+
أأ
-

القاضي الدكتور جمال التميمي يكتب : الجامعة دولة والدولة جامعة

{title}
بلكي الإخباري





عندما تكون الجامعة هي الدولة تصبح الدولة هي الجامعة ما دفعني لقول ذلك سحب اعتماد كثير من الجامعات من دول شقيقة وتراجع كثير من جامعاتنا في الترتيب الدولي وأسس الاعتماد . استوقفني تاريخ جامعة هارفارد مثلا فعندما انهارت الامبراطورية العثمانية بُنيت هذه الجامعة وعندما كنا نعاني في المنطقة بأسرها من الجمود والتناحر والتخلف والتعصب كانت جامعة هارفارد مصدر إشعاع وتنوير . في عام 1693 تأسست كلية وليام وماري في فرجينيا وهي جامعة بحثية بامتياز من أبرز من حصل على شهادته الجامعية فيها الرلائيس الامريكي توماس جيفرسون وجون تايلر وجيمس مونرو .
وافتتحت مئوية القرن الثامن عشر بتأسيس جامعة " ييل " و تبعتها جامعة برنستون وبعدها الكثير, ثم تأسست أول جامعة ؛ كولومبيا لتمنح درجة الدكتوراة في الطب وهذا السرد يعرفه الكثير وليس مدار البحث لكنه تقديم لمقولة عندما تكون الجامعة هي الدولة تكون الدولة جامعة .
نمط الجامعات التقليدية لا يبني وطن ولا يعزز مكانة أمة ؛ الأمم يبنيها الفكر الخلاق ومعامل البحث والتجربة ؛ العلم النظري ماعاد يجدي في عالم لا يعترف بالعلم المجرد وقد أثبتت جائحة كورونا ذلك عندما واجهت جامعاتنا العربية عموما والاردنية خصوصا الجائحة بالاغلاق . كانت المختبرات تجري التجارب وتنتج اللقاحات ونحن نلهث خلف رغيف الخبز ونجمع علب التونة وبعض علب الفول من الرفوف ؛ الاستهلاك يقتل الامة . البطون الجائعة والعقول المشبعة في المقدمة .
أكبر تبرع خيري كان تبرع رجل الاعمال جونز هوبكنز بقيمة 150 مليون دولار لبناء جامعة بحثية لم يتسابق هؤلاء على اطول علم أو سارية ولا أكبر حبة فلافل أو سباق ناقة فصعدت الولايات المتحدة وتقدمت وأصبحت مدنية حديثة تداول بورصة نيويورك فيها ليوم واحد يعادل تداول بورصات العالم العربي في مدة سنة !! وشعب مرفه وخدمات خلاقة . نحن اهل الوقف والوقف في الاسلام مؤسسة اقتصادية واجتماعية كبيرة لم نستطع في الوطن العربي كله إنشاء جامعة عربية بحثية . شعوب تعشق ربطة العنق والكراسي الدائرية وحتى في كراسيها لم تفلح ! كراسيها تعشق الاصنام الخشبية . نعود لجامعة جونز هوبكنز ؛ تخرج منها رجل الاعمال مايكل بلومبيرج وفي عام 2018 تبرع لجامعته ب ملياري دولار وجامعاتنا في الوطن العربي مدينة وبعضها لا تقدر على دفع رواتب موظفيها !!.
لو قدر لي أن أقدم النصيحة لرئيس حكومة عربية لوضعت بين يديه كتاب جوناثان كول المعنون بـ جامعات عظيمة ولقلت له عند اختيارك وزير التعليم العالي لا تختاره تبعا للمنطقة ولا لمركز الثقل بل اطرح عليه سؤال هل قرأت كتاب جامعات عظيمة ؛ فقر المعرفة يهدم عزيمة .
جوهر مفقود في وطننا العربي أننا نفخر دوما بعدد من تخرج لكننا لانقدم عالم ؛ جوهر العطاء تخريج عالم ومثقف لان المعرفة وحدها لاتكفي فما احوجنا لانماط تفكير جديدة فمجمل الصناعات البحثية حسب مراكز الدراسات الامريكية كانت من صميم التجارب الجامعية .
زادت الفجوة بين المعرفة والبحث وبين حمل الشهادة والقدرة على بناء نسق عام يؤمن بأهمية البحث وكان ذلك بسبب ضياع الدليل فيأتي الوزير ورئيس الجامعة ويذهب دون جردة حساب ماذا قدم وماذا انتج ؟ . كثير من المصانع شيدت على برائة اختراع بالمناسبة براءة دون كرسي هذا ما يهمنا رغم أن الهم أكبر . الجامعات العظيمة تنتج شعوبا عظيمة والامم تتنفس من خلال انتاجها وقدرتها على إحداث التغيير .
ملاحظة خاصة بجماعة المتابعة والنسخ والارسال ماكتبته يخص الوطن العربي ولا اتحدث في الشأن المحلي مطلقا ؛ الشأن المحلي أكبر من ان يتحدث به مثلي .