الخرشة يكتب : خدعة العثمانيون .

بقلم :- مدالله الخرشة - الكرك
ما أن يتحدث احدهم عن فلسطين وقيام إسرائيل , حتى يقاطعك اخر ويحدثك عن اهم مأثرتين للعثمانيين:
العثمانيون حافظوا على المقدسات الاسلاميه.السلطان عبدالحميد الثاني رفض رفضاً قاطعاً كل المغريات والضغوطات للموافقة على إقامة إسرائيل ورفع اليد عن فلسطين.
دعونا نناقش النقطه الأولى: الحفاظ على المقدسات الاسلاميه , اغلب المقدسات الاسلاميه عباره عن حجارة لها رمزيه دينيه غير قابله للنقاش , كلام سليم , لكن دراسة التاريخ تثبت لنا ان المقدسات الاسلاميه والبلاد الاسلاميه تعرضت لشتى أنواع الاستعمار والاحتلال الأجنبي , ولم يذكر لنا التاريخ ان المستعمر قد سرق الكعبة او الحجر الأسود او مسجد او مكان ديني , بالعكس العرب هم من خرب الكعبه وعبثوا بها اكثر من مره , القرامطه ….الخ. وهذا ليس تجميل للمستعمر, فالاستعمار قذر جداً مهما كانت اشكاله.
فهذه الجميله التي يتمنن بها علينا اتباع العثمانيين لا صحة لها.
اما فيما يتعلق بالعمل العظيم للسلطان عبدالحميد الثاني , فهذ فريه وخدعة في عقول المخدوعين والمُضليين بالعثمانيين , ولتوضيح ذلك دعوني اضرب لكم المثال الشخصي التالي , لعلني استوعب هذا الامر , او يقنعني احد المعلقين به وسأكون له من الشاكرين.
مثال: لو افترضنا ان لي صديق ميسور الحال اسمه ( أبو فلان) يسكن فيلا في عمان , أراد ان يسافر مع عائلته الى أوروبا لمده شهر للسياحه والاستجمام , اتصل بي لثقته الكبيرة بي , وطلب مني ان أقوم بحراسة بيته لهذه الفتره مقابل راتب محدد , واوصاني بالمحافظه على بيته لما عرفه عني من امانه وإخلاص , باشرت العمل والوضع آمن ومطمئن, وفي ليلة من ذات الليالي حضر لي على بوابة الفيلا 3 شباب , اشكالهم غير مريحه , وتبدو عليهم ملامح الزعرنه , ودار بيننا الحديث التالي:
احدهم: ماذا تفعل هنا؟
انا: حارس على هذه الفيلا.
احدهم: كم راتبك؟
انا:300دينار.
الشباب: شو رايك تسمح النا ندخل الفيلا عن طريق خلع الباب الرئيسي, الفيلا فيها مجوهرات واموال كثيره , نحن متأكدين من ذلك , ونتقاسمها معك , بدل راتبك الضئيل ,ودبر لك عذر مع صديقك صاحب الفيلا.
انا : أخرجت هاتفي وقمت بتسجيل ما سأقوله , وقلت : اعوذ بالله انا رجل مؤتمن واخاف الله ولا يمكنني ان اسمح لكم بالدخول او اخون صديقي واسمح لكم بالسرقه.انصرفوا من هنا.
الشباب: طيب , يعني ما بدك تسمحلنا بخلع الاب الرئيسي للفيلا, وغادرو.
ثم جلست على الكرسي على الباب الرئيسي واضعاً رجل على رجل والارقيله في فمي , وبعد قليل شاهدت بعيني نفس اللصوص يقفزون من على السور ويخلعون الشباك ويدخلون ويسرقون الفيلا ويخرجون , وانا لم احرك ساكناً , كان بامكاني منعهم او الاشتباك معهم او ابلاغ الشرطه عنهم , لكنني لم افعل شيء لمنع السرقه , يعني نظريا وكلامياً رفضت كل اغراءاتهم بالسماح لهم بسرقة الفيلا من الباب الرئيسي , لكن عملياً غضضت الطرف عن دخولهم من الشباك وكان بامكاني منعهم.
المحصله ان اللصوص سرقوا فيلا صديقي أبو فلان.
بعد فتره من الزمن اخذ بعض الأشخاص يتهمونني بالسبب في سرقة الفيلا , لكن أصدقائي المؤيدين لي كانوا لهم بالمرصاد , وكلما فتح احد الموضوع , يتنطح أصدقائي الى محاولة اسكاتهم بقولهم: اتق الله يا رجل , مدالله رفض رفضاً قاطعاً دخولهم للفيلا وهذا التسجيل اسمعه , أيضا خُذ اقرأ اعترافات اللصوص بان مدالله رفض دخولهم وطردهم من الباب الرئيسي.
وهذا ما حصل بالضبط مع خليفة المسلمين عبدالحميد الثاني, فالرجل سجل موقف مُشرف برفضه كل الاغراءات والضغوطات للتخلي عن فلسطين . موقف يستحق الثناء والمديح والاجر.
يعني ( نظرياً واعلامياً وكلامياً ) السلطان عبدالحميد رفض رفضاً قاطعاً.
لكن ما الذي جرى عملياً على ارض الواقع وهو الأهم , ففي نفس اليوم والتاريخ والدقيقه والثانيه التي رفض فيها السلطان عبدالحميد التخلي عن فلسطين , كانت البواخر تأتي من أوروبا محمله باليهود الى فلسطين عن طريق ميناء حيفا , وميناء حيفا يومها كان يخضع لسيطرة وسلطه السلطان عبدالحميد الثاني , البواخر كانت تأتي محمله باليهود وتعود فارغه , اين ذهب السواح ؟ هل سأل عسس السلطان عبد الحميد 2 انفسهم ما بال اليهود يدخلون ولا يخرجون؟ وبما ان عبدالحميد الثاني سلطان وخليفه فمن المؤكد انه مثقف دينياً وسياسياً وعسكرياً وليس من السهوله تعيين خليفه بدون مؤهلات , وبما انه مسلم يفترض ان لديه خلفيه دينيه عن أطماع اليهود في فلسطين , ويفترض ان يعلم ان الموجات المتتاليه من اليهود بمجرد وصولها الى فلسطين يمارسون طقوسهم التلموديه في المسجد الأقصى , وان السلطان يعرف قيمة الأقصى عند المسلمين وحائط البراق او المبكى, ومن المفروض ان يعرف ايضاً ان اليهود بعد زيارتهم للاقصى يقومون ببناء مستوطنات على شكل عسكري دفاعي , مستوطنتان في الخلف ومستوطنه في الامام , وان اليهود يقومون بتدريبات عسكريه , واخذ السلاح يتدفق عليهم من ميناء حيفا الخاضع لجنود السلطان عبدالحميد 2 , وان اليهود ينخرطون في تنظيمات وليس بشكل عشوائي ( الهاجناه وشتيرن العسكريتين , والناحال للزراعه) . وهي المنظمات التي أسست فيما بعد الجيش الإسرائيلي.
هل يعقل ان كل هذه الاعمال لم تسترعي انتباه السلطان عبدالحميد ولا جنوده ولا ولاته في فلسطين , وما أهمية رفضة النظري الإعلامي الكلامي امام اللبنات العسكرية الأولى لتأسيس الكيان.
فاليهود لم يهبطوا على فلسطين بالبارشوت , بل مروا من امام نظر وسمع سلاطين الخلافه منذ عام 1850 , والعثمانيون غادرو عام 1920 , يعني 70 عام واليهود يتدفقون على فلسطين, اول مستوطنة يهوديه في فلسطين كانت مستوطنة ( بتاح تكفا ) أي فاتحة الامل عام 1881 , أي على زمن الخلفاء الذين قبله , فما هي اجراءاتهم على تلك المستوطنه وما تبعها من مستوطنات؟
كان بوسع السلطان عبدالحميد عسكرياً وفتها ان يطرد كل اليهود من فلسطين, وان يهدم مستوطناتهم وكيبوساتهم على رؤوسهم , وان يحاكم جيشه في مينا حيفا والقدس على السماح لهم بالاستيطان وعدم تمرير المعلومات له على افتراض انه لا يعلم , كان بامكانه ان لا يُبقي منهم احد , كان بامكانه ان يدفن أحلام حاييم هيرتزوغ في مهدها وقبل ان تنفجر بوجوهنا, الا انه كان مشغولاً بالتنكيل باحرار العرب وزجهم في السجون واعدامهم . ويكفيه فخراً انه رفض التخلي عن فلسطين كلامياً في حين انه زرع كل فلسطين بفلول اليهود من كل اصقاع الأرض , هو ومن سبقوه من سلاطين عثمان منذ عام 1850.
ولماذا لم يتخذ السلطان عبدالحميد أي اجراء ضد تمدد وتوسع يهود الدونمه , الذين حرضوه وحرضوا من قبله من الخلفاء على احرار العرب واعدامهم في الساحات العامه ؟ يهود الدونمه الذين ساهمو باضعاف امبراطوريته العثمانيه الى ان تلاشت.
وهل ادرك السطان عبدالحميد ان الرواد الأوائل الذين سيؤسسو الكيان فيما بعد هم من جنسية تركيه , فاول رئيس وزراء لإسرائيل عام 48 هو ديفيد بن غوريون , وهو تركي المولد والجنسيه وخريج جامعة استانبول في القانون. وكذلك معظم الرواد الأوائل .
فلا يستقيم ان ترفض التوطين كلاماً وتغض الطرف على ارض الواقع عن مستوطناتهم العسكريه وتدفقهم اللامحدود , في القانون الفعل يساوي الامتناع عن الفعل في الجرائم والجنايات. وقد امتنع عن طردهم وانهاء وجودهم لاسباب لا نعرفها.
في يقيني لو استمرت الخلافة العثمانيه 20 عاماً بعد انهيارها , لأمتدت المستوطنات الى لبنان والأردن , ولكانت مساحة إسرائيل اكبر بكثير من مساحتها الحاليه , ولو حصل ذلك لا سمح الله , لكان جواب اتباع العثمانيين مُعلباً جاهزاً ( السلطان العثماني رفض بيع الأردن ولبنان)
ما دام العرب يركزون في احكامهم التاريخيه على الاقوال حتى وان كانت عكس الأفعال , فسيبقون اتباع لاصحاب الاقوال.
واكون ممتناً اذا اقتعني احدهم بالاسباب التي دفعت بالسلطان عبدالحميد الى تسهيل دخول اليهود الى فلسطين وغض الطرف عن سلوكهم العسكري وعدم عودتهم الى البلدان التي جاوو منها.
راجياً عدم اسقاط الحالة الاردوغانيه الراهنه على موضوع المنشور الذي يتحدث عن الفترة الزمنيه من 1850-1920 اي قبل ان يولد اردوغان.
ولا يهمنا ماذا قال وماذا صرح او رفض.
ستلاحظون الان الكثير من الردود تستميت في الدفاع عن إنجازات عبدالحميد 2 لمجرد انه تعامل مع اهم قضية مفصليه للمسلمين بشكل اعلامي انشائي , ردود تكرر ما قلته في بداية هذا المنشور ( السلطان رفض التنازل ) . لكن النتيجه في المحصلة هي نفس نتيجة الفيلا التي اُؤتمنت عليها.
تم سرقة الفيلا وفلسطين !!!!
ايتها الشعوب العربيه:
ازيلو قشرة العبوديه عن ادمغتكم , لتتبين لكم الحقيقه كما هي ناصعة وضاءة. فالفرس والترك يستخدمون الدين مطية لاستعمارنا واستحمارنا واستغلال مقدراتنا وتشتيتنا وتقسيمنا , كما يفعل الغرب مع حكامنا.


















