+
أأ
-

د.آدم نوح القضاة يكتب : التصوف_والتشيع

{title}
بلكي الإخباري








تداولت بعض مواقع التواصل والمواقع الالكترونية مؤخراً مقطعاً لأحد الوزراء السابقين في بلدي الحبيب يزعم فيه ان التصوف درب للتشيع! فما مدى صحة هذا الكلام؟!





سنياً: التصوف ينتشر بين أتباع المذاهب السنية جميعاً، فالصوفية منهم الحنفي والمالكي ومنهم الشافعي والحنبلي… بل إن منهم (السلفي)، فابن القيم -رحمه الله- ألف كتاباً اسمه "مدارج السالكين" هو شرح لكتاب أبي إسماعيل الهروي: "منازل السائرين" وهو من أقطاب التصوف، بل عدّه ابن خلدون من غلاتهم! (المقدمة: ص٦١٩).





شيعياً: لا يعتبر الشيعة التصوف، ولا يعدونه طريقاً مرضيّاً، يقول العامِلِي (أحد مراجعهم) : "إجماعُ الشّيعَةِ الإمامِيَّةِ وإطباقُ جَميعِ الطّائِفَةِ الإثنَي عَشَريَّةِ على بُطلانِ التَّصَوُّفِ والرَّدِّ على الصُّوفِيَةِ، مِنْ زَمَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، والأئِمَّةِ إلى قَريبِ هذا الزَّمانِ ، وما زالوا يُنكِرونَ عَلَيهِم تَبَعاً لأئمَّتِهِم في ذلكَ" (الإثنا عَشَريَّة: ص44).





عقائدياً: يعتبر الصوفيةُ أصحابَ النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته أمهات المؤمنين في مقدمة من يقتدى بهم في زهدهم وورعهم وإخلاصهم لله تعالى.. (حلية الأولياء: ج١/ ص٢٨) فأين هذا من عقيدة الشيعة وغلاتهم في الصحابة وأمهات المؤمنين!





تاريخياً: كانت الدولة العثمانية تعتمد على مشايخ الطرق الصوفية وعلى أئمتهم في كثير من شؤونها، وكان مشايخ هذه الطرق في مقدمة صفوف مجاهديها، ومعلوم ما كان بينهم وبين الدولة الصفوية الشيعية من خلاف سياسي واقتتال عسكري!





واقعياً: لم ينجح التشييع (الدعوة للتشيع) بشقيه السياسي والعقائدي في البلاد السنية مؤخراً إلا بتحقق شرطين: الدولة الهشة والحاضنة الاجتماعية (وجود طائفة شيعية)، وكلا الشرطين غير متوفر في بلدنا…





وبعد: فما سر هذا التخوف (غير المبرر) لدى معاليه؟
الجواب: هذا التخوف يأتي في تقديرنا من أمرين:





الأول: عدم الرضا عن التوجيه الديني العام في الدولة، وهو ما عبر عنه معاليه في كثير من المناسبات.. ونحن لا نحجر عليه في أي وفاق او خلاف، لكن لا نقبل له تجيير التخوف الشعبي (المبرر) من التشييع لصالح مواقفه أو مواقف غيره..الثاني: شطحات بعض المنتسبين للتصوف، الذين انصرفوا عن المعاني الحقيقية لهذا المسلك الراقي، إلى الانشغال بإظهار بعض الرسوم والمظاهر غير المألوفة في مجتمعنا والتي لا تقدم ولا تؤخر…



ولذا نقولها وبلا تردد: بلدنا بلد الوسطية والاعتدال، نريد تصوفاً سنياً تربوياً مبنياً على العلم والعمل، لا غلو فيه ولا تفريط… ولا نريد تشييعاً سياسياً كان أو عقائدياً بأي صورة من الصور وتحت أي شعار من الشعارات!