لانا قسوس سوسنة الشاشة الوطنية وفلسفة الإرث الممتد بين الأجيال

الشاشة في جوهرها الفلسفي ليست مجرد أداة لنقل الصوت والصورة بل هي مرآة هائلة تعكس وعي الأمة وتطلعاتها وفي خضم هذا الفيضان الإعلامي تبرز بعض الوجوه كعلامات فارقة لا لكونها عابرة بقدر ما هي متجذرة في الذاكرة ولانا قسوس التي لقبناها بسوسنة الشاشة تمثل حالة فلسفية فريدة في المشهد الإعلامي حالة التجسيد الحي للإرث الجميل الذي يمتد تأثيره ليصبح صديق جميع الأجيال فدراسة هذه الشخصية الإعلامية تقتضي منا الغوص في مفهومين أساسيين أولاً جدلية الحضور والثبات في زمن العبور وثانياً مفهوم الإرث الإعلامي كقيمة أخلاقية لا مهنية فحسب .
يواجه الإعلامي في العصر الحديث تحدياً وجودياً إما أن يكون نجم تريند سريع الزوال أو أن يكون أيقونة إرث خالدة ولانا قسوس اختارت أو بالأحرى فرضت عليها شخصيتها وطريقتها التوازن بين الأمرين إن ثباتها على مدى سنوات طويلة خاصةً عبر برامج ذات عمق اجتماعي كيسعد صباحك ليس مجرد استمرارية وظيفية بل هو تجسيد لمبدأ فلسفي المصداقية هي العملة الأكثر رسوخاً ففي زمن تضخم فيه الإعلام الجديد وتناسل الوجوه العابرة استطاعت لانا أن تحافظ على حضور الضيف العزيز الذي يدخل البيوت لا بوصفه غريباً بل كجزء من النسيج الاجتماعي والعائلي هذه الاستمرارية تخلق ما يمكن تسميته بالميثاق الضمني بين الإعلامي والجمهور ميثاق يتجاوز المعلومة والخبر إلى مستوى المشاركة الوجدانية في أفراح الوطن وقضاياه فهي ليست مجرد مذيعة تنقل بل هي محاوِرة تشارك وهذا ما جعلها صديقة لجيل الآباء الذي تربى على صوتها وجيل الأبناء الذي ورث مشاهدتها فالإرث الذي تتركه الشخصيات العامة لا يُقاس بكمية الظهور بل بجودة الأثر المعنوي والأخلاقي الذي تزرعه وعندما يُوصف إرث لانا قسوس بـالجميل فإننا نشير إلى بُعد أخلاقي في ممارسة المهنة .
عملت لانا قسوس على تقديم محتوى يلامس قضايا الناس العادية من أصغر زاوية في المملكة إلى أهم إنجاز فكسرت بذلك الجدار الوهمي بين النخبة الإعلامية والجمهور الشعبي وهذا البعد يعيدنا إلى فلسفة الإعلام الهادفة إلى التنوير وتشكيل الرأي العام الصائب بعيداً عن صخب الدعاية كما أن تركيزها على قصص النجاح والكفاح كما في برنامجها حكاياتنا أردنية هو ترسيخ لقيمة الأمل والإيجابية في الوجدان الجمعي هذا الدور يضع الإعلامي في موقع الفيلسوف الاجتماعي الذي لا يكتفي بالوصف بل يساهم في دفع عجلة التنمية المعنوية والاجتماعية إن تشبيهها بسوسنة الشاشة يحمل دلالة فلسفية عميقة فالسوسنة زهرة بسيطة وجميلة في آن تنمو وتزهر في كل مكان وهي رمز للجمال الذي لا يحتاج إلى تكلُّف هكذا هو إرثها إرث يشبه النبع الصافي الذي يرتوي منه جميع الأجيال دون أن ينضب محافظاً على هويته الأردنية الأصيلة لذا فإرث لانا قسوس هو درس في فلسفة الإعلام المتجذر أن يكون صوت الإعلامي هو صدى للوطن وأن يكون حضوره هو تذكير دائم بأن النجاح الحقيقي يكمن في البقاء صديقاً موثوقاً للزمن وللناس

















