+
أأ
-

مذكرات طاهر المصري ..

{title}
بلكي الإخباري فارس الحباشنة

لا أعرف من أين عثر طاهر المصري على ذاكرة تستدعي عنونة مذكراته ب " خصاد الزمن الصعب " ، ولم يعرف عن المصري ذاكرة تستدعي زمن صعب ، فهو لم يخرج من دائرة السلطوي الاكثر احتياطا ببناء هوامش مناورة هشة .

بالتأكيد فان المصري لا يعرف و لا من أختار له عنوان المذكرات بانه يتقاطع شاعريا مع عناوين لروايات من الادب الالتيني : قصة موت معلن و ليس لدى الكولونيل ما يكتبه و الحب في زمن الكوليرا .


لم أقرأ من مذكرات المصري غير عنوانها ، وليس ثمة ما يستجلب الاندفاع نحو مطالعتها الا الفضول في اكتشاف المسافة الشاسعة و اللامحدودة بين عنوان المذكرات و تاريخ ومسيرة الرجل في السلطة .

|كتاب المذكرات | من أهل السلطة في بلادنا يرون أن التاريخ يسير في مدارات خيالهم ، وهذا ما لا تتقبله الكتابة التاريخية ، عندما تفصل الروايات و الحكايا و السردي الذاتي و يحاكم بمفصل عن عواطف السلطة و الغوغائية النخبوية و الشعبية .

طاهر المصري أبن "حصاد الزمن الصعب " كما يوصف مسيرة حياته ، لربما أنه أحسن بالصعوبة عندما غادر رئاسة مجلس الاعيان قبل زمن قريب ، بعد مسيرة التصاق بكراسي السلطة أستمرت لعقود طويلة من عمره الذي شارف على الثمانيين .

وحيث اعتبر أن أزاحته مؤامرة ، وهي نفسية مرضية تصيب أهل السلطة في بلادنا عند خروجهم من مداليكها ، يشعرون بالغدر والمؤامرة على مشاريعهم الوطنية الاصلاحية ، وغيره كثر مارسوا ذات السلوك ، ولكنهم لم ينجروا الى كتابة المذكرات حتى الان .

هم لم يرحموا الاردنيين حتى بعد رحيلهم عن كراسي السلطة ، يعيدون تدوير بضاعتهم البائدة حتى تتحول الى مادة للاستهلاك الاعلامي و السياسي ، وكأن ذاكرة الاردنيين مثقوبة لا تعرف عن بضاعة المصري وهو وزيرا وسفيرا و نائيا ورئيسا للحكومة و للاعيان .

شعور مرضي غريب ، يحوط بهالة اعلامية مخادعة ، لا ترى الحقيقة ، لأن طبقة السلطة في بلادنا غارقة في وحل من الاوهام الى حد أنها لا تسمع ولا ترى الا نفسها في مرايا مقعرة . لا يدركون أن كارثتنا في هذا الوطن الغالي تبدأ من نفوسهم المصابة بالغرور و شبق السلطة و توارثها . وأنهم من أوصلوا البلاد لتكون مرتعا ل"مافيات المال " .

و أليس كافيا متابعة مجريات الانتخابات النيابية و المال السياسي المتدفق بلا هوادة بالمتاجرة بكرامة الاردنيين ، وكيف أن المال تحول هو الوسيط الوحيد للولوج الى مربع السلطة ، وهو القوة الوحيدة التي تهلتم كل شيء بالمجال العام . هي لعنة اصابة السياسة منذ سمح للمال ووكلائه بان يشاركوا في أدارة وتدبير الشأن السلطوي العام .

طاهر المصري " الاب التائه " ، لربما لم يدرك بان دوره قد انتهى ، أن الماكينة قادرة على توليد وجوه مطابقة بذات المرجعيات و المواصفات الذهنية . هكذا تجارب لكتابة مذكرات هي حقيقة لحظة دفاع عن يأس و احباط لا يعرف احد ما يدوي وراء أخرتها .