+
أأ
-

صمت الشارع الأردني عن قضية الحليب المجفف وتمسكه بقضايا هامشية أمر غريب !

{title}
بلكي الإخباري

 

 

صمت الشارع المريب عن قضايا تمس جوهر حياته وصحته كقضية الحليب المجفف الذي كان يروج على أساس أنه طازج لتصنيع مواد غذائية أساسية كالجبن واللبنة يمثل مفارقة وجودية تستدعي التفكير الفلسفي العميق في بنية الوعي الجمعي وسلوك الجماهير هذه المفارقة تضعنا أمام تساؤلات حول طبيعة الأولويات في المجتمع وكيفية تشكل الاهتمام العام.

 

يكمن العمق الفلسفي لهذه الظاهرة في انفصال الوعي عن الضرورة فالقضية هنا ليست مجرد غش تجاري عابر بل هي مسألة تمس أمان الغذاء وهو أساس البقاء البشري ومع ذلك يجد هذا الوجدان الجمعي ملاذاً له في قضايا أخرى هامشية أو ثانوية غالبًا ما تكون ذات طابع شخصي أو ترفيهي أو متعلقة بصراعات فردية عابرة تحظى بالتداول الصاخب على منصات التواصل والإعلام.

 

هذا السلوك يمكن تفسيره فلسفياً عبر نظرية الإلهاء الكبير حيث يُغرق الفرد في سيول من المعلومات السهلة والمثيرة التي لا تتطلب منه جهدًا عقليًا أو التزامًا فعليًا بالتغيير قضية الحليب المجفف تتطلب مواجهة مباشرة للسلطة الرقابية والمساءلة وهي عملية شاقة ومحفوفة بالمخاطر وتتطلب تفكيراً منظماً وجهداً جماعياً بينما القضايا الهامشية توفر مساحة للتعبير الآمن عن الغضب أو الانفعال دون الحاجة إلى عواقب أو مسؤولية حقيقية.

 

الأمر يتعلق أيضاً بـ إغراء السطح فالأخبار التي تخاطب الغرائز أو المشاعر المباشرة أو تقدم إجابات بسيطة لأسباب معقدة تكون دائماً أكثر جاذبية من تلك التي تتطلب تحليلاً عميقاً أو بحثاً في التفاصيل التقنية فالجبن واللبنة منتجات يومية لكن الحديث عن مصدر حليبها يتطلب وعياً استهلاكياً جاداً وهو ما يتهرب منه الشارع ببحثه عن الدراما الفورية

صمت الشارع هنا ليس صمتاً عدمياً بل هو صمت اختياري ناتج عن تخدير ذاتي يفضله الوعي على المواجهة الصادقة لحقيقة أن سلامته الغذائية قد تم التلاعب بها هذا التحول في الاهتمامات يشي بخلل في البوصلة الأخلاقية والاجتماعية حيث يصبح الترفيه مقدماً على الحقيقة والضجيج أثمن من الجوهر وهذا هو أعمق أشكال الانحدار في بنية المجتمع

إن تمسك الشارع بالهامش وتركيزه عليه هو في الحقيقة هروب من المسؤولية تجاه القضايا المصيرية وإثبات لأن وعيه قد تم اختراقه بنجاح ليصبح أداة سلبية تستهلك الضوضاء بدلاً من صناعة التغيير هذا الهروب يعكس حالة من اليأس المخفي من القدرة على التأثير في القضايا الكبرى مما يدفعه للبحث عن انتصارات صغيرة ووهمية في معارك تافهة