جسار حسام العمرو يكتب : الحكومة تسعى لحبس الشبكة العنكبوتية ضمن اطار أحكام عرفية

قدمت الحكومة مسودة مشروع قانون الجرائم الالكترونية قبل انطلاقة الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، و بدورها تداولت المواقع الاخبارية و منصات التواصل الاجتماعي الخبر مما شكل صدمة للرأي العام و الشارع الاردني .
حيث أتضح من خلال نص القانون النمط العرفي الذي يتموه بين قواعد و أنماط الديمقراطية في السلطة التنفيذية .
و التي بدورها صاغت القانون وكأنها تحاول وبكل وضوح أن تجعل من الشبكة العنكبوتية العالمية حبيسة الأحكام العرفية ولكن بنمط وشكل جديد.
أن القانون الساري ( الحالي) سالباً للحريات اساساً فكيف سيطل علينا بتعديلاته المقترحة ؟
انها لتمثل كارثة على حقوق الحريات وحرية التعبير والرأي بالتحديد .
و أكثر ما هو غريب هو أن القانون الجديد يوفر الحماية لأصحاب السعادة و المعالي و العطوفة و أصحاب المناصب ويعطيهم الحصانة من النقد بتحريك الدعوى من خلال النيابة العامة وهذا ما نصت عليه المادة 15 ،
حتى لا يتم الصدام مع الرأي العام بحجة عدم قبول النقد أو سماع الرأي الآخر ، وذلك لانه وبكل سهولة يمكن تكييف ذلك بالالفاظ الواسعة التي احتواها هذا القانون والتي تشمل : " اغتيال الشخصية" و "الذم والقدح" و "التحقير" و " اثارة النعرات" و " خطاب الكراهية " هذه المصطلحات التي لم يعرّفها القانون في المادة (2) منه وهذا الأمر بدوره يفتح المجال للقبض على أي شخص في ألعالم الالكتروني وتجريمه وتكييف التهمه ومحاكمته وصدور الحكم عليه خلال مدة لا تمتد لأكثر من ثلاثة أشهر ( المادة 34).
فيما نص ( المادة 15) التي تتكلم عن نشر الاخبار الكاذبة فالعقوبة المقترحة هي الحبس مدّة لا تقل عن ثلاثة أشهر بالاضافة لغرامة لا تقل عن (20,000) دينار ولا تزيد عن ( 40,000) دينار ،
لكن هو المواطن من عبث التجأ الى استخدام منصات التواصل الاجتماعي للنشر و للحصول على المعلومة الحقيقية وبشكل دوري و دائم !
ما ذنب المواطن اذا كانت الحكومات لا تتقن مخاطبة الرأي العام وتفتقر الى القدرة في اقناع الشارع الاردني وتسببت في عدم ثقته بها !
المشرع في هذه القانون بتصوري اعتمد نوعاً ما على مبدأ الازدواج في العقوبة في جرم واحد وذلك من خلال انه جمع ما بين الحبس والغرامة المالية التي يعجز عنها اكثر 90% من الشعب الاردني .
اعتقد أن طرح هذا القانون على جدول اعمال النواب يمثل اليوم الامتحان الحقيقي للاحزاب و أخص بالذكر الاحزاب الجديدة على الساحة فكيف ستتعامل معه ، وكيف سيكون دور مؤسسات المجتمع المدني التي دائماً ما كانت تهتم في هذا الشأن .
بدوري أدعو الى تعديل هذا القانون لأنه وبالأساس غير دستوري فهو يتعارض مع نص المادة (7) من الدستور الاردني و التي بدورها تنص على : (1. الحرية الشخصية مصونة. 2. كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصّة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون).
فلو تم إقرار هذا القانون فسوف يكون انتهاك يلحق (9.95) مليون مستخدم للإنترنت في الأردن، ويمكن أن يهدد مصالحهم الأقتصادية خاصة أن الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي أصبحت مصدراً للدخل أو وسيلة للإعلان عن أعمالهم .



















