+
أأ
-

ربى عياش تكتب : الأفكار النورانية قد تتحول إلى أفكار ظلامية !

{title}
بلكي الإخباري

متى يفقد الإنسان شغفه..! حين يتوقف عن البحث عن الحقيقية مثلا؟
حين يتوقف عن البحث عن معنى لوجوده ويفقد معنى واقعه!
ممكن! ..
فمنذ بدء الوجود البشري وأولى خطوات الإنسان في إدراكه لذاته وواقعه وما حوله.. بدأ في البحث عن معنى لوجوده.. معنى للحياة .. للاستمرارية والتطور.. ومع بحثه عن فلسفة الحياة والموت في آن.. تطورت المجتمعات البشرية كثيرا وقطعنا شوطا طويلا في تحسين نوعية حياتنا وتطويع المعطيات من حولنا لصالحنا.. وفي رسم واقع جديد لنا..
لكن هل هذا فعلا أفضل واقع لنا؟ وهل هذا أفضل معنى لوجودنا؟
ألم يكن هناك إجابات أفضل في مجتمعات سابقة مثلا؟ في عصور أخرى.. كانت لا تملك وسائل تواصل اجتماعي ووهم سهولة الوصول إلى المعلومة.. لكنها كانت تملك تفسيرا أفضل مثلا لواقعها.. للحياة والموت..
لنكمل..
بدأ حلم الإنسان يتخطى أحيانا حتى المنطق.. ولكنه نجح في الكثير من الأحيان في التماهي مع المعجزات وخلق لنفسه ما لم يدرك أنه قادر على خلقه حقا..
تماهى مع الأسماك للغوص في المحيطات.. ومع الطيور للتحليق عاليا حتى يصل إلى ما أبعد من عنان السماء حتى.. يتماهى مع معادلات الكون الفيزيائية لتجاوز كل التحديات والمخاوف التي تطيح به يوميا..
ونجح بكل سرور في تخطي الكثير.. طوّع هذا العالم لصالحه.. ولكن .. بذات الوقت استطاع أن يخلق ما هو قادر على نفيه تماما كأنه لم يكن يوما.. قنابل قادرة على العبث بالوجود.. أسلحة قادرة على تعزيز اللاعدالة.. واستفزاز الشياطين بداخل عقله.. وتعظيم الشراسة بداخله.. قادرة على إعادة هذا الوعي المتطور لكائن ظلامي شيطاني ينهم نحو التخريب والتدمير..
الوعي قد يكون مدمرا في بعض الأحيان والعبقرية قد تتحول لجنون .. أليس كذلك؟
في العودة لفلسفة الحياة.. لقد عبثنا بعقلنا كثيرا.. ورسمنا أفكارا وأساطير في كثير من الأحيان لعلها تساعدنا على استيعاب واقعنا .. وتساعدنا في الارتقاء إلى بُعد أفضل.. وفي أغلب الأحيان.. ونحن في طريقنا إلى العُلا.. كُنا نهبط بشكل مريب إلى الجحيم..
في كثير من الأحيان.. تحولت الأفكار النورانية إلى أفكار ظلامية تحمل بداخلها، عنصرية قاتلة، تمييز وتفريق بين البشر.. على أساسات لا وجود لها.. نهم لوهم السلطة والسيطرة.. كل ذاك كان من ابتكار الوعي البشري فقط..
نحن في ملحمة ومسرحية هزلية طالت.. كانت من ابتكارنا وحدنا.. وجميعنا بشكل أو بآخر ندفع ثمن هذا الهراء..
هراء فكري.. عطب أخلاقي صدر منّا خلال تطورنا.. ونحن المسؤولون عن كل ما يصدر منّا..
أضعنا طريقنا.. وحدنا كثيرا عن الهدف.. تبقى هذه وجهة نظري ..
نحن لسنا كائنات "سيئة" بالمطلق.. فنحن بالعادة نقدس الجمال لبرهة.. ننعم بحضن دافئ مع من نحب.. نشعر بلذة النجاح حين نصل لمبتغانا.. نفرح كالأطفال باكتشاف المجهول.. لدينا من حرارة العطف ما يكفي ليذيب الثلوج.. وردة قادرة على إسعادنا..
ثم.. نعود ونسقط في دوامة تحديات لا منتهية.. دوامة ظلامية.. لنعود وندمر ما قمنا بتعميره..
لقد خلق الإنسان واقعا قائما على سرقة الوقت .. يسرق حياة الأشخاص..لأجل ماذا؟ الفُتات؟
واقع لا يكترث حقيقة لقيمة كل فرد بعينه..
مجتمعات وأنظمة مبنية بطريقة محكمة ليكون المهرب منها أشبه بمستحيل..
حرية العيش؟ مجرد وهم.. كيف لك أن تصمد وأنت تحاول تجنب هذا النظام؟
مهربك الوحيد سيكون نحو الغابات مثلا أو أن تصبح هامشيا منبوذا ..
عجلة مجتمعات بشرية وجدت لتجعل البشر في عجلة من أمرهم .. الفكرة أهم من البشر.. الرأس أهم من البقية
والغالبية في هلع مستمر لتأمين قوتهم.. لضمان وجودهم .. ولشحذ قيمتهم من معطيات وهمية..
وفي ذات الوقت النظام يتأكد من فصلهم تماما عن الطبيعة .. عن أنفسهم وإيمانياتهم، أفكارهم وجوهرهم.. شغفهم .. سلامهم .. راحتهم..
وعن الحقيقية ..
وهنا يكمن المفصل..
الحقيقة.. التي ما زلنا نبحث عنها ولم يصل إليها أحد..
الحقيقة التي في سعينا إليها.. كنا نطور من أنفسنا ومجتمعاتنا.. ثم ماذا حدث؟
أؤمن أن كل من يعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة فهو يملك السراب فقط.. لا أحد منّا وصل إلى الحقيقة الكاملة.. ما زلنا في طور البحث عن معنى وجودنا.. نبحث عن أنفسنا بداخلنا.. نحاول تفسير الكثير.. نحاول تحليل انعكاس أنفسنا.. وما زلنا في محاولة لرؤية الصورة بشكل كامل وواضح..
قد نكون نملك أجزاء الحقيقة مثلا.. ولكن هذا النظام يعبث بها كثيرا .. يشوهها.. يحرفها.. ويحاول إخفاء بعض منها بشكل مقصود..
تاريخنا البشري ليس صحيح بشكل كامل
آثارنا لم يتم الإعلان عنها جميعها بشكل واضح
أدياننا.. تم تفسيرها بأشكال مختلفة .. لأمر مقصود
تحولت لطقوس بلا مضمون.. وتم استخدامها بشكل مسيء للبشرية في مراحل كثيرة من الوجود..
الصحة؟ يتم إنتاج السموم مقابل كل عقار طبي..
التعليم؟ المناهج ممتلئة بالأخطاء الفادحة والمعلومات المغلوطة..
المقصد.. من غير المنطقي في عام 2023 بعد كل هذا الوعي والتطور أن يكون حال المجتمعات البشرية بهذا الشكل..
كان من الممكن أن يكون كل شيء أفضل..
في النهاية .. من يمتلك الحقيقة والمعرفة الكاملة سيمتلك قوة أكبر وقدرة على تطويع الآخرين لمصلحته .. لذا لماذا ستكون مُتاحة بشكل مجاني؟
من يمتلك الوهم وفتات العلم والمعرفة.. سيبقى ضائعا ..حاضره مُرتبك.. ومستقبله هش وغير مضمون.. والسيطرة عليه تكون أسهل.. واللعب بحاضره وواقعه يكون أيسر..
أليس هذا تماما ما تعيشه المجتمعات البشرية اليوم؟
ألسنا تماما نعيش في عالم لا يجيبنا على أسئلتنا بشكل واضح ويحترم وعينا وعقولنا..
علامات الاستفهام فيه تتعاظم مع أننا المفترض نعيش في عصر متطور معلوماتيا وتكنولوجيا..
على أي حال.. مجرد وجهة نظر ومحاولة في الوصول إلى الحقيقة الضائعة يوما ما..
إن وُجدت..