د إبراهيم غرايبة يكتب :الأردن الممكن: الرواية المنشئة والفكرة الجامعة

تحاول هذه الدراسة اختبار مقولة إن الهوية بما هي السمات المشتركة تكون ديناميكية متحركة ومتخيلة مقصودة أيضا وليست مستقلة عن وعي المواطنين وحياتهم وإرادتهم، ولذلك يرى الباحث أن الفكرة الجامعة هي “كيف نعيش حياتنا مواطنين متنوعين ومختلفين ومتحدين أيضا”
يعيد الأردنيون اكتشاف أنفسهم بعد مائة عام على قيام دولتهم الحديثة. الأردنيون الذين كان لهم نوابهم المنتخبون في مجلس نواب الدولة العثمانية منذ منتصف القرن التاسع عشر، وبلدياتهم المنتخبة ونخب اجتماعية وسياسية وشعراء ومثقفون يملكون رؤية معقولة للمكان وأحلام الناس وتطلعاتهم، مثل عرار مصطفى وهبي التل وعقيل أبو الشعر؛ يبدون اليوم برغم ما يتمتعون به من تعليم متقدم وأعداد كبيرة من الجامعيين والمهنيين كأنهم تائهون، كأنهم في مدن عشوائية، بلا أحزاب سياسية أو جماعات تأثير فاعلة أو منظمات مدنية حقيقية، أو حياة فنية وثقافية تنظم خيال الناس وتمضي بهم إلى حياة أفضل، لأنه وببساطة كان تحديثاً تجاهل المواطنين والمجتمعات والمدن.
وأظهر الحراك الاجتماعي والسياسي والنقابي منذ العام 2010 الأزمة الاجتماعية التي تواجهنا؛ والتي لن تحلّ بمجرد اتفاق النقابات والحراكات السياسية والمطلبية مع الحكومة حتى لو كان هذا الاتفاق منسجما مع مطالب المجتمعات والطبقات الوسطى والفقيرة، إنها متصلة بوعي الوجود لفئات اجتماعية أنشأت الرواية الأردنية الحديثة، والتراث الذي تملكه هذه الفئات؛ وأهمها المزارعون والمعلمون وأصحاب المهن والأعمال التي نشأت في السنوات المائة الماضية.
عندما دخلت البلد كما العالم في مرحلة من الخصخصة والتحولات الاقتصادية والاجتماعية تكشفت مجموعة من الصدمات والحقائق التي لم يكن أكثرنا مشغولا بها، أو لا يريد الالتفات إليها، فقد اكتشفنا أو تذكرنا أن الكتلة الاجتماعية الكبرى فقدت معظم مواردها ومكوناتها الذاتية والمستقلة، ولم تعد قادرة اقتصاديا واجتماعيا على العمل وتنظيم نفسها من غير ذلك الحبل السري بينها وبين الدولة، فقد تحولت الزراعة إلى قطاع اقتصادي واجتماعي هامشي بعدما كانت الإطار الاقتصادي والاجتماعي والتنظيمي أيضا للمواطنين جميعهم حتى الذين لم يكونوا يعملون في الزراعة من التجار والموظفين وأصحاب الحرف والمهن كما البدو ومربو المواشي.
لم تعد القيادات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمهنية كما النواب والحكومات تعكس تشكلات اجتماعية راسخة، لكنها قيادات ونخب جديدة لا علاقة لها بمدنها ومجتمعاتها وبلداتها، وليسوا شركاء لمهنهم ومجتمعاتهم المفترض أنهم ينتمون إليها، كانوا في الواقع منتمين إلى ذواتهم لأنهم وببساطة أنشأوا مواردهم وعلاقاتهم على نحو ذاتي مستقل عن النقابات والمدن والبلدات والمجتمعات.
هكذا فإن أزمة المعلم على سبيل المثال ليست أزمة المهني الذي يحاول أن يحسن حياته، أو يعزز مشاركته في الحياة العامة، ولم يكن التضامن مع المعلم تأييدا لمطالب مهنية أو فئوية، .. لكنها أزمة أربعة أخماس المواطنين الذين فقدوا كيانهم الاجتماعي ووعيهم بوجودهم ومشاركتهم في بلدهم ومعنى هذا الوجود والمشاركة، والذين يحاولون إعادة توزيع الموارد والعلاقات مع الخمس الذي يحتكر الموارد والفرص، والذي هبط على الإدارة العامة ليس كقادة سياسيين واجتماعيين.
يتشكل "المعنى" في الهوية الوطنية الجمعية والفردية بمنظومة من العلاقات التلقائية والخفيّة مع المكان والجماعات والمنظومات الاقتصادية والاجتماعية، لكن الجزء الرئيسي والغالب منها يقوم على عمليات وعي مقصود ومتخيل تنشئه الأمم، وفي ذلك فإن الرواية المنشئة والفكرة الجامعة للأمم تقوم على ثلاثة محاور رئيسية على الأقل: المكان بما هو جغرافيا وذاكرة وتاريخ، والمواطنة؛ بما هي العقد الاجتماعي، والأعمال والموارد بما هي المحدد الرئيسي لأسلوب الحياة والعمل الاجتماعي والمؤسسي لأجل حياة أفضل، أو هي ببساطة "كيف نعيش حياتنا؟".
إن هذا السؤال الأساسي "كيف نعيش حياتنا؟" يفسر كيف تشكلت الأمم في تاريخها وعلاقتها بالمكان، وهكذا فإن الأردنيين مثل جميع أمم العالم في التاريخ والجغرافيا، يجمعهم العمل الفردي والمشترك لأجل السلام وتحسين الحياة، فما التاريخ والبطولات والرموز والأساطير والأمثال والحكايات في الحقيقة سوى المساعي الإنسانية للبقاء ثم تحسين هذا البقاء!
هناك بالتأكيد تحول كبير في وعي الذات والنظر إلى حياتنا كما نحب أن تكون عليه، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في حراك وتطورات الأحداث واتجاهات الأجيال الجديدة، فالحراك الإصلاحي هو أساساً فعل ثقافي يعبر عن التطلع إلى الحرية والعدالة والمساواة، والمجتمعات اليوم تراجع أولوياتها واحتياجاتها، وتعيد النظر في كل شيء، أليست المعارضات والأحزاب والحركات السياسية التقليدية تتعرض هي أيضاً مثل الحكومات العربية للمراجعة والنقد، وتواجه أيضاً احتمالات الانحسار؟ إننا نشهد في الواقع ثورة ثقافية تغير من النخب والقيادات والأفكار والقيم والأولويات، فلم تعد على سبيل المثال القضايا السياسية الكبرى التي كانت عنواناً للعمل السياسي الحكومي والمعارض موضع اهتمام أغلب الناس وخاصة الأجيال الشابة.
يقول عالم الجغرافيا السياسية الأميركي ورئيس جامعة جون هوبكنز بين عامي 1935 – 1948 اشعيا بومان (1878 – 1950) إن الجغرافيا تتغير بسرعة لا تقل عن سرعة تغير الأفكار نفسها أو التغير في مجال التكنولوجيا، أو بتعبير آخر فإن معنى الظروف الجغرافية يتغير، وفي ذلك فإن التاريخ ليس شهادة ميلاد أو وثيقة نهائية، وليس مقدسا بالطبع، ليس سوى جزء من المكونات والأفكار تضيف إلى المواطنين جزءا من رؤيتهم، لكن الهوية والسياسة والانتماء والمشاركة والولاء في كتلتها الحاسمة هي المواطنون في اللحظة القائمة والذين أنشأوا عقدهم الاجتماعي مع المكان والسلطة فيه، وحتى ما يبدو تاريخا جميلا لم يكن سوى هذه الحقيقة، الناس الذين تجمعوا حول مكان، واختفوا أو تغيروا بتغير المكان، .. ديكابوليس على سبيل المثال!
وهكذا ينشئ المواطنون بما هم منتمون على نحو مصيري إلى المكان فنونهم وآدابهم وأسلوب حياتهم أيضا، .. ويقدرون احتياجاتهم وأولوياتهم، فالإنسان في تقديره لصحته وغذائه وسكنه وعمله وفي ترتيبه للاحتياجات والتطلعات ينشئ حياته وعلاقاته، وينشئ أيضا التقدم الفردي والاجتماعي والاقتصادي، بما هو الإدراك الصحيح للاحتياجات والأولويات وترتيبها ترتيبا صحيحا. وعلى سبيل المثال فإن الطقس والمناخ والفصول الأربعة في طبيعتها وتنوعها واختلافاتها تنشئ اتجاهات في البناء واللباس والطعام والزراعة، وحين تنفصل حياة الناس عن هذه الحقيقة تنفصل الأعمال والأسواق والأذواق والمؤسسات عن الموارد، فتزيد الكلفة ويحدث هدر كبير في موارد وفرص متاحة، ثم تنشأ متوالية من المهن والأعمال والاتجاهات صحيحة أو مختلة حسب طبيعة العلاقة مع المكان وظروفه.
يستدل بالاتجاهات المعيشية والاستهلاكية على التقدم الاقتصادي والاجتماعي. وحين لا تعكس هذه الاتجاهات المعادلة المفترضة؛ يكون ثمة خلل، .. ولكنه خلل يمنح مؤشرات مهمة للإصلاحيين والتنمويين لتقدير الأولويات الإصلاحية،.. إنها اتجاهات يلتقطها التجار أكثر من الإصلاحيين .. هكذا ازدهرت في الاقتصاد والتجارة المولات والاتجاهات الاستهلاكية الأقل ضرورة؛ ولم تزدهر الصناعات الغذائية والدوائية ومشروعات الطاقة والمياه والاثاث وتطوير البناء والتعلم الذاتي والتعليم المستمر .. وفي الثقافة والفنون اكتسحت الفنون الضحلة ولم تتقدم الفنون التشكيلية والنحت والمسرح والرواية والموسيقى الجميلة.
نحن في الأردن كل المكونات التاريخية والحاضرة، أو قصة الإنسان الذي أنشأ في علاقته بهذا المكان هذا الوجود الممتد بكل ما فيه من تعقيدات وتناقضات لكنه في محصلته منسجم مع السلوك المنشئ للحياة والوجود والتقدم.
من أين أنت؟ في الأردن؛ البلد المشغول بالسؤال تبدو المدن والمجتمعات تتغير وتتحول لدرجة أن إجابة السؤال (من أين أنت؟) تبدو أقرب إلى الاستحالة، فالمدن والمجتمعات لم يكد يتبقى منها شيء، من منا يعيش في البيت الذي ولد فيه؟ من يذهب إلى الطبيب أو يتذكره الذي كان يذهب إليه في طفولته؟ أو يأخذ أبناءه إليه، وماذا يربطنا بالأحياء التي نعيش فيها والمدارس التي كنا ندرس فيها، وما العلاقة بين الأحياء القائمة اليوم وما كانت عليه قبل سنوات قليلة، من أين هم الذين يقيمون اليوم في أحياء كانت قبل سنوات قليلة غابات أو حقول قمح أو مناطق مهجورة، ثمة أحياء تعني لابني اليوم عالما من الصخب والمولات وما بعد الحداثة هي نفسها تعني لي رحلات ومخيمات كشفية، فهل هي إجابة واحدة لي عندما أجيب بأني من دير غبار او دابوق بالنسبة لمن هم في جيل أبنائي؟
وحين تنظر في الانتخابات النيابية ونتائجها وتشكيلات الحكومات المتعاقبة تنتابك الحيرة والغموض في الفهم حول النخب الجديدة وتشكلاتها، إلى أين تمضي عمليات اختيار النواب والوزراء والقادة والمسؤولين في فوضى هذه التشكلات، وفي غياب المجتمعات عن التأثير وعدم قدرتها على التوازن مع الحكومات والشركات؟
إن التقدم بما هو الفكرة الجامعة للمواطنين يمكن عرضه ببساطة كما يلي: ثمة مجموعة موارد وأولويات وقيم ومؤشرات؛ نتفق جميعا على ضرورة تحقيقها وحمايتها وإدامتها، متعلقة بالمدن والأمكنة التي نعيش فيها، والأعمال والمصالح التي تقوم عليها حياتنا ومواردنا، وهي متصلة بالخدمات الأساسية وأسلوب الحياة والتقدم المهني، وحقوق ومكتسبات العمل والضمان الاجتماعي والرعاية والسلامة، ... وتتشكل النخب والعلاقات ومنظومات العمل والقيادات والمؤسسات المنظمة للموارد والمرافق والخدمات، عبر هذه المصالح (الأمكنة والأعمال) وعلى هذا الأساس، يتجمع الناس في المدن والبلدات، على النحو الذي يطور الأمكنة، ويجعلها إقامة تبعث على الرّضا والاستقرار، ويطور الأعمال على النحو الذي يحسِّن الحياة.
صحيح أنه لا يمكن أن نمضي في التقدم من غير فكرة ملهمة نتجمع حولها ويناضل الشباب لأجلها!.. ولكننا في ذلك يجب أن نذّكر أنفسنا ونعيد التذّكير، بأن التقدم هو الحياة الكريمة، بما تعنيه من جودة وأداء متقدم في الخدمات والمرافق والسلع الأساسية التي تقوم عليها حياتنا؛ الغذاء والدواء والرعاية الاجتماعية والسكن والتعليم، كما أنه عمليات تنظيم وإدارة كفؤة وعادلة للموارد الأساسية، على النحو الذي يرقي بالحياة ويحقق ولاية الناس على مواردهم وأعمالهم وشؤونهم، ويوزعها على المواطنين بعدالة.
ولأجل ذلك، تعاهد الناس على الحرية والديمقراطية ليس باعتبارها هواية جميلة نبيلة، ولكن لأنها المنظومة التي تطور الاقتصاد والموارد وتحميها، وأنشأوا بعد ذلك أسلوب حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم وقيمهم، ومنظومة الآداب والفنون من الموسيقى والعمارة، والشعر والرواية والمسرح والسينما والدراما، وأودعوا فيها أسمى أفكارهم واستلهموا منها معان جديدة للحياة الكريمة والموارد تجعلها تتجدد وتتسع لتنشئ مرة أخرى وتراجع المنظومة الاقتصادية والسياسية .. وهكذا تستمر حلقات النمو والتقدم.. إنها ببساطة رؤيتنا للفرق بين الواقع وما نحب أن نكون عليه!
الأردن اليوم بلد حضري، تشكل نسبة التمدن فيه أكثر من 90%، ولم يعد ثمة وجود للتريف والبداوة فيه بالمعنى العلمي والجوهري، والأردنيون بعامة يعيشون في تجمعات سكانية أقرب إلى طابعها المديني في تنظيمها ومؤسساتها، وفي أنماط الإنتاج والعمل والعلاقات الاجتماعية، ولم تعد الصيغ الريفية والبدوية في العمل والحماية موجودة إلا في حالات قليلة، وإذا لم ينتظمهم تبعا لذلك صيغ من الانتماء والتجمع والعمل والتحرك على أساس الأمكنة التي يعيشون فيها، فإننا سنواجه حالات مخيفة من المنفصلين عن الواقع؛ الذين يهددون كل التحولات الممكنة نحو ديمقراطية اجتماعية تمكن المجتمعات من تنظيم نفسها، وإدارة مواردها وحقوقها واحتياجاتها الأساسية، والتأثير والمشاركة في الحكم.
الأساس الحقيقي للديمقراطية الاجتماعية للعمل والتأثير والتنافس والتجمع هو المحافظات والمدن، والحكم المحلي الحقيقي والفاعل، إذ إن جميع المواطنين أردنيون، ويجب أن تشكل هذه الفكرة إجماعا وطنيا، وهي قضية يحسمها المواطنون ويقررونها هم بأنفسهم ومشاعرهم وتحديد انتمائهم وهويتهم، وإذا لم يحسموها بعد، أو لا يرغبون في ذلك، فلا فائدة ولا قيمة لحديث عن العدالة والحقوق.
ثم يفترض أن ينشأ تبعا لذلك ثقافة وطنية وجمالية، تنشئ اتجاهات للناس، وأنماطا للسلوك والعمارة والطعام واللباس والفن والنظافة وتنظيم الأحياء والمدن والمرور، وتتمحور حولها فنون الرواية والمسرح والإبداع التي تشكل ذائقة الناس وتميزهم، وتنشئ ثقافة وطنية تحمي الإصلاح والحريات والحقوق الأساسية.
وإذا كان أمرا يدعو إلى التوقف لماذا لا ننجح اقتصاديا وتنمويا برغم التعليم المتقدم (كميا على الأقل) ولماذا لم تفد التكنولوجيا الوافرة التي بين أيدينا في تحسين حياتنا؛ فإن السؤال البديهي والمنطقي المتشكل هو كيف نعيش حياتنا؟
يفكر المواطنون في عقدهم الاجتماعي حول هذا السؤال، وفي ذلك ينشئون "المعنى والثقة" أي أن تجمعهم قضية أساسية توجه حياتهم ومواقفهم مثل البوصلة، وليس من معنى غير الحرية والازدهار يجمع المواطنين وينظمهم في تيارات وطبقات وجماعات للمصالح والأفكار.. الأمة بما هي الدولة والمواطنون والمجتمعات لا يمكنها العمل والنجاح إلا في إطار صيانة وحماية العقد الاجتماعي.
هكذا أيضاً نتساءل ونحاول الإجابة في البحث عن المعاني والعلاقات بين الموارد والأفكار، ونقيم السياسات، كيف نعيش أحراراً ونتمتع بمستوى معيشي وتعليمي وصحي واجتماعي كريم ومناسب؟ وهذه المصالح تنشئ القيم الإصلاحية ثم طبقات ومجتمعات تستمد قيمها ووجودها وتأثيرها من الإصلاح. ثم تنشئ هذه الطبقات مصالح ومؤسسات جديدة فينمو ويزدهر الاقتصاد الإصلاحي. وينشأ نظام اقتصادي قائم على القيم الإصلاحية مثل الثقة والإتقان والإبداع. وتنشأ حول هذه القيم والأسواق منظومة ثقافية إصلاحية جديدة؛ وعي إصلاحي جديد، وكذلك عادات وتقاليد علاقات اجتماعية أسلوب حياة وشعر وفنون وروايات ومسرح وسينما وموسيقى تستمد وجودها وازدهارها من هذه المنظومة الثقافية. وهذه الثقافة تنشئ موارد جديدة وأسواقاً جديدة كما تعظم وتحمي الموارد والأسواق القائمة. وفي هذا الازدهار، تنشأ مدن وطبقات ومصالح ناشئة تطور من جديد السياسة والاقتصاد والثقافة فتنشأ أسواق وموارد جديدة. وهذا ما يسمى ازدهاراً وتقدماً.



















