البحث العلمي؛ وأين نحن منه ؟

حينما نطالع كافة المؤشرات والدراسات العالمية في مجال البحث العلمي وما يتبعه من نشر وابتكار؛ نجد أنّ الأردن في نهاية السلم ولا يرتقي حتى لمناقشة ذلك على المستوى الوطني، ولو عدنا إلى داخل مؤسساتنا التعليمية لوجدنا أنّ البحث العلمي يتكدّس على الأرفف ويطاله الغبار، والسؤال الذي نعجز أحيانا عن طرحه على أنفسنا؛ ما السبب الذي آلت إليه الأمور لجعل البحث العلمي في سبات عميق؟ ومن المسؤول حقا عن ذلك؟
إنّ المعارف العلمية لا تبنى ولا تنمو بفعل نظري مجرد، أو في محاضرات تلقينية تعطى هنا أو هناك؛ فهي تحتاج لتطبيق عملي يدرّس عبر الأجيال، فيُبنى بالتأني والجهد الدؤوب والعمل المتواصل، يبدأ بفكرة تلو الفكرة وبحث يتلوه بحث، حتى يصل إلى المعرفة العلمية الصحيحة التي نرتقي من خلالها خطوة خطوة، فمن يضع أقدامه على أولى درجات العلم يصعده بكل قوة وثبات، ولكن ما نراه اليوم بعيدا كل البعد عن البحث العلمي الجاد المسؤول، ناهيك أنّ الأوراق البحثية المنشورة لا تغني ولا تسمن من جوع إلا ما رحم ربي، فنحن بحاجة ماسة إلى انعاش عمليات البحث العلمي لنستعيد طريق العلم الصحيح.
فقد آن الأوان لتلك الصحوة التي نحتاجها منذ زمن؛ فالركب سريع وعجلة العلم تدور بلا توقف، لنبحث إذن عن الأسباب التي أوقفت البحث العلمي عن مساره الصحيح؛ فلا بد من وضع خطة تضمن إعادة هيكلة المنهجية الصحيحة له، بالإضافة إلى إلزام الباحثين بالابتعاد عن التكرار والقص واللصق وما إلى ذلك، سيما أنّ البحوث العلمية تحتاج لصبر كبير وجهد مستمر لتخرج بنتائج مثمرة، ولا ننسى أيضاً التبعات المالية المكلفة التي تقع على عاتق الباحثين. لذا لا بد من توفير مخصصات مالية داعمة للأبحاث العلمية في شتى مجالاتها وقطاعاتها، وخاصة أنّ تعليمنا ومؤسساتنا التعليمية ينقصها الكثير في تلك الزاوية؛ إذ أصبح يلزمنا وبشكل جازم إيجاد مخرج لتلك المشكلة وإلا سوف نبقى في نفس الدائرة المتداعية ولن نخرج منها، ومن الحلول الواجب التفكير بها خلق شراكات حقيقية بين مؤسساتنا التعليمية بكل جوانبها والقطاعات الخاصة الأخرى؛ لتوفير الدعم المالي لعمليات البحث التي أصبحت شبه مفقودة، سيما وأنه يوجد العديد من الشركات الخاصة التي قد تقدم الدعم المالي وخاصة إن عاد عليهم ذلك بالنفع والفائدة، ولكن إن بقينا على هذا الحال سنعود حتما إلى نقطة الصفر كلما حاولنا بناء أنفسنا، فالبحث العلمي مقياس للتقدم والتطور على الصعيد العالمي.
ففي جعبتنا الكثير ولدينا الموارد البشرية الجيدة، التي من الممكن دعمها وتعزيزها للوصول إلى طرق العلم الصحيحة، ومن ثم الإرتقاء ببلدنا الحبيب ودفعه لمواكبة عجلة التعليم المتسارعة.
د. أروى الحواري



















