+
أأ
-

م. معاذ المبيضين : الطريق الى الحل؛ أردن جديد، نيوليبرالي رشيق

{title}
بلكي الإخباري





في ظل ما تمر به الأردن من أزمة اقتصادية خانقة تمثلت بتزايد المديونية ووصولها الى حدود غير مسبوقة جاوزت الـ 54 مليار دولار، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة. كان لا بد من التفكير بحلول اقتصادية جذرية، بعدم اللجوء الى الدولة والاعتماد عليها في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. وهو ما يمكن اعتباره تدخلا تجاه حلول غير مستدامة، لا بل قد يؤدي تدخلها المفرط في بعض الاحيان إلى المزيد من التضخم وتدهور الاقتصاد.





يتبنى الأردن اليوم استراتيجية تنموية ورؤية تحديث اقتصادية تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، ويعتبر الاقتصاد الخاص والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والتجارة الحرة هي محور هذه الاستراتيجية. من هنا يبرز دور النيوليبرالية كنموذج اقتصادي يعتمد على السوق والقطاع الخاص في تحقيق النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة. وهو نموذج يعتمد على تقليل دور الدولة في الاقتصاد وتحرير القطاع الخاص والتخفيض من الضرائب والرسوم، وتشجيع الاستثمار والابتكار والتنافس.





تعد الإصلاحات الهيكلية النيوليبرالية أداة رئيسية للتحول الاقتصادي في الأردن. ويرتكز هذا النوع من الإصلاح على تقليص الدعم الحكومي، والحد من النفقات الحكومية غير الضرورية، وإعادة هيكلة الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية لتحقيق الكفاءة الأفضل. وهو ما يمكن وصفه بعملية التحول نحو نمط حكم نيوليبرالي رشيق. فمن الناحية النظرية، يمكن أن تكون النيوليبرالية الحل الأمثل للأردن للخروج من الأزمة، حيث تعاني الدولة من تحمل الكثير من المسؤوليات والإنفاق في القطاعات الغير ربحية والتي تعتبر غير مجدية اقتصادياً. ويمكن أن يعزز الاعتماد على القطاع الخاص فيها إلى زيادة فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة.





في الواقع، قد تواجه النيوليبرالية الكثير من التحديات والمشاكل، وأبرزها في فهم الكثير على أنها تخلي القطاع العام عن دوره ومسؤولياته بسبب التركيز الشديد على السوق والتنافسية وتقليل دور الدولة في توفير الخدمات العامة بشكل مباشر، وهو يمكن التعامل معه من خلال تطوير أطر لإسناد الخدمات الحكومية للقطاع الخاص، وتطوير أنظمة الشراكة بينهما عن طريق تشجيع الشركات الخاصة على تقديم خدمات حكومية بما يتوافق مع متطلبات الجودة والكفاءة، وتوفير الحوافز المالية والضريبية للشركات الخاصة التي تقدم خدمات حكومية بنجاح.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومة توسيع الشراكات مع القطاع الخاص لتوفير الخدمات العامة، مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، بتوفير عقود حكومية للشركات الخاصة المؤهلة والمتخصصة في هذه المجالات، وتحديد معايير صارمة للجودة والكفاءة في تقديم الخدمات. حيث تكمن أهمية حوكمة العلاقة ما بين الحكومة والقطاع الخاص بتوفير شراكات مبنية على مبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة المجتمعية، لضمان توفير خدمات حكومية بشكل عادل وفعال، وتلبية احتياجات المجتمعات المحلية. الأمر الذي مما يمكننا من القول بأن ضمان نجاح النموذج النيوليبرالي ، يعتمد على العمل بتطبيق ذلك بشكل متوازن وفاعل لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وفق حلول متوافقة مع قيم العدالة وحماية المصالح الاستراتيجية والاجتماعية للأردن.