د. ماجد الخواجا..يكتب:في الطريق إلى المغرب المشرق

« استمتع يا ابن العم « كانت هذه رسالة عبر الواتس أب من طرف سعادة القنصل حين شاهد صورتي وأنا على ضفاف نهر أبي الرقراق في الرباط، هذا ليس تعبيراً دبلوماسياً بقدر ما هو تعبير عن عمق الوعي والعلاقة الوثيقة بين المغرب والأردن المملكتين اللتين تربطهما خيوط من تشاركات اجتماعية وثقافية وسياسية، هو نهر يمتد عشرات الكيلو مترات حيث ينبع من جبال أطلس وينحدر جنوباً إلى الرباط حيث مصبه في المحيط الأطلسي، والرباط التي أطلق عليها مدينة الأنوار تحظى بمشاطأة المحيط الأطلسي وبعبور وانتهاء نهر أبي الرقراق بما يضفي عليها جمالاً فوق جمالها الأخاذ المعتّق العابق بعطر التاريخ القريب والموغل في القدم.
كنا بضيافة كريمة من لدن الإيسيسكو أي منظمة العالم الإسلامي التي تضم 54 دولة، وكنت قد تواصلت مع معالي السفيرة الأردنية في الرباط جمانة غنيمات التي حرصت على الحضور إلى مقر المنظمة والمبادرة بتقديم أية تسهيلات قد نحتاجها أثناء تواجدنا القصير في الرباط، حين وصلت كنت قد انتهيت من مداخلتي البحثية، وكما قالت بأنها سألت المجاورين لها عن كيفية تقديمي فأجابوها بأنني كنت على قدر شرف تمثيل الأردن.
تجولنا في المساء المتاح لنا والوحيد المتبقي من خلال أحد موظفي السفارة الأردنية الذي جعلنا نشاهد سحر الرباط وجمالياتها التي لا تخفى.
ربما هو ذات الطقس الحار الذي خلفناه في عمان لنواجهه في الرباط لكن مع رطوبة نسبية مرتفعة في النهار، ليعود الجو لطيفاً عند المساءات.
الرباط ليست ذات أبنيةٍ شاهقة الارتفاع، فهي محافظة على نمط معتدلً للأبنية، وتعتني بشكل واضحٍ في الفضاءات الواسعة الممتدة المزروعة بالأشجار والنباتات والورود والأعشاب الخضراء الزاهية. كما إنها تتصف بالشوارع الرئيسة فيها بالنظافة والتنسيق والاتساع والإنارة الجميلة.
الرباط ذات تاريخ عريق يظهر في ثنايا وتفاصيل دروبها وأبنيتها التراثية ومساجدها العتيقة، وهي من المدن التي احتفظت بأسوارها وأبوابها ومداخلها القديمة مع إجراء الصيانة اللازمة والتجميلية لها.
في الرباط لا يوجد مدخنون بشكل ملاحظ كما هي حال عديد المدن العربية، لا بل يقول أحد المغاربة إنه لفترةٍ قريبة كان من العيب على الشاب التدخين أمام والده أو أعمامه أو الأكبر منه سناً، والعيب الأكبر يتمثل في تدخين « الشيشة» أو الأرجيلة خاصةً من قبل النساء المغربيات.
في الرباط شاهدنا ملاعب كرة عديدة على ضفاف الأطلسي يتم استخدامها من طرف الشباب بمبالغ رمزية زهيدة. شاهدنا مطاعم لبنانية وسورية ولا أدري إن كان هناك مطاعم أردنية وفلسطينية.
الجالية الأردنية كما فهمت من معالي سفيرتنا أعدادها متواضعة لا تتجاوز المئات، وقد قامت السفارة بتوفير التوثيق لأوضاع الجالية الأردنية في المغرب وهي بصدد تطويرها إلكترونياً.
تعلمت من الزيارة القصيرة للمغرب المشرق أن لا تحكم على بلدٍ أومدينةٍ قبل أن تستقر فيها لمدة معقولة، المغرب الممعن في الحياة والتحديات والطموحات، الممتد شوقا وتعبا وعشقا على ساحل الأطلسي، هو بلد يليق به أن نقول له حفظ الله المغرب وسائر بلادنا من كل عابث وكل ظالم وكل عابر خبيث. وما زال للمغرب ما ينبغي قوله.
الدستور


















