+
أأ
-

قلق الفواتير: التوتر التراكمي عند المواطن الأردني سبب في شعوره بالإحباط وعلى الدولة تقديم الحلول .

{title}
بلكي الإخباري

يعيش المواطن الأردني اليوم تحت وطأة ضغط يومي لا يقتصر على متطلبات العمل الشاقة، بل يتجاوزها إلى ما يمكن تسميته "أزمة الانتظار التراكمي". وهذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل هي حالة من القلق  العميق ناتجة عن التحول المستمر من إنسان فاعل إلى إنسان مُنتظِر.


مجرد استعراض قائمة الالتزامات اليومية—من فواتير الماء والكهرباء، مروراً بضرائب المركبات، وصولاً إلى رسائل مخالفات السير غير المتوقعة—يحوّل الحياة من مساحة للإنجاز إلى حقل ألغام مالي وإجرائي. فالمواطن يجد نفسه محاصراً ضمن دورة لا نهائية من الترقب: يترقب فاتورة ليدفعها، ويترقب موعداً رسمياً لتجنب غرامة، ويترقب رسالة نصية تُفرح أو تكسر ظهره. هذا الانتظار القسري يسحب من رصيده النفسي ويُفرغ طاقته الإبداعية.

يزداد هذا الضيق حدة حينما يتحول الترقب إلى خوف مباشر، كما في حالة من ساء حظه 
واضطر للاقتراض من شركات التمويل الأصغر، ليصبح الانتظار خوفاً من ملاحقة  موظفات التحصيل، فيتحول الحي والبيت إلى مكان للاختباء لا للسكينة.


هذا التوتر المتعدد الأوجه لا يبقى مجرد ضغط ، بل يتغلغل إلى صميم الأداء اليومي. فالقلق المالي التراكمي يعمل  كمُعطّل إدراكي حيث يستنزف الموارد العقلية اللازمة للتركيز والإبداع واتخاذ القرارات السليمة.

فحالة الضيق المستمرة تحول دون أن يقدّم المواطن أفضل ما لديه في عمله أو في تربية أبنائه، لأنه دائماً مشغول بالحسابات المعلقة وبالهم المؤجل

لذلك، فإن التخفيف من هذا العبء لا يقتصر على حلول اقتصادية فورية، بل يتطلب إعادة هيكلة للعلاقة بين المواطن والدولة، علاقة تقوم على التبسيط والشفافية وتخفيف حدة الترقب، ليتحرر الإنسان من سجن الانتظار ويعود قادراً على الإنجاز.