+
أأ
-

محمود الشمايلة يكتب :- الحمّام (نسوان حارتنا )

{title}
بلكي الإخباري


بقلم : محمود الشمايله
كان الوقت باكرا جدا ،أصحو على صوت بابور أمي أغادر الفراش والقي نظرة بعيني الذابلتين الى المطبخ ،أفرك ما تبقى من القذى واتحقق من سطل الماء الذي يعتلي البابور ،،، اشعر بالقشعريرة .





ترسلني أمي الى دكان الحجة ختمة لشراء لوح صابون نابلسي وتأمرني بأن لا أتأخر ثم تضيف :(خليها اتسجله على الدفتر ) ،الحجة ختمة لا تستطيع القراءة ولا الكتابة ولكنها حتما تستطيع تسجيل ذلك في ذاكرتها لحين الاستعانة بحفيدها معاوبة ابن محمد علي ….هي قالت ذلك .





لم اتأخر ..

في تلك اللحظة كانت أمي قد سكبت الماء البارد فوق الساخن كي لا تحرقني ،تقدير أمي لدرجة حرارة الماء كان أكبر من قدرتي على تحمله …





شتلت امي الكنزة الصوفية من رأسي ولكنها علقت بطرف اذني ،، تسحب أمي أكثر ، أنألم ، أبكي ،،، تشتمني أمي …(ول عليك يا عيل كلك غلبه)





لحظات حتى كنت كما خلقني ربي ،، تسقطني أمي في صحن حديدي وتسكب الماء فوق رأسي ،،، الماء ساخن ،،اضرخ ،،ابكي وأمي لا تهتم لبكائي ،، تدير صابونه النعامة فوق رأسي ثم تغرز أضافرها في فروة رأسي وتفركها بقوة ، يتسرب الصابون الى عينّي فيزداد بكائي ، تنهرني أمي كي أصمت ،،،وهي تسكب مزيدا من الماء الساخن فوق رأسي .





أشعر بالبرد أكثر …

تفرك أمي صابونتها بليفة قاسية مخرمة ،،،ربما كانت شوال بصل ناشف تفننت أمي في تحويلها الى ليفة حمام بأضافة بعض الاسفنج اليها .. تفرك أمي كامل جسدي عدة مرات ،،،،ثم تسكب الكثير من الماء فوق رأسي وجسدي ،

تخرجني من الصحن الحديدي وتلفني في ملاية اعدت للتنشيف وتناولني لشقيقتي الكبرى ،،،،،،

تلبسني بعض القطع مختلفة الالوان و بنطال ازرق قالت انه بحاجة الى رقع من الخلف ،،، ولكن ليس الان فأمي مشغولة بتجهيز الحمام لاحد اشقائي …





اشعر بشيئ من الانتعاش ،،،والكثير من الجوع ….

ناديت أمي :





يمه يمه

قالت غاضبة :غمّه

قلت : يمه ودي خبزة .

صوت البابور يتعالى كلما اعادت أمي نكشه ودكه …..

أكثر من ثلاثين عاما مضت …

يا محمود روح جيب صابونه نعامة من دكان الحجة ختمة .

قلت : يمه جبت شامبو هد اند شولدرز .

قالت لا اريد ان اغسل شعرك وجسدك ، وانما اريد ان اغسل قلبك وسريرتك .

قلت: من اين آتيك بالحجة ختمة ………….؟!!



هل لنا بصابون يغسل ارواحنا …….

هل يجدي البكاء نفعا ….