وكأن الحقيقة ذات وجوه يا بدر …

بهذة الجملة أبدأ كلامى عن الدكتور العلامة وليد سيف , فالذى جذبنى له وجعلنى معجب جدا بجميع أعماله , ليس حواراته البلاغية الراقية ولا اسلوبه الجميل فى السرد والحوار ولا تمكنه من لغة عربية قوية فصيحة فقط
ولكن أفضل ما يتميز به من وجهة نظرى أنه يعرض التاريخ بشكل مجرد , لا يصبغه بفكره ومعتقداته , فأولا يعرض التاريخ بحقيقته دون كذب أو تدليس , ويتحري الدقة فيما يكتب ولا يتجاوز الحقائق التاريخية بحجة الحبكة الدرامية وخلافه..
ثم ما يلبث أن يضع تلك الأحداث التاريخية محل نقاش فلسفى طويل ومتباين , حتى لا تكاد تعرف بماذا يريد الكاتب أن يصف تلك الأحداث, هل يراها حقا ام باطلا !؟ هل يرى ذلك الفعل أو الموقف خيرا أم شرا !؟
لا تجد اجابة , ولكن تجد نقاشات طويلة بين أبطال تلك الأحداث ينقدون ما يحدث مدحا أو ذما , فتراها من جميع الجهات , المؤيدة لها والمنكرة , فالحق عندك باطلا عند غيرك، والضروة عندك تساهل عند غيرك، فمقتضي حال السلطان يختلف عن مقضيات العامة، والعدل غاية بعيدة، دونها صعاب كثير، وبينك وبينها فتن واطماع من جهة، وهدف وحدة الأمة واجتماع كلمتها من جهة أخرى، فكأنك تعيش معهم ذلك الزمان , وتعيش ما يكابدونه من تباين الأفكار والمذاهب والآراء..
ثم تجد نفسك أمام الحقيقة الأهم , وهو أنك أنت من يحكم بعقله على ما تراه صحيحا كان أم خطأ، بعد أن رأيت كل المواقف والأخبار ، والآثار المتلاحقة عليها فيما بعد وما يترتب عليها من أحداث، فلا يوجد كاتب يوجهك، ولا يزرع في عقلك عقائد أو ايدولوجيات محددة، فأنت وأنت وحدك، هو الحكم على ما تراه…
تلك هى عبقرية وليد سيف فى وجهة نظرى
محمد عسران

















