالي الذي لا يكفي لأسبوع واحد من متطلبات الحياة الكريمة؟

لقد قدّم المواطن الأردني الكثير وتحمل أكثر، وصبر على الظروف الاقتصادية الصعبة، مؤمنًا بوطنه وقيادته، ومتحمّلًا آثار الغلاء وارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية. ومع ذلك، ما زال يعاني في سبيل تأمين متطلبات حياته اليومية. ومن حقه اليوم أن يشعر بأنّ الدولة تقف إلى جانبه وتمنحه ما يستحقه من دعم وكرامة معيشية.

وفي الأيام القادمة، ستُعرض الموازنة العامة على مجلس النواب، ومعها ستُطرح القضايا الكبرى التي تمس حياة الناس ومعيشتهم اليومية. وقد بدأنا نسمع أصوات النواب تطالب بزيادة الرواتب، وهو مطلب يُعبّر عن نبض الشارع ووجع المواطن. وبرأيي، فإنّ هذا المطلب لم يعد خيارًا، بل أصبح واجبًا وطنيًا على الحكومة أن تضعه في مقدمة أولوياتها وأن تعمل بجدية على تحقيقه ضمن برنامج واقعي ومدروس.

لكنّ الأمل الأكبر يبقى في أن لا تتحول هذه المطالبات إلى مجرد شعارات إعلامية، بل أن تكون تحركات نيابية جماعية ومنسّقة على مستوى الكتل، تمارس الضغط الإيجابي على الحكومة، وتقدّم في كلماتها أثناء مناقشة الموازنة أفكارًا وحلولًا عملية قابلة للتنفيذ.

من المهم أيضًا أن يعود النواب إلى قواعدهم الشعبية ويستمعوا إلى هموم الناس عن قرب، وأن يعمل نواب القوائم الوطنية من خلال أحزابهم على صياغة برامج واقعية تُسهم في معالجة الخلل الاقتصادي وتقديم بدائل تنموية. فالموازنة ليست أرقامًا جامدة، بل هي التي تحدد اتجاه الدولة للعام القادم وتُجسّد أولوياتها الحقيقية.

ومن بين الأفكار التي يجب التركيز عليها:

#إعادة ترتيب الأولويات بحيث تكون زيادة الرواتب وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين على رأسها.

#تقليص نفقات الهيئات المستقلة وتوجيه جزء من موازناتها لتحسين دخول الموظفين.

#الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتوليد فرص عمل حقيقية للشباب.

#دعم القطاع الزراعي والعودة إلى الإنتاج المحلي لتقليل الاستيراد وتحريك الاقتصاد الريفي.

#التركيز على السياحة الداخلية في المحافظات، فالتجربة أثبتت أن اهتمامًا بسيطًا كما في محافظة عجلون، كفيل بجذب السياحة وخلق فرص اقتصادية جديدة للمواطنين.

إنّ الموازنة العامة اليوم أمام امتحان الشعب، فهي ليست مجرد أرقام بل تعبير عن توجهات الحكومة وأولوياتها. فإذا كانت الغاية تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، فإن البداية الحقيقية تكون من جيب المواطن ومن كرامته المعيشية.

رفع الرواتب ليس مطلبًا سياسيًا، بل استثمار في الإنسان الأردني، وهو أعظم استثمار يمكن أن تقدمه أي حكومة لشعبها.

# المحامي حسام حسين الخصاونة