احمد الحوراني : الملك يطرح التساؤلات ويضع لها الإجابات

أكثر من ثماني أسئلة طرحها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وشكلت جوهر ومضامين خطابه الجامع المانع في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحده في دورتها الثامنة والسبعين في نيويورك يوم أمس، وزد على ذلك أنه كان واضحا وشفافا كعادته ولم يقف حفظه الله عند حدود تلك الأسئلة فقط بل ذهب لأبعد من ذلك عندما وضع أمام كل سؤال إجابته المحكمة عليه وبما يمكن للمحلل اختصاره بالقول إن جلالة الملك كان صوت الملايين من سكان الأرض من اللاجئين الذين تركوا أوطانهم بحثا عن الأمن والأمان والعيش الكريم جراء الويلات والأزمات التي حلت في بلدانهم في العقد الأخير من القرن الحالي والتي اضطرتهم للخروج في رحلات محفوفة بالمخاطر على حد تعبير جلالته، وهو ما يعني في جملة ما يعنيه ان جلالته قد طالب المجتمع الدولي ألا يقف مكتوف الأيدي وأن تسارع وكالات الأمم المتحدة لتقديم خدمات ومساعدات حيوية تمكن هؤلاء من الاستمرار في حياتهم ضمن نسقها الطبيعي لئلا يجد الآباء والأمهات أنفسهم مرغمين على إرسال أبنائهم إلى العمل بدلا من الدراسة كنتيجة حتمية للفقر والخوف والعوز والحرمان.يفكر جلالة الملك بطريقة عبقرية تنم عن اطلاع عميق وتغلب عليه
إنسانيته ولا يقبل بأي حال من الأحوال أن يقف المجتمع الدولي والعالم والمنظمات الإنسانية وهيئات العون والإعاشة موقف المتفرج مما يواجه الملايين الذين هجروا في ظروف استثنائية غير عادية مؤكدا حفظه الله أن الأردن ما انفك يقوم بواجباته في توفير الأمن والحماية الاجتماعية للاجئين وضمن أقصى طاقاته وإمكاناته المتاحة في الصحة والتعليم وتوفير الخدمات الأساسية كمستلزمات للحياة الكريمة.إلى زاوية أخرى في خطاب الملك، ومحور مهم استحوذ على مساحة واسعة حين أشار جلالته إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتأكيد على ضرورة تكاتف الجهود العالمية لإيجاد حل للقضية المركزية الأولى في الشرق الأوسط وهي القضية الفلسطينية التي آمن جلالته بأن المخرج الوحيد والكفيل بتحقيق الأمن والسلام لا يكون الإ بالحل على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧.إذن طريق السلام واضح، وبناء الثقة واضح يتطلب التوقف العاجل عن الإجراءات التي تؤلب النفوس وتؤجج الصراع في المنطقة وهو ما أكد عليه جلالته عندما قال:» كيف يمكن للناس أن يثقوا بالعدالة العالمية بينما يستمر بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي وتدمير البيوت » وفي هذا نقرأ أيضا مضمون رسالة الملك إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي عليها مسؤولية إرغام إسرائيل على التوقف الفوري عن مثل هذه التصرفات التي تنعدم معها ثقة الناس بالعالم بنوايا هذه الهيئات وجديتها في القيام بدورها على الوجه الصحيح وبالشكل المطلوب.على صعيد متصل كان خطاب الملك فرصة أكد من خلالها على الواجب التاريخي والدور المشرف الذي يقوم به الأردن وسيستمر في حماية المقدسات إعمالا للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين ومدنها كافة وهذا ما يعتبره الملك امتداداً لدور الآباء والأجداد ولا تراجع عنه إطلاقا.الخلاصة تتمثل في حقيقة مفادها أن الملك زعيم عربي ويتمتع بشخصية قيادية عالمية استثنائية ويحسن استثمار المناسبات واللقاءات الدولية وينادي بصوته الحر الجريء الصريح ويقول على الملأ في خاتمة الخطاب: » نتحدث هنا من أجل مصلحة شعوبنا، نتحدث من أجل العائلات والاجيال القادمة، نتحدث من أجل ضحايا النزاعات والتهجير والجوع .



















