توجهنا يوم الإثنين الماضي نحن وعائلاتنا إلى غابات برقش، أكبر غابات الأردن مساحة، الزاخرة بأشجار السرو والملول والصنوبر والبلوط والخروب والقيقب واللزاب، التي يمتد عمر بعض أنواع أشجارها إلى 4000 سنة.
أمضينا في منطقة برقش نهارا كاملا، إنتهى على الساعة السابعة مساءً وسط احتجاجات وتمرد ورفض المشاركين في الرحلة، مغادرة الغابة ذات الطقس الخلاب الفاتن.
أتاحت لنا السيطرة على وباء كورونا، والتخفيف من القيود الاحترازية، على الحافلات والحفلات والتجمعات، فرصة الخروج من “جلبوع كورونا” إلى رحابة ونداوة بلادنا الزاخرة بالمواقع السياحية والأثرية والدينية والعلاجية، في العقبة والبحر الميت والبترا و ضانا و رم ومؤتة والمزار والأزرق وماعين ومادبا و نيبو والمغطس وبرقش وجرش ودبين وعجلون وأم قيس وأهل الكهف والموجب والشومري وغيرها.
إنّه الخريفُ الأردني الجميل، الذي يحمل النداء المغري بالتجوال في أرجاء بلادنا والتمتع بكنوزها وطقسها ونسماتها العفية العذية، حيث تهبط درجات الحرارة إلى منتصف العشرينات، وهي الحرارة المثالية للحركة والسياحة والرياضة.
أطلقتُ شعارا سياحيا وطنيا قبل سنوات هو: “من يعرف وطنه أكثر، يحبه أكثر”، إذ لا يمكن أن تحب بلادك أكثر، دون معرفتها.
لا تعيق الكلفةُ المالية، تحقيقَ معرفة بلادنا أكثر وحبها أكثر، فبالإمكان، بيسر وبساطة، الخروج في نزهة إلى كل أرجاء البلاد، بكلفة بسيطة زهيدة جدا، كما يحصل معنا في جمعية الحوار، التي زار منتسبوها كل أرجاء البلاد بقليل من الدنانير.
لقد خيّمنا يومين في معسكر الشباب الجنوبي في العقبة، وكانت أضواء الفنادق الجميلة “مقرط العصا”. قلت لزملائي في الرحلة، إن سياحتنا “خشنة”، ومن يرغب في المبيت بتلك الفنادق الوثيرة الجميلة، فله ذلك.
لم يذهب أحد من الخمسين زميلا. أمضينا ليلتين في حفلات سمر و”سمسمية” ومسابقات ثقافية وطرائف وحكايات، ونحن نتحلق حول النيران ليلا إلى الرابعة فجرا.
نفطر فولا وحمصا وفلافل وبيضا مسلوقا و”منائيش”.
ونتغدى قلاية بندورة يطهوها الشباب. ونشتري للعشاء سمكا طازجا، نرسله إلى إحدى السيدات، فتجهزه “صيادية” عقباوية طازجة موثوقة شهية.
يمكن أعزائي أن تعرّفوا ابناءَكم على وطنكم “بتراب المصاري”!