+
أأ
-

مستشفى البشير ملاذ الفقراء ومعقل الأطباء النبلاء 

{title}
بلكي الإخباري





د. محمد رسول الطراونة





الحكاية بدأت سنة 1954 عندما قررت الحكومة تجميع المستشفيات الحكومية الصغيرة الموزعه في ‏مختلف انحاء عمان في مستشفى واحد وعلى تلة تطل على جبال عمان ليولد مستشفى " الاشرفية " على ‏مساحة تقدر بحوالي 156 دونما ، و قام المستشفى انذاك على جهود ستة اطباء يقودهم الدكتور وليد ‏بسيسو. ‏





ويكبر المستشفى بهمة الرجال رغم ضيق الحال وقلة المال ويتغير اسمه في عام 1977 الى مستشفى ‏البشير، ويستمر في مواكبة نهضة الاردن ، كان فيها على مدى 70 عاما ملاذا للفقراء ، مرحبا بالمرضى ‏من خارج عمان ، طيلة هذه العقود كان البشير بلا منازع "جمل المحامل" بلا صراخ او أنين ، لم يبخل ‏على الاردنيين بعطاء كوادره البشريه وتفانيهم للعمل في اصعب الظروف ، مستقطبا خيرة الخيرة من ‏الاطباء.





شهادة بحق اطباء البشير وردت في موسوعة تاريخ الطب الحديث في الاردن للبروفوسور كامل العجلوني ‏حيث كتب يقول " أن الزخم الطبي والثروة التعليمية الهائلة في مستشفى البشير لا مثيل لها " مما استدعى ‏منذ بداية التدريب السريري لطلبة كلية الطب في عام 1975 ضم هذه الامكانية الى القدرة التعليمية للكلية ‏لجعله مستشفى تعليمي.‏





‏ حظي مستشفى البشير برعاية ملكية تمثلت بعدة زيارات لجلالة الملك عبد الله الثاني الى المستشفى ‏معظمها مفاجيء ، زيارات للاطمئنان على أحوال المرضى الراقدين على أسرّة الشفاء وسماع شكاوي ‏المراجعين والصعوبات التي يعانون منها، مؤكدا جلالته في كل زيارة على ضرورة الارتقاء بمستوى ‏وجودة الخدمات الطبية ، مشددا على ضرورة تسخير كل الإمكانيات المتاحة لضمان تقديم أفضل الخدمات ‏الطبية ، شاحذا همم اطباء وكوادر المستشفى ، مشيدا بجهودهم و معتزا بهم وبرسالتهم الإنسانية النبيلة ‏‎.‎





مستشفى البشير ليس كباقي المستشفيات من حيث عدد الاسرة التي وصلت الى 1100 سرير و بنسبة ‏اشغال حوالي 80% لتصل في الخداج و العناية الحثيثة الى 110% ، يراجعه يوميا سبعة الاف مواطن ‏ويراجع اسعافه حوالي نصف مليون مريض سنويا ، يجرى فيه 34 الف عمليه جراحية سنويا.‏





من منا لم يتشرف بزيارة البشير؟ أجزم بأن معظم الاردنيين لسبب او لاخر جابوا أزقة واقسام وطواريء ‏البشير، حيث تمتزج الافراح والاتراح وتختلط دموع الحزن والفرح ، حيث تطلق البالونات ابتهاجا بمولود ‏جديد وتحضر الاكفان لوداع عزيز ، كل هذا والبشير صابر على حمله الثقيل، لان البشير ليس فقط ‏مستشفى حكومي فهو رمز لوطن لانه الملاذ الاول و الاخير لكل فقير أردني وغير اردني.‏





في البشير ، بالرغم من الازدحام في ردهات الاقسام والاكتظاظ على ابواب العيادات، ثمة جنود مجهولون ‏يقودهم اطباء علماء نبلاء ، يعملون بصمت ليل نهار في ظروف عمل استثنائية وشاقة جدا ، يستحقون ‏الاحترام والتقدير والثناء.‏





من الظلم وغير الانصاف أن نترك الجزء المضيء من سيرة البشير ونسلط الضوء على بقعة عتمة ‏صغيرة هنا او هناك، ، وحق علينا ان لا نظلم البشير ان قصر مره ، وهنا لا نبرر الاخطاء التي قد تحدث ‏في افضل مستشفيات العالم ، فمقابل كل حالة وفاة أو تقصير أو زحام ثمة مئات الآلاف من حالات الإنقاذ ‏والاسعاف التي ترفع لها القبعات .‏





مستشفى البشير وكوادره يجب أن تحظى برعاية كل أجهزة الدولة ، فهو يستحق من الدولة وليس الحكومة ‏فقط معاملة خاصة ودعما ماليا سخيا كسخاء البشير ، حتى يتمكن صاحب القرار من وقف نزيف الخبرات ‏الطبية من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وحتى نرى مشهدا يتزاحم فيه الأطباء والممرضون على ‏أبواب العمل في القطاع العام .‏





أخشى أن تصرخ يوما ما مستشفيات البشير الخمسة في وجوهنا مطالبة باستقلالها و بنظام اداري خاص ‏لكوادرها وموازنة مستقلة عن موازنة الوزارة الام ، " وبارك الله في البيت اللي بطلع منه بيت " ‏