ضرار البستنجي يكتب :- وزير الاتصال في الكرك .. هل من جديد؟

استضاف موقع "بلكي نيوز" الإخباري مساء أمس الأول وزير الاتصال الحكومي د.محمد المومني في محافظة الكرك، في حوارية سياسية اجتماعية شكّلت انطلاق سلسلة من الحوارات في إطار صالون "بلكي نيوز" السياسي الذي أعلن عن إطلاقه ناشر الموقع المهندس فادي الشواهين في كلمته الترحيبية التي كان لافتاً تأكيده فيها على أن اختيار محافظة الكرك لإطلاق مبادرته ليس مصادفةً، بل "خيار فكري" ينطلق من رمزية المكان وأصالته من جهة، ومن جهة أخرى من ضرورة تجاوز الفهم التقليدي للفعل السياسي والفكري الذي اعتاد على التحرك من المركز نحو الأطراف والقواعد الشعبية، فيما تنطلق المبادرة من خلق حوارات ونقاشات معمقة ضمن منبرٍ سياسي اجتماعي تستحق المحافظات والأطراف أن تحتضنه تعبيراً عن تفاعل أبنائها وقدرتهم كما حقهم في الاشتراك في الحوارات الوطنية وتقديم أفكارهم ورؤاهم، واشراكهم في إنضاج الأفكار والمشاريع ورسم الرؤى والخطط.
الفعالية التي شارك فيها مجموعة من الإعلاميين والكتّاب من مختلف المحافظات إضافة إلى وجهاء المحافظة والمهتمين بالعمل العام هدفت إلى تكريس فهم جديد حول لقاءات المسؤولين بالفعاليات السياسية والاجتماعية بعيداً عن اللغة المعتادة وعن مركز الفعل السياسي في العاصمة عمّان، وعلى قاعدة الحوار الشفاف المنتج المطلوب تعميمه في هذا الظرف الدقيق من عمر البلاد والمنطقة برمّتها.
الحوارية التي بدأت بكلمة مختصرة أشّر فيها الوزير المومني على العناوين العريضة لمشاريع التحديث السياسي والاقتصادي والإداري وعلى الواقع الإعلامي تلتها مداخلات وأسئلة الحضور؛ اتسمت بتركيز المداخلين على البعدين؛ السياسي (بشقّيه: الإصلاحي الذي تبدّت ضروراته الملحة في المداخلات والأسئلة، والحزبي كعنوان عريض للإصلاح الذي يعتبر نجاح التجربة الحزبية أحد أهم عناوينه)، والإداري كعنوانٍ عريض لتطوير الواقع الاجتماعي على اعتاب حوار وطني شامل موعود سيسبق إقرار قانون الإدارة المحلية في ظرف إقليمي وداخلي حساس، كما حاز الإعلام وقضاياه وهمومه حصةً وازنة من المداخلات والملاحظات.
يُحسب للحوار ومنظميه عمق الموضوعات المطروحة وغياب العناوين العبثية الممجوجة التي تحضر عادةً في الحوارات المشابهة، فحضر الهم العام فيما غابت مفردات البعد الخدمي بمعناه الضيّق، وحلّ الترحيب وحفاوة استقبال الوزير الضيف محل "التسحيج" المعتاد بمعناه العبثي، وارتفعت سقوف المواضيع المطروقة انطلاقاً من تموضعات سياسية وإعلامية أو حزبية عبّر عنها المداخلون فيما غابت عنهم التعبيرات المناطقية أو المطلبية الضيّقة. ببساطة كان الحوار، وإن ضاق الوقت على استكمال كل عناوينه، خير معبّرٍ عما نحتاجه من حوارات تطرق القضايا الكبرى التي تتجاوز العناوين الفرعية لصالح هموم الوطن والناس والأزمات التي تتربص بالجميع، سيما وقد لامست مداخلات الحضور بوضوح عناوين مطلوبة كالنقد الإيجابي والتقييم والرسائل والاقتراحات.
قد لاتكون الحوارية قد استكملت كل ما أقيمت من أجله، سواءً بفعل ضيق الوقت على اتساع العناوين المطروحة، أو لصعوبة استكمال أي حوار بعد تناول العشاء، أو حتى لطبيعتها كما أرادها المنظمون لجهة شفافيتها وعمق عناوينها بفعل نخبوية الحضور وتنوعهم المعرفي والسياسي ومنح الهوامش المطلوبة للمشاركة رغم تحفّظٍ هنا أو هناك لم نعتَد بعد على التخلص منه ؛ لكنها رغم كل ذلك كانت مختلفةً عن المعتاد في لقاءات المسؤولين التي تقتصر عادةً على التنظير والتصفيق أو الشعبويات. والثابت أن حوارية (مسار التحديث السياسي والاقتصادي في الأردن .. إلى أين) يصحّ اعتبارها عنواناً مختلفاً لنمط سائدٍ من علاقة المسؤولين بالناس، عامّتهم ونخبهم، يجب أن تصبح علامةً فارقة في الفعل الميداني الحكومي وفي تعاطي الأردنيين مع المسؤول يُبنى عليها في حال توفّرت الإرادة والمبادرة لخلق حوارات خارج المألوف وفي كل المحافظات؛ تخدم المشاركة وتعلّق جرس المكاشفة وتشيع ثقافة المهام في ظرفٍ خطير تحتاج فيه البلاد جهداً مخلصاً مضاعفاً من أبنائها جميعاً.
حسناً فعل ناشر "بلكي نيوز" الصديق م.فادي الشواهين بإطلاقه هذه المبادرة من محافظة الكرك وبعيداً عن مركز الفعل السياسي وكتجربة تؤكد ضرورة اتساع دوائر الحوار الفكري وتوزّع أطره وصالوناته حيث تكون الحوارات والتفاعلات الشعبية لا العكس، وكمقدمةٍ لسلسلةٍ من اللقاءات والحوارات ضمن "صالون بلكي نيوز السياسي"، وبانتظار المراكمة واستكمال المشروع والاستفادة من دروس التجرية الأولى نجزم بأن كل فعلٍ مختلف يحاكي هموم الناس ويضبط علاقتهم بالمسؤولين وأصحاب القرار على قاعدة المكاشفة والحوار الوطني الجاد والبحث في الحلول والمهام سيصبّ في مصلحة الوطن وفي خلق حلول جذرية لأزمة الثقة التي لازلنا نعيشها ونعاني والوطن من تداعياتها على الجميع وعلى المشروع الوطني في أخطر حقبة على الإطلاق.



















