د.منتهى الطراونة تكتب : مات محمود

مات محمود ؛ الكركي الذي أحدث حراكًا ثقافيًا في المدينة العريقة عبر صالونها الأدبي .
مات محمود ، ولم تمت معه حكايات نسوان الحارة ، وكانت آخرهن رحلت قبله بقليل .
مات محمود ، ومات معه العود ، والوتر ، وكل ما قاله في سبيل إسعاد رفاقه في أمسيات الكرك الدافئة ، وبعضها تجاوز إلى عمان ، وبعض المدن الأردنية .
مات محمود ، ولم يمت معه تقديري وامتناني ، حين تنادى هو وأحبة من شباب المدينة لاستقبالي عند عودتي من قطر ، عبر زيارتي في البيت ، وعبر أمسيات كثيرة شرفوني برعايتها ؛ تعبيراً منهم عن فرحتهم بعودة أخت تحبهم ، ويحبونها .
كان أول لقاء مع محمود في بيتي ؛ فلم أكن أعرفه قبل ذلك ، ولم أكن أعرف بعض رفاقه ..
مات محمود ، وترك لي كتابه الذي وضعه عند باب بيتي حين لم يجدني .
مات محمود ، ولم تتحقق زيارته ورفاقه لي إذ هاتفني ، واعتذرت لأن ابني لم يكن موجودًا حينها في البيت .
مات محمود ، وترك وعدًا غير نافذ بزيارتي حالما تتحسن صحته ، وكان عليّ أنا أن لا أكتفي بهاتف أطمئن فيه عن صحته .
مات محمود ، ومعه ماتت حكايات ، وأمسيات ، ولم تمت الذكريات .
ستبقى الكرك تذكر أن ابنها الأسمر النحيل مات وهو يتغنى بحبها ، وحب أهلها ، وحاراتها ، ورفقة ابنه الطفل ؛ ( محمد ) الذي أدعو الله أن يحفظه ، ويرعاه ، وحب أمه ( فاطمة ) التي أدعو الله لها بالصبر ، وأن يربط على قلبها ، وعلى قلب زوجه ، وبناته ، وكل عائلته ، وأن يربط على قلب كل من قرأ حرفًا له ، وتجول معه في حارات الكرك ، وشهد حكاية الرحيل .
إلى جنة عرضها السموات والأرض ؛ أيها الكركي العزيز ..
يموت الأديب ويبقى الأثر


















