د. عبدالله سرور الزعبي : مشاريع كبرى لم تر النور

بعد توقيع اتفاقية السلام في عام 1994، بدأ الحديث يدور حول مشروع قناة البحرين (البحر الأحمر- البحر الميت)، وقد تم تكليفي وقتها بقيادة فريق من سلطة المصادر الطبيعية لتنفيذ مشروع المسح الجاذبي في منطقة وادي عربة، وكلف زميل آخر لإجراء المسوحات في منطقة وادي الأردن، لاستكمال الخريطة لمنطقة حفرة الانهدام الأردنية، الممتدة من خليج العقبة وحتى بحيرة طبريا، وكانت الدراسة تهدف الى اعداد الخرائط التكاملية لحفرة الانهدام.
المهمة أنجزت رغم صعوبات المنطقة وخطورتها (بسبب وجود ألغام في بعض المناطق في ذلك الوقت، ويزيد من الخطورة إمكانية انجرافها اثناء تدفق السيول. جهود عظيمة قدمها افراد القوات المسلحة الأردنية لفريق العمل، ومتابعة حثيثة لسلامة أعضاء الفريق، وأذكر في احدى المرات كانت زيارة من الباشا احمد اللوزي (قائد المنطقة الجنوبية آنذاك) وطلب عدم دخول الى احدى المناطق لخطورتها، الا اننا كنا قد انتهينا من اعمال المسح فيها، وعندها قال "النية طيبة والحمد لله على السلامة".
كنتيجة لهذه الدراسة فقد تم ولأول مرة تحديد الاحواض المائية الصغيرة (ابعادها واعماقها ونوعية المياه فيها) الموجودة ضمن حوض وادي عربة (ايله، تمنه– قاع طابا، غرندل، الحوض الشمالي لوادي عربة)، واحواض وادي الأردن (الشونة، داميا، بيسان، الباقورة، حوضا طبريا الجنوبي والشمالي).
مع بداية القرن تحول المشروع ليصبح ناقل البحرين، مما تطلب اجراء مزيد من المسوحات لتحديد مواقع الفوالق الزلزالية وابعادها واعماقها، (تشرفت ايضاً بقيادة فريق من جامعة البلقاء وآخرين من سلطة المصادر الطبيعية) والتي منها المسح المغناطيسي الدقيق والمسح الزلزالي العميق.
نفذت الدراسة باستخدام طائرات سلاح الجو الملكي الأردني وبقيادة المقدم الطيار جابر العبادي (في ذلك الوقت) وأدهش صقور سلاح الجو الملكي جميع الفرق المشاركة من أميركا وكندا وغيرهم قدرتهم المهنية العالية بالتحليق بالطائرة والطياران والهبوط والأجهزة معلقة بجسمها.
تبعتها دراسة زلزالية باستخدام أجهزة من جامعة الباسو الاميركية والتي نشرت من العقبة الى اليرموك، واستخدمت فيها 6 طن متفجرات لإحداث زلازل اصطناعية وبإشراف من القوات المسلحة الأردنية.
نتج عن الدراسة الحصول على معلومات تعتبر في غاية الأهمية من حيث زلزالية المنطقة وامتداد الفوالق ومدى خطورتها (حيث تبين ان اطوالها تتراوح من 25 – 65 كم) والتي أثبتنا من خلالها ان الزلازل لا يمكن ان تكون في حال حدوثها أكبر من 7 درجات على مقياس ريختر، الامر الذي يجعل من تنفيذ المشروع امرا طبيعيا.
إن مثل هذا المشروع كان من المفروض ان يلبي احتياجات الأردن من المياه وينقذ البحر الميت وبيئته ويولد الكهرباء، لا بل سيحدث تنمية اقتصادية شاملة في منطقة وادي عربة، إلا أنه ومع كل أسف تم التخلي عن المشروع لأسباب منها السياسية ومنها نقص في التمويل، وضاعت فرصة ذهبية بالنسبة لنا في الأردن.
أما مشروع استخدام خام الصخر الزيتي والذي كنا قد شاركنا في اعداد دراساته خلال فترة عملي في سلطة المصادر الطبيعية مع الكثير من الزملاء (التي تم الغاؤها خطأ فادح) منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي وذلك عن طريق استخدام الطرق الجيوفيزيائية لتحديد أعماق وسماكة الصخور واعمال تصوير الآبار التي كانت تحفر من قبل شركة سنكور الكندية لتحديد الصفات الفيزيائية لصخور الطبقات الجيولوجية.
كما تم استقطاب الشركات لاستغلال الصخر الزيتي لتوليد الطاقة الكهربائية وإنتاج النفط منها، وقدر حجم الاستثمار من قبل الشركات (شركة الأردن للصخر الزيتي (جوسكو) للعمل في منطقة ام الغدران، وشركة العطارات للطاقة (ابكو) للعمل في منطقة العطارات، وشركة الكرك الدولية للنفط للعمل في منطقة النعضية، والشركة السعودية العربية للصخر الزيتي) وكان من المفروض ان يبلغ حجم الاستثمار من قبل الشركات المذكورة ما يزيد على 29 مليار دولار، كما ويقدر احتياطي الصخر الزيتي ما يقارب 70 مليار طن. على الرغم من مرور ما يقارب العقدين من الزمن إلا أننا ما نزال ننتظر ان يرى مثل هذا الاستثمار النور، لكي تتحقق زيادة في إيرادات الدولة وتخفيض في تكلفة الطاقة التي تنعكس على تكلفة الصناعات الأردنية لتصبح منافسة وتعمل على توفير فرص عمل وتخفيض الضرائب وتحسين معيشة المواطن.
وهناك مشروع استغلال خامات الرمل الزجاجي، والذي كنا قد عملنا فيه مع الكثير من الزملاء في سلطة المصادر الطبيعية في نهاية القرن الماضي، والذي هو من اجود الأنواع في العالم وباحتياطيات هائلة تزيد على 12 مليار طن في جنوب المملكة فقط، وقد تم الإعلان خلال العقود الماضية أكثر من مره عن استثمارات فيه لمختلف الصناعات، إلا أننا ما نزال لم نر شيئاً لا عن طريق جلب الاستثمارات الخارجية ولا عن طريق الشراكة مع القطاع الخاص. ولنا ايضاً ان نتخيل حجم المردود الاقتصادي لهذا الخام وفرص العمل التي من الممكن ان تتاح عند تنفيذ ما تم الحديث عنه منذ عقود.
ايضاً مشروع سكة الحديد، والذي تم الحديث عنه وجذب استثمارات له من اكثر مما يزيد على عقد من الزمن وتحديداً في عهد حكومة دولة الدكتور عبدالله النسور وبتكلفة مالية قدرت بـ2 مليار دينار، لتغطي المملكة من شمالها الى جنوبها وشرقها الى غربها، إلا أننا وحتى هذا التاريخ لم نلمس أي أثر له على ارض الواقع (أعتقد سيتم تنفيذ ما يفكر به الأتراك من إعادة تأهيل الخط الحجازي أقرب من تنفيذ المشروع الأردني).
وكذلك مشروع مصنع السيارات في العقبة والذي تم الإعلان عنه من قبل رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة الأسبق وبكلفة مالية تقدر 6 مليارات دولار، وكذلك مصنع سيارات اللاندروفر في معان والذي مضى عليه أكثر من عقدين من الزمن (حيث تمت إقامة المباني والإنشاءات اللازمة)، إلا انه ومع كل اسف لم نر شئياً على ارض الواقع.
إن المتطلع الى المشاريع المذكورة فقط والتي كان من المفروض ان يتم الانتهاء من تنفيذها واستغلال حجم الاستثمار الضائع الذي كان من المفروض ان يوفر للأردنيين فرص عمل، وحجم التنمية الاقتصادية التي كانت ستحدث وانعكاساتها على مستقبل التنمية في الدولة الأردنية بكافة اشكالها، ناهيك عن بقية المشاريع الأخرى التي تم الحديث عنها مراراً وتكراراً من قبل الحكومات المتعاقبة.
وما نزال نأمل ونتفاءل في خطة التنمية الاقتصادية التي امر بها جلالة الملك ان تحدث فارقاً في المستقبل لإيقاف الارتفاع المتزايد في المديونية وجذب الاستثمار واستحداث فرص العمل وتحقيق الامن في مختلف القطاعات ومنها الطاقة والمياه والغذاء وغيرها من الأهداف الوطنية لتحقيق الرؤى الملكية السامية.
بعد توقيع اتفاقية السلام في عام 1994، بدأ الحديث يدور حول مشروع قناة البحرين (البحر الأحمر- البحر الميت)، وقد تم تكليفي وقتها بقيادة فريق من سلطة المصادر الطبيعية لتنفيذ مشروع المسح الجاذبي في منطقة وادي عربة، وكلف زميل آخر لإجراء المسوحات في منطقة وادي الأردن، لاستكمال الخريطة لمنطقة حفرة الانهدام الأردنية، الممتدة من خليج العقبة وحتى بحيرة طبريا، وكانت الدراسة تهدف الى اعداد الخرائط التكاملية لحفرة الانهدام.
المهمة أنجزت رغم صعوبات المنطقة وخطورتها (بسبب وجود ألغام في بعض المناطق في ذلك الوقت، ويزيد من الخطورة إمكانية انجرافها اثناء تدفق السيول. جهود عظيمة قدمها افراد القوات المسلحة الأردنية لفريق العمل، ومتابعة حثيثة لسلامة أعضاء الفريق، وأذكر في احدى المرات كانت زيارة من الباشا احمد اللوزي (قائد المنطقة الجنوبية آنذاك) وطلب عدم دخول الى احدى المناطق لخطورتها، الا اننا كنا قد انتهينا من اعمال المسح فيها، وعندها قال "النية طيبة والحمد لله على السلامة".
كنتيجة لهذه الدراسة فقد تم ولأول مرة تحديد الاحواض المائية الصغيرة (ابعادها واعماقها ونوعية المياه فيها) الموجودة ضمن حوض وادي عربة (ايله، تمنه– قاع طابا، غرندل، الحوض الشمالي لوادي عربة)، واحواض وادي الأردن (الشونة، داميا، بيسان، الباقورة، حوضا طبريا الجنوبي والشمالي).
مع بداية القرن تحول المشروع ليصبح ناقل البحرين، مما تطلب اجراء مزيد من المسوحات لتحديد مواقع الفوالق الزلزالية وابعادها واعماقها، (تشرفت ايضاً بقيادة فريق من جامعة البلقاء وآخرين من سلطة المصادر الطبيعية) والتي منها المسح المغناطيسي الدقيق والمسح الزلزالي العميق.
نفذت الدراسة باستخدام طائرات سلاح الجو الملكي الأردني وبقيادة المقدم الطيار جابر العبادي (في ذلك الوقت) وأدهش صقور سلاح الجو الملكي جميع الفرق المشاركة من أميركا وكندا وغيرهم قدرتهم المهنية العالية بالتحليق بالطائرة والطياران والهبوط والأجهزة معلقة بجسمها.
تبعتها دراسة زلزالية باستخدام أجهزة من جامعة الباسو الاميركية والتي نشرت من العقبة الى اليرموك، واستخدمت فيها 6 طن متفجرات لإحداث زلازل اصطناعية وبإشراف من القوات المسلحة الأردنية.
نتج عن الدراسة الحصول على معلومات تعتبر في غاية الأهمية من حيث زلزالية المنطقة وامتداد الفوالق ومدى خطورتها (حيث تبين ان اطوالها تتراوح من 25 – 65 كم) والتي أثبتنا من خلالها ان الزلازل لا يمكن ان تكون في حال حدوثها أكبر من 7 درجات على مقياس ريختر، الامر الذي يجعل من تنفيذ المشروع امرا طبيعيا.
إن مثل هذا المشروع كان من المفروض ان يلبي احتياجات الأردن من المياه وينقذ البحر الميت وبيئته ويولد الكهرباء، لا بل سيحدث تنمية اقتصادية شاملة في منطقة وادي عربة، إلا أنه ومع كل أسف تم التخلي عن المشروع لأسباب منها السياسية ومنها نقص في التمويل، وضاعت فرصة ذهبية بالنسبة لنا في الأردن.
أما مشروع استخدام خام الصخر الزيتي والذي كنا قد شاركنا في اعداد دراساته خلال فترة عملي في سلطة المصادر الطبيعية مع الكثير من الزملاء (التي تم الغاؤها خطأ فادح) منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي وذلك عن طريق استخدام الطرق الجيوفيزيائية لتحديد أعماق وسماكة الصخور واعمال تصوير الآبار التي كانت تحفر من قبل شركة سنكور الكندية لتحديد الصفات الفيزيائية لصخور الطبقات الجيولوجية.
كما تم استقطاب الشركات لاستغلال الصخر الزيتي لتوليد الطاقة الكهربائية وإنتاج النفط منها، وقدر حجم الاستثمار من قبل الشركات (شركة الأردن للصخر الزيتي (جوسكو) للعمل في منطقة ام الغدران، وشركة العطارات للطاقة (ابكو) للعمل في منطقة العطارات، وشركة الكرك الدولية للنفط للعمل في منطقة النعضية، والشركة السعودية العربية للصخر الزيتي) وكان من المفروض ان يبلغ حجم الاستثمار من قبل الشركات المذكورة ما يزيد على 29 مليار دولار، كما ويقدر احتياطي الصخر الزيتي ما يقارب 70 مليار طن. على الرغم من مرور ما يقارب العقدين من الزمن إلا أننا ما نزال ننتظر ان يرى مثل هذا الاستثمار النور، لكي تتحقق زيادة في إيرادات الدولة وتخفيض في تكلفة الطاقة التي تنعكس على تكلفة الصناعات الأردنية لتصبح منافسة وتعمل على توفير فرص عمل وتخفيض الضرائب وتحسين معيشة المواطن.
وهناك مشروع استغلال خامات الرمل الزجاجي، والذي كنا قد عملنا فيه مع الكثير من الزملاء في سلطة المصادر الطبيعية في نهاية القرن الماضي، والذي هو من اجود الأنواع في العالم وباحتياطيات هائلة تزيد على 12 مليار طن في جنوب المملكة فقط، وقد تم الإعلان خلال العقود الماضية أكثر من مره عن استثمارات فيه لمختلف الصناعات، إلا أننا ما نزال لم نر شيئاً لا عن طريق جلب الاستثمارات الخارجية ولا عن طريق الشراكة مع القطاع الخاص. ولنا ايضاً ان نتخيل حجم المردود الاقتصادي لهذا الخام وفرص العمل التي من الممكن ان تتاح عند تنفيذ ما تم الحديث عنه منذ عقود.
ايضاً مشروع سكة الحديد، والذي تم الحديث عنه وجذب استثمارات له من اكثر مما يزيد على عقد من الزمن وتحديداً في عهد حكومة دولة الدكتور عبدالله النسور وبتكلفة مالية قدرت بـ2 مليار دينار، لتغطي المملكة من شمالها الى جنوبها وشرقها الى غربها، إلا أننا وحتى هذا التاريخ لم نلمس أي أثر له على ارض الواقع (أعتقد سيتم تنفيذ ما يفكر به الأتراك من إعادة تأهيل الخط الحجازي أقرب من تنفيذ المشروع الأردني).
وكذلك مشروع مصنع السيارات في العقبة والذي تم الإعلان عنه من قبل رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة الأسبق وبكلفة مالية تقدر 6 مليارات دولار، وكذلك مصنع سيارات اللاندروفر في معان والذي مضى عليه أكثر من عقدين من الزمن (حيث تمت إقامة المباني والإنشاءات اللازمة)، إلا انه ومع كل اسف لم نر شئياً على ارض الواقع.
إن المتطلع الى المشاريع المذكورة فقط والتي كان من المفروض ان يتم الانتهاء من تنفيذها واستغلال حجم الاستثمار الضائع الذي كان من المفروض ان يوفر للأردنيين فرص عمل، وحجم التنمية الاقتصادية التي كانت ستحدث وانعكاساتها على مستقبل التنمية في الدولة الأردنية بكافة اشكالها، ناهيك عن بقية المشاريع الأخرى التي تم الحديث عنها مراراً وتكراراً من قبل الحكومات المتعاقبة.
وما نزال نأمل ونتفاءل في خطة التنمية الاقتصادية التي امر بها جلالة الملك ان تحدث فارقاً في المستقبل لإيقاف الارتفاع المتزايد في المديونية وجذب الاستثمار واستحداث فرص العمل وتحقيق الامن في مختلف القطاعات ومنها الطاقة والمياه والغذاء وغيرها من الأهداف الوطنية لتحقيق الرؤى الملكية السامية.



















