+
أأ
-

نور الدويري تكتب : السياسة و المرأة

{title}
بلكي الإخباري





والدي رجل نبيل، يحسن الظن كثيرا في الناس؛ أعتقد أن والدي يجيد التهام الكتب وهضمها فهما أكثر من قدرته على التهام المنسف والمكمورة، لذلك أعتبره مكتبتي المتحركة؛ دفعني والدي للقراءة والكتابة طوال فترة نموي وحين شمخت طولا كثيرا بات يقف في طريق هذه المعرفة لأنني رغبت في الانخراط السياسي وقررت أن أنتسب للأحزاب؛ كنت مؤمنة أنني مشروع جيد لأقف على الرابع أو في صدر مجلس النواب أو حزب ما أخطب لساعات أطالب بخطة إصلاح … حسنا الان لا أرى احدا مشروعا كافيا لشيء… الخذلان التهم أحلامنا كثيرا … بتنا نفضل شراء عروض الفول والسردين بدلا من شراء صحيفة، النزاع في الأحزاب للمسؤولين ورجال الاعمال ومن يلتصق بهم، والتنافس في العمل بحجم قدرتك على تحمل زوابع المحسوبيات، الحياة صارت (من أنت لا ماذا أنت) !





وعلى ما يبدو أن كل الخطط الإصلاحية المرجوة في القرن الماضي ظلت بطلاسمها في صدور مفكريها أو أن الجندويل يحتفظ بها لنفسه وفي لحظة ما سيجند كل الماهرين في كل شيء لأجل عيون الوطن، ثم كبرت وبكيت كثيرا؛ وبت ادرك أن الإصلاح فينا والتحديث منا لكن كيف سنصلح ونحدث، ونحن نرجم بعضنا هونا، ونرمي بعضنا بسهام الغدر!





عندما حارب خالد بن الوليد كان معه جيشا يؤمن ببعضه البعض وعندما جاءت مارغريت تاتشر لصناعة بريطانيا جديدة لم تجد احدا يجريء ان يقيم عملها وانجازها بقوامها كانوا متفقين ان تقيمها بعملها وعقلها .!





اليوم تغير المفكرون كثيرا بضعة من كل نسق إجتماعي يهاترون كل المواضيع فتهمهم زيارة ناشطة وانتقاد تافه ومولعون في الصدامات والشجار على لا شيء في كل شيء، أكثر من اهتمامهم بإحترام عقل مجتمع صابر على أرض عظيمة، يقتلني راي ام بموت أطفالها، وسبق صحفي لجريمة طرفها ذكر وانثى وكم ظن السوء!. تشعر وكأن الإنسانية تجمدت تماما وان الشهامة في الكتب فقط !





ثم لا خطة عاجلة واضحة متكتكة قد تفهمها إمرأة في مجتمع كل ما كبرت رأسها قالوا عنها : (كاسرة) وكلما نجحت قالوا عنها : (اكيد وراها واسطة ) وكأن رجالنا ولدوا بلا رحم أصيل ، وتربية إمرأة صالحة ولدتهم في الحقل وحدها وحصدت أرضها وخاطت الثياب ورعت الغنم حتى أصبح الرجال رجالا ! .





سحقا … أكره النضال النسوي وأكره الذكورية أنا مغرمة ( بشنبر) جدتي وتكامل المرأة مع شريكها لا أرى أن المساواة تفيدنا في شيء المساواة ليست أن (اعمل في كازية) ولا أن أجبر رجلي على طهو الغداء نحن لسنا متساوين فيسلوجيا في شيء لكنني أكره أن أعود للمنزل وهو لا يعمل شيء يذكر، وأكره أن يفضل تسلية ما على جدية حقيقة، او يكذب كثيرا بقصد الملح، فلا حياة تصلح بملح كثير ولا سكر أكثر، او يغلق الهاتف مع امه او مديره وهو يبدو بحجم ذبابة، أو أن يظهر كثيرا ثم يختفي أكثر ، اما أن تكون موجودا أو لا ، تماما مثلنا نحن النساء إما أن نكون هنا لكم عونا تدفع بالتي هي أحسن أو نرحل للابد مع احتفاظ كلانا بمنسوب يتناسب بين الاهتمام والاحترام لأن الاتفاق لا يثمر على شجرة ميتة، والحب لا ينبض بقلب مستوي النبض؛ لذلك التكاملية أكثر عشرية وديمومية، فلا يولد الحب من النظرة الأولى، ولا نفهم السياسة من نشرة الأخبار ، ولا نصبح ناضجين بلا خسارات كثيرة، ثم لا يجب أن نختلف كثيرا عن بعضنا ولا يجب أن نتشابه كثيرا المهم أن يدرك الطرفان سياسة العلاقة كسياسة الدولة وعلى ما يبدو نحتاج كورسات كثيرة لفهم كلا المفهومين للسياسة.





المهم لسبب عرفته فيما بعد وضع والدي بيني وبين النشاط السياسي حوائط اسمنتية، لسنوات (باطحت) كثيرا هذه الحوائط حتى حطمتها كلها، وحتى عندما قدم والدي لي جلسه تبريرية عن سر عدم مساعدته الكافية لي لرفع هذه العوائق أمامي صمت طويلا لأن إحساس الغربة قتلني ثلاثة مرات وكانت جلسة والدي التبريرية الرابعة.





الأولى بدأت حين خذلني كل من دافع عن الوطن ثم أكتشفت أن دفاعهم لم يقنع أحدا وان الخطة التصحيحة لابد أن تبدأ بالبحث عن حلول تطبيقية لا تنظيرية، والثانية حين أعتقدت أن الرجولة ترتبط بنوع الجنس ثم أكتشفت ليس كل الذكور رجالا واننا نستطيع أن نكون رجالا ونحن نرتدي الكعب العالي! ؛ والثالثة حين عرفت أن الناس يسمعون باذان الآخرين ويرون بعيون الآخرين وكأننا مجتمع أعمى تماما لا نرى أكثر من فيديو كليب لهيفاء وهبي، ومباراة بين فريقين أكبر انجازاتهما شغب وبهتان عظيم، والرابعة حين برر لي أبي أن قدرتي على الصبر والصمود أسباب كافية للظن أنني سابقى بخير … وانا لم أكن بخير .





اليوم بت أعي تماما أن علاقة المرأة بالسياسة علاقة طردية كلما زاد وعيها وفهمها زاد منسوب امكانية التحديث السياسي في المجتمع … لأن المراة تستطيع أن تكون رجلا لكن الرجل لا يستطيع أن يكون إمرأة
والمرأة هي ليست الأنثى حسب نوعها فقط بل هي السيدة التي تفكر بعقلها وتخطط بقلبها؛ إن الخيارات السياسية لهذه الأرض وعرة جدا ومكانتنا الاستراتيجية تتغير وتنقيب الدولة عن مكانة جديدة سيحتاج نساء كثر يربين اجيالا على الإيمان أن هذه الأرض تستطيع أن تنتج أكثر مما تشتري، وتستطيع أن تزرع وتحصد وتستطيع أن تفكر بكل انواع الصناعات الا البسيطة … نستطيع ان نحاول على الأقل… اريد لهذا المنشور أن يظهر بعد سنوات أو عقود ويكتب تعليق ( لقد صدقت فصدقت) … استمرن لابد أن نتتفس … لقد نجحنا بالبقاء حتى هذه اللحظة محترمات ذكيات مكافحات نأكل بخير ما نصنع … (شوية كمان وبنعمل مشاريع طموحنا) … على هذه الأرض نساء مناضلات ولهذا التاريخ سياسة يجب أن تنصف … وان الغد لناظره قريب .