فارس الحباشنة : أمريكا وفنزويلا وكذبة الحرب على المخدرات

تتوسع دائرة التهديد العسكري الأمريكي لفنزويلا. ومنذ أن عاد الرئيس ترامب في دورة الرئاسة الثانية إلى البيت الأبيض، وهو يروّج ويتبنى سياسة وأشكالًا مختلفةً من التهديد وحملات التضليل الإعلامي لفنزويلا ودول لاتينية.
وفي أمريكا اللاتينية تُكرِّس دولٌ خطًا بوليفاريًا يتحرر من القبضة الأمريكية، ويرفض سياسة التبعية مع أمريكا والقوى الإمبريالية، ويرسم إطارًا لتفاهم أمريكي/لاتيني يقوم على الاستقلال والسيادة، وكما أن الدول اللاتينية تبنت سياسة داعمة ومساندة لحركات التحرر الوطني والقضية الفلسطينية.
تروّج أمريكا اليوم في حربها المباشرة وغير المباشرة على فنزويلا إلى اختلاق ادعاءات حول تجارة المخدرات.
والسفن والبوارج وحاملات الطائرات الأمريكية تقترب من سواحل فنزويلا، وترامب يهدد بهجوم عسكري وشيك على فنزويلا لتدمير والقضاء على عصابات الكوكايين والمخدرات.
وفي الحقيقة، وأن الجيش الأمريكي على تخوم شواطئ فنزويلا يمهّد لإسقاط حكومة يسارية في بلد يقف في وجه السياسة الإمبريالية الأمريكية، ويبادل أمريكا العداء في سياستها الاقتصادية الإمبريالية والسيطرة على الموارد الطبيعية، ونهب ثروات الشعوب، وتحويلها إلى مستنقعات للاستهلاك وحدائق خلفية للأمن القومي الأمريكي المعولم.
وفي السياسة الخارجية الأمريكية أصبحت تستخدم أقنعة المخدرات وحقوق الإنسان والأقليات للتدخل في شؤون الدول، وخصوصًا الدول المناهضة للمشروع الأمريكي.
وفنزويلا وكولومبيا، وهما بلدان رفضا الوقوع في قبضة أمريكا. واليوم تم وضعهما على قائمة الدول المطلوب رأسُها، والمهددة بالعدوان الأمريكي، واخترعت إدارة ترامب ذريعة وحجة تجارة المخدرات وملاحقة زعماء عصابات المخدرات.
ومن بعد الحرب الباردة، بدّلت وجددت أمريكا عناوين النظام العالمي، ومن محاربة الشيوعية ومواجهة الإلحاد السوفيتي والاشتراكية الأممية إلى الحرب على المخدرات وحقوق الإنسان والديمقراطية وحقوق الأقليات.
عناوين غبّ الطلب، وقيد الاستعمال والتوظيف السياسي للتدخل في شؤون البلدان الداخلية، وفرض نمط التبعية الأمريكية على الدول الوطنية المستقلة.
في عام 89 هاجمت بنما، وفي عدوان عسكري هو الأكبر لأمريكا بعد خروجها من حرب فيتنام، وأطاحت برئيس بنما مانويل نورييغا، وبحجة المخدرات، ولكن نسب ومعدلات استهلاك وإنتاج مخدراتٍ لم تتغير بل ارتفعت وزاد عبورها من قناة بنما إلى أمريكا.
في أمريكا مؤشرات استهلاك المخدرات تتضاعف، وتعاطي الكوكايين يرتفع بين الفئة العمرية 15/64 عام. ويموت في أمريكا سنويًا حوالي مئة ألف بسبب الجرعات الزائدة من المخدرات.
ويطرح سياسيون أمريكيون سؤالًا هامًا على صناع القرار: ولماذا لا تبدأ محاربة المخدرات من الداخل الأمريكي؟ ولماذا تتصدر أمريكا دول العالم في استهلاك المخدرات؟
وهل سوف تنجح السفن والبوارج الأمريكية في الحد من المخدرات أم أزمة المخدرات هي داخلية أمريكية؟ البحث عن إجابات يفيد أن الإدارة الأمريكية غير جادة في محاربة المخدرات لا في الداخل ولا الخارج.
عناوين الحروب الأمريكية لم يعد أحد يصدقها. في العراق، والحرب على أسلحة الدمار الشامل، ثبت أنها مجرد خدعة وكذبة سياسية وإعلامية، والحرب على الإرهاب تبيّن أنها مجرد ذريعة أمريكية لمحاربة محور الممانعة في إيران والعراق وسورية قبل سقوط نظام بشار الأسد، وحزب الله والحوثيين في اليمن.
في أصول تجارة المخدرات، فإن لها جذورًا تاريخية، وورثتها أمريكا. وفي العصر الأمريكي تطورت وتحولت إلى إمبريالية مخدرات ومافيا، وفي السينما والأدب الأمريكي تخبرنا كيف نشأت العصابات والمافيات وشبكات المخدرات، وأفلام «العراب وعصابات نيويورك» ونادي القطن، والتي تكشف عن دور خفي للمخابرات الأمريكية في تجارة المخدرات والتعامل مع جماعات أصولية تكفيرية في الشرق الأوسط أو آسيا، وتقوم بتمويلها عبر غسيل الأموال


















